رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

خطاب مفتوح لـ«رئيس هيئة الرقابة الإدارية» (5)


حين نطرق أبوابًا للإبلاغ عن وقائع فساد إداري خطيرة فنجدها موصدة ونكتشف أن خلفها آذانًا صماء، تأبى لإعتبارات غير مبررة أن ترجع إلى الحق، والرجوع إليه بلا شك فضيلة، فلا مناص من طرق باب الوزير «شريف سيف الدين» رئيس هيئة الرقابة الإدارية مجددًا عبر هذا الخطاب المفتوح، خاصة أننا نتحدث بشأن كارثة إدارية قوامها الإنحراف الجسيم في استخدام السلطة.


في البداية نؤكد أن هيئة النيابة الإدارية كانت ولا زالت حصن أمان للموظف العام ورمزًا الاستقامة وعدم المحاباة، وبرز من أبناء تلك الهيئة الموقرة مستشارين أجلاء تركوا بصماتهم خالدة في تاريخ قضاء التأديب، فقد كانوا مثالًا وقدوة في الإدارة والحزم ولا يتسع المقام لذكرهم جميعًا.

ومنذ عدة سنوات إبتُليَتْ الهيئة المرموقة العريقة بمَن سولت له نفسه الانحراف عن المسار القويم، وأخذته العزة بالإثم وأمتطى جواد شهواته ضاربًا بتاريخ الهيئة وبكرامة المنصب المهم عرض الحائط وهتك أستار القانون عن عمد.

بدأت الوقائع بتاريخ 14 يونيو 2016 حيث أصدر رئيس هيئة النيابة الإدارية الأسبق القرار رقم ٢٠٢ لسنة ٢٠١٦ بتعيين أربعة موظفين من الدرجة الثالثة التخصصية في مخالفة صريحة للدستور والقانون، ودون مسابقة للتعيين مستندًا فقط على مذكرة إدارة الموارد البشرية، مؤرخة في اليوم السابق، لصدوره، بما يشير إلى "العبث" بالقوانين واللوائح، الذي تؤكده، أن موافقة لجنة شئون العاملين، كانت في ذات تاريخ صدور القرار، وبما يكشف ويقطع بأن المسألة كلها مجرد "تستيف" وترتيب أوراق، بعيدا عن القانون ومن خلف ظهره.

ففي يوم 13 يونيو 2016، أُعدت إدارة الموارد البشرية بإدارة النيابات، مذكرة ردًا على الطلبات الواردة إليها في نفس اليوم، من مكتب رئيس الهيئة حينذاك بشأن تعيين أربعة موظفين من الدرجة الثالثة التخصصية، وتم عرض هذه المذكرة من الموارد البشرية في اليوم التالي مباشرة (يوم صدور قرار التعيين 202 لسنة 2016) في سرعة فائقة غير مألوفة في الجهات الحكومية.

استهل محرر المذكرة، بالإشارة إلى وجود طلبات مقدمة من أربعة أشخاص نظرًا لظروفهم الخاصة للتعيين، وكأن الظروف الخاصة هي أحد أسباب التعيين، أو أنه يتم تعيين كل صاحب ظروف خاصة حال تقديمه طلبًا، ولعل القارئ يقف معي الآن دقيقة حدادًا على الطيبين من أبناء هذا الشعب الذين لم يجدوا عملًا وضاقت عليهم الأرض بما رحبت حتى أصابهم اليأس والأمراض النفسية لعدم وجود وظيفة شريفة تكفل لهم حياة كريمة.

ونستكمل مع محرر المذكرة الذي أشار إلى أنه بعد تعيين المئات من الموظفين على درجة باحث ثالث تنمية إدارية بالقرار رقم 63 لسنة 2016، والآلاف من الموظفين على درجة كاتب رابع، قبل القرار الكارثة بشهرين فما زالت النيابات تعاني عجزًا شديدًا في الإداريين،، ونفهم من ذلك أن ما لم يسده هؤلاء المُعينون سيسده هؤلاء الأربعة الموظفون.

وتفضل محرر المذكرة بإحاطة رئيس الهيئة، "حينذاك"، بأنه بالتنسيق مع إدارة الموازنة، تم تدبير درجات مالية للموظفين الأربعة، وما لبث محرر المذكرة يسترسل في العرض القانوني موضحًا نص المادة 185 من دستور جمهورية مصر العربية والمتضمن "تقوم كل جهة أو هيئة على شئونها"، مؤكدًا استقلال النيابة الإدارية في ضوء نص المادة 197 من الدستور، وهو استشهاد صحيح، لكنه "حشر" للنص الدستوري في غير محله.

ورفع محرر المذكرة الأمر إلى مدير إدارة النيابات في ذلك الحين والذي أشر بعبارة "أوافق"، ولعلي لا أتجاوز إن قلت أن المعمول به هو التسلسل الوظيفي الذي يوجب تأشير "العضو الفني المشرف على الموارد البشرية" على تلك المذكرة بالعرض على وكيل إدارة النيابات للشئون الإدارية الذي يقوم بدوره برفعها إلى مدير إدارة النيابات، إلا أن ذلك الأمر لم يحدث..

وبما يعني أن الأمر لم يكن يحتمل التأجيل لأن رئيس الهيئة أوشك على الرحيل حيث كان يجمع أوراقه المبعثرة، فلا بد من تحقيق كافة رغباته دون مناقشة أو معارضة، وبعد هذه المذكرة الصادرة عن مدير عام الموارد البشرية في 13 يونيو 2016، فإن العمل يجري على قدمٍ وساقٍ لسد العجز في النيابات من الإداريين ومن ثم انعقدت في اليوم التالي لجنة شئون العاملين.

انعقدت اللجنة بكامل تشكيلها ودون اعتذارات ووافقت كذلك بالإجماع بالطبع على تعيين الأربعة موظفين، وذلك خلافًا للمعمول به من عرض لجان شئون العاملين في بداية كل شهر، ودون عرض عدد من الموضوعات، كما هو معتاد حال انعقاد اللجنة الواحدة، وبما يكشف على إحاطة الأمر بالسرية، وعدم إرتباط أمر تعيين الأربعة بأي موضوعات أخرى، حتى لا يكون هذا الارتباط سببًا لتداول أمر هذا التعيين السري أو الطعن على القرار في المواعيد القانونية.

وخلا محضر لجنة شئون العاملين المؤرخ 14 يونيو 2016 من بيان أسماء أعضاء اللجنة إكتفاءًا بذكر المُسمى الوظيفي لكل منهم، وهذا خلافًا للمعمول به في كافة اللجان الأخرى وعلى مر العصور، حيث أخفى أعضاء اللجنة أسماءهم في التوقيعات مكتفين بـ "الفيرمة" عدا مديري الشئون المالية والإجازات وهما قطعًا حسنا النية، ولكن أسماء السادة أعضاء اللجنة معروفة وعند إنكار التوقيعات يكون ثابتا قبلهم لحصولهم على البدل المالي عن تلك الجلسة.

ومما لا يمكن وصفه إلا تعمد انتهاك القانون، هو ما ورد بمحضر اللجنة بشأن التعيين بغير طريق الامتحان وفقًا لنص المادة ١٨ فقرة ٣ من قانون العاملين المدنيين بالدولة المعمول به حينذاك، رغم أن المادة 17 من القانون المذكور تنص على أن (تعلن الوحدات عن الوظائف الخالية التي يكون التعيين فيها بقرار من السلطة المختصة في صحيفتين يوميتين على الأقل، ويتضمن الإعلان البيانات المتعلقة بالوظيفة وشروط شغلها).

وبتاريخ 14 يونيو 2016 صدر قرار رئيس الهيئة (حينذاك) رقم ٢٠٢ المخالف لنص المادة 18 من قانون العاملين المدنيين بالدولة بتعيين الأربعة المذكورين إستنادًا على محضر لجنة شئون العاملين في ذات اليوم، وفي إطار إجراءات مكوكية لا تتجاوز 24 ساعة لتلبية مطالب الشباب ذوي الظروف الخاصة، وكذا سد العجز الشديد في النيابات وحرصًا على مصلحة الهيئة والصالح العام ليكون طعنة في قلب كل شاب يسعى لنيل حياة كريمة بجد واجتهاد وتحديًا للجميع مستندًا على انعدام المصلحة لأي طاعن على القرار لعدم وجود إعلان أو مسابقة أو إجراءات، والأمر إليك، يا سيادة، رئيس هيئة الرقابة الإدارية الموقر وأمام الله، فانظروا ماذا تأمرون.. وللحديث بقية
Advertisements
الجريدة الرسمية