رئيس التحرير
عصام كامل

الصلاة على نفقة الدولة


شارع النيل بالجيزة واحد من الشوارع التي لا ترحمها الزحمة إلا في الإجازات الرسمية أو أيام الجمعات، نستمتع نحن وغيرنا من سكان الشارع في أيام الرحمة من الزحام المروري وضوضاء آلات التنبيه التي تستخدم في بلادنا تعبيرا عن الفرح وأحيانا عن الغضب.. يبدو الشارع في يوم الجمعة كما لو كانت قد عادت إليه بعض ملامح السكينة والهدوء والجمال وصفحة النيل المختفية خلف بنايات النوادى تنادي العاشقين والحالمين والمحبين دون جدوى.


يقطع علينا هذه اللحظات في بعض الأحيان وافد جديد علينا.. رأينا تفاصيل حضوره قبل أن نراه.. عدد من سيارات الدفع الرباعي ومثلها أو ضعفها من سيارات الشرطة وعدد من أبنائنا ضباط الشرطة يتراصون في الشارع وبجوار الأرصفة وعدد غير قليل من موتوسيكلات الشرطة ضخمة الجثة عالية الصوت تجوب الشارع مجيئا ورواحا.. السيارات أمام مسجد النيل تتراص صف ثان مخالف حسب قواعد الشرطة، وهي ذاتها سيارات الشرطة، وأخرى تابعة لأحد المحافظين الذي جاء ليصلي معنا.

رائع أن يصلى المحافظ مع الناس، فربما يلتقط خيط مشكلة أو يرى بأم عينه ملمح فوضى أو يتحادث مع ملح الأرض من "الغلابة" الذين يجدون ضالتهم المنشودة في هدوء يعقب صلاة الجمعة ومافيها من روحانيات، غير أن هذه الروعة تتحول إلى فزع كبير ومشهد من مشاهد الزمن الغابر ورؤية من رؤى عصر كنا قد ظننا أنه ولى عندما تكون صلاة المحافظ على نفقة الدولة..

كم عدد لترات البنزين التي يتم إنفاقها لأن المحافظ يرغب في صلاة الجمعة مع الناس؟ كم عدد الموظفين والضباط والجنود المكلفين بمصاحبة الرجل من منزله أو محافظته إلى المسجد والعودة به سالما إلى حيث يريد.. هذا الكم الضخم من المصاحبين لفخامته هل يحصلون على يوم عمل إضافي؟! هل تصرف لهم مكافأة الجمعة؟! وخط سير سيارات الشرطة ماذا يكتب فيها؟! وخط سير سيارات المحافظة ماذا يدون فيها؟!

المثير أن المصلين لا يعرفون الرجل ولا يعرفون أصحابه فلماذا يدفعون ثمن صلاة المحافظ؟ الصلاة عبادة لا يجب أن تتم على نفقة الدولة؛ لأنها عبادة لو أراد صاحبها أن يؤديها فليؤدها على نفقته الخاصة!
الجريدة الرسمية