رئيس التحرير
عصام كامل

الكتاب والسنة


من المعلوم أن كتاب الله تعالى وسنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله هما أساس مصدر التشريع المتعلق بمنهج ورسالة الإسلام، ثم يأتي بعد ذلك الإجماع والقياس، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي" وفي رواية أخرى : "تركت فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض"..


وكتاب الله عز وجل هو الجامع للأحكام والتعاليم والأوامر والنواهي والحدود والتشريعات الإلهية، وفيه القصص والأمثال للاعتبار والإتعاظ وفيه الدلالات الدامغة العقلية على وجود الله تعالى، ووحدانيته عز وجل، وتفرده بالخلق والنعم والإمداد وقيموميته سبحانه على عوالم الكون، وإدارته وإحاطته سبحانه وتعالى به، وتصريف شئونه على مراده عز وجل، وبيان حكمته من خلق الإنسان واستخلافه في الأرض..

وكذلك بيان كل التكاليف الشرعية التي كلف بها سبحانه عباده المؤمنين، وفيه الوعد والوعيد وأحوال أهل الإيمان وأهل الكفر ووصف الجنة والنار والجزاء في الآخرة والمآل إما إلى جنة أو إلى نار. والله تعالى لم يفرط فيه من شئ فقد ورد فيه ذكر كل شئ..

يقول سبحانه: "وما فرطنا في الكتاب من شئ".. هذا وإذا نظرنا في كتاب الله تعالى نجد أن آياته منها الآيات المحكمات التي هن أم الكتاب والآيات المتشابه والآيات الناسخة والمنسوخة، والتي منها ما نسخ حكما وتلاوة ومنها ما نسخ حكما، وبقت تلاوته، وهذا وعلوم القرآن لا أول لها ولا آخر، منها ما فسرته السنة النبوية المطهرة.

وكتاب الله عز وجل ختم به سبحانه الكتب والرسالات السماوية، وجعله كتابا جامعا وحاويا لكل الكتب والرسالات السماوية السابقة والتي تم تحريف بعضها، وهو الكتاب الذي تعهد الله تعالى بحفظه من العبث به، وإدخال شيء عليه والتحريف حيث يقول عز وجل: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون".. وكتاب الله تعالى يتعبد به عبادة وقراءة. وهو كلام الله الذي النظر فيه عبادة، ولقارئه بكل حرف عشر حسنات، كما جاء في الحديث النبوي الشريف..

وقد وصفه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله بقوله: "كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قسمه الله، ومن إبتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا يمله الأتقياء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا تشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنتهي الجن حتى قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به، من قال به صدق ومن عمل به له أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم"..

هذا وقد ترجمه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم قولا وعملا وحالا وسلوكا، فقد كان عليه الصلاة والسلام كما وصفته أم المؤمنين السيدة "عائشة" رضي الله عنها بقولها: "كان خلقه القرآن". وقد أجمع الصحابة الكرام رضي الله عنهم على أنه صلى الله عليه وسلم كان قرآنا يمشي على الأرض..

عزيزي القارئ، كانت هذه إطلالة سريعة في عجالة على كتاب الله تعالى المصدر الأول للتشريع.. وأما عن السنة النبوية المطهرة هي المصدر الثاني للتشريع، وهي ما إستنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله قولا أو فعلا أو تقريرا أي شئ سمعه من صحابي أو فعل فعله ولم ينكره عليه وأقره..

هذا ويرى الكثيرون من أهل العلم أن السنة النبوية كانت بوحي من الله تعالى لقوله تعالى: "وما ينطق عن الهوى إن هو وحي يوحى علمه شديد القوى".. هذا وقد أوجب الله تعالى على المؤمنين طاعة الرسول الكريم وإتباعه، والأخذ بقوله في آيات كثيرة منها قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا"..

وقوله عز وجل: "من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا".. هذا ولم يترك صلى الله عليه وسلم وعلى آله لنا كبيرة ولا صغيرة تقربنا إلى الله تعالى إلا وقد دلنا عليها، وأمرنا بها، وكان فاعلا لها من قبل ذلك. وكذا لم يترك لنا كبيرة ولا صغيرة تباعد بيننا وبين الله تعالى إلا وقد دلنا عليها ونهانا عنها، وكان منتهيا عنها من قبل ذلك.. ونشهد لحضرته بأنه قد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وكشف الغمة وتركنا على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك..
الجريدة الرسمية