رئيس التحرير
عصام كامل

الغاضبون من «لجنة الحكومة».. حذروا من خطورتها.. وقدموا البدائل الجيدة لإنعاش سوق الاستثمار الأجنبي.. «جنيدي»: لن تحقق المستهدف منها.. ومصر لا تمتلك خريطة استثمارية حقيقية

الدكتور مصطفى مدبولى
الدكتور مصطفى مدبولى

«مجموعة عمل مصغرة».. حل لجأت إليه حكومة الدكتور مصطفى مدبولى خلال الأيام القليلة الماضية، في إطار مساعيها لجذب وتشجيع دخول الاستثمار الأجنبي إلى السوق المصرية، والتي تضم في عضويتها كلا من وزارة (الاستثمار، المالية، والصناعة)، وتهدف إلى وضع الخطط والإستراتيجيات اللازمة، لجذب كبار المستثمرين على مستوى العالم، وتيسير دخولهم لمصر، وضخ استثماراتهم.


وبدأت الحكومة تحركاتها في هذا الشأن من خلال وضع قاعدة بيانات شاملة أعدتها وزارة التجارة والصناعة، تضمنت الشركات العالمية التي يتم استهدافها للجذب للاستثمار في مصر، في قطاعات (النفط والطاقة، الحديد والصلب، صناعة الأثاث والمنتجات الخشبية، صناعة الأسمدة والبتروكيماويات، وصناعة إطارات السيارات، قطاع الصناعات الغذائية، صناعة الأسمنت، صناعة الإنتاج الزراعي، وصناعة المنسوجات).

عدم ترحيب
المثير في الأمر هنا أن الخطوات التي تتخذها الحكومة فيما يتعلق بدفع عجلة الاستثمار، لم تجد ترحيبًا لها من جانب المستثمرين، فبحسب محمد جنيدى، نقيب المستثمرين الصناعيين، فإن «الحكومة تسير في اتجاه بعيد تماما عن الاتجاه العملى الذي يمكنه جذب المستثمرين الأجانب والشركات الكبرى حول العالم، وأن المنظومة التي تحكم الاستثمار في مصر لن تحقق المستهدف منها، حيث إنها أفكار قديمة اعتمدت عليها حكومات التسعينيات وبداية الألفية الجديدة ولم تحقق أي من أهدافها حتى الآن».

«جنيدى» أضاف: سياسة تشكيل لجان ولجان منبثقة لن تحقق المستهدف منها خاصة أننا ليس لدينا خريطة استثمارية حقيقية يمكن أن يستخدمها الممثلون التجاريون في السفارات المصرية في الخارج للترويج للاستثمار في مصر، والحكومة عملت خلال العامين الأخيرين على الحد من الواردات من 90 مليار جنيه إلى 48 مليار جنيه، إلا أن ذلك التوجه لم يقدم جديدا يذكر بسبب استمرار السياسات القديمة في إدارة الاستثمار في مصر حتى وقتنا الحالى.

كما أكد أن «الدول الأخرى تستعين بالممثلين التجاريين في البلدان الأخرى في رسم خريطة ذهنية وعلمية للمستثمرين بتلك الدول ورغباتهم وأهم استثماراتهم وقدراتهم الاستثمارية وخبراتهم في المجالات كافة، وبالتالى يمكن تحديد قدراتهم الاستثمارية والمناطق التي يجب أن يضخوا فيها استثماراتهم، وبالتالى تتم مخاطبتهم من خلال عقد لقاءات مع منظمات الأعمال في تلك الدول، وتقديم حوافز الاستثمار المتاحة أمامهم».

وأكمل: مصر تتعامل بقانون حوافز استثمارية صدر منذ عام 1958، في الوقت الذي يعين فيه وزير الصناعة نحو 85% من أعضاء اتحاد الصناعات وهو ما يعنى أنه لن يتحرك أحد بالشكل المطلوب لتحقيق عمليات جذب حقيقية للاستثمار الأجنبى.

المستثمر الأجنبي
نقيب المستثمرين الصناعيين، شدد أيضا على أن المستثمر الأجنبي يستهدف تحقيق أقصى درجة من درجات الاستفادة، رافضا ما وصفه بـ«التزوير المعنوى» لبعض المسئولين الداعين للاستثمار، دون الإعلان عن الحوافز الاستثمارية الحقيقية، ومشيرا إلى أن ما يسمى بدعم الصادرات ليس حقيقيا، فالعديد من المصدرين لم يحصلوا على مستحقاتهم منذ عام 2016، في حين أن الدولة تجبر المستثمرين على دفع فوائد بنسبة 25% على المتأخرات والمديونيات وهو ما يعنى ظلما للمستثمرين وتنفيرا من الاستثمار.

وتابع: علاقة الإذعان بين المستثمرين والحكومة تقلل من فرص الاستثمار، كذلك فالقوانين لا تزال سيئة السمعة ولا توجد حوافز حقيقية للمستثمرين، لذلك أدعو الدولة لإعادة النظر في سياساتها، ودراسة تجارب الدول المجاورة كالإمارات العربية التي ترسل الملحقين التجاريين للمستثمرين في بلدانهم، ومعهم حوافز كثيرة تتمثل في انخفاض أسعار الأراضى بشكل تكاد تكون مجانية، إضافة إلى تقديم الإقامات ومنح الجنسية، وهو ما يهتم به المستثمر الأجنبى.

وزارة اللا مستحيل
في نفس السياق قال أسامة التابعى، رئيس جمعية مستثمرى دمياط: في الوقت الذي تشكل دولة الإمارات المتحدة « وزارة اللا مستحيل» تبحث الحكومة في مصر عن تشكيل لجنة من مجموعة عمل مصغرة من الوزارات كالاستثمار، والمالية، والصناعة، لجذب كبار المستثمرين على مستوى العالم وهو ما يعنى أننا معزولون تماما عن كل ما هو جديد في العالم.

وأضاف: الدول المجاورة تقدم حوافز حقيقية للمستثمرين الأجانب كالأرض المجانية وخفض الضرائب، وتسهيل آليات التخارج وإدخال الأموال، كذلك توفير الأراضى المرفقة والعمالة المدربة، في الوقت الذي يواجه فيه المستثمر المحلى العديد من المعوقات المتمثلة في أداء موظفى الحكومة والروتين المنتشر في كل جوانب الدولة، وعدم توفير الخدمات ومشكلات التصدير وصعوبات استيراد المواد الخام لبعض السلع.

وتابع: لا بد من تفعيل دور الملحقين التجاريين في الدول المستهدفة، وإمدادهم بالمعلومات والخرائط الاستثمارية والمزايا الاستثمارية والحوافز، إلى جانب العمل على عقد لقاءات مع الشركات الكبرى في دولهم لتسهيل إجراءات ضخ استثماراتهم في مصر، مع ضرورة أن تتدخل الدولة للقضاء على البيروقراطية والفساد وتسهل إجراءات انتقال الأموال والاستثمارات من مكان إلى آخر.

تحديات
أما محمود الشندويلى، رئيس جمعية مستثمرى سوهاج، فقال: رغم توصيات القيادة السياسية بحل أزمات المستثمرين المحليين والجهود المبذولة لتنمية العنصر البشرى في المناطق الصناعية في مصر بشكل عام وبخاصة في الصعيد، إلا أنه لا تزال هناك مشكلات كبيرة للغاية تواجه المستثمرين.

«الشندويلي» طالب الدولة بتمويل المشروعات المحلية القائمة لتكون دليلا للمستثمرين الأجانب على تحسن مناخ الاستثمار، رافضا مبدأ الشو الإعلامي الذي تتبعه الحكومة للترويج لمشروعات فاشلة دون اتخاذ إجراءات حقيقية، إلى جانب العمل على وقف الإجراءات الجنائية ضد المستثمرين، من أجل تشغيل العمالة والمصانع المتوقفة وجذب المستثمرين الأجانب، كما يجب أن يكون لجمعيات المستثمرين دور في جذب الاستثمار الأجنبى من خلال المساهمة في تطوير وتدريب العامل الفنى.

في حين قالت الدكتورة يمن الحماقى، أستاذ الاقتصاد، جامعة عين شمس: خطة الحكومة لإنشاء لجنة يكون هيكلها كل الوزارات فكرة جوهرية لم يتم التفكير فيها أو تنفيذها على مدار العقود الماضية، وخاصة في جذب الاستثمارات الأجنبية، على اعتبار أن المستثمر ينهى غالبية الإجراءات ما بين وزارة الاستثمار وعدد كبير من بقية الوزارات، وأضافت: فكرة عمل كيان أو لجنة كما سيتم تسميتها سيكون له صدى كبير في جذب مزيد من الاستثمارات لأن كل المعوقات سيتم إزالتها وسيتحقق الهدف الذي ندعو إليه من سنوات بعيدة وهو التكاتف بيت الوزارات في الحكومة سواء لجذب استثمار من الخارج أو للتسهيل على المستثمر في الداخل.

من جهته قال رامى جادو، خبير اقتصادي: معدلات جذب الاستثمارات الأجنبية تضاعف خلال السنوات الماضية والدليل كم الشركات والمستثمرين الأجانب الذين لديهم الرغبة للاستثمار في مصر وضخ استثمارات جديدة في مصر، كما أن التنسيق بين وزارات المجموعة الاقتصادية داخل الحكومة ظهر دوره بشكل كبير خلال المرحلة الحالية، ولعب دورًا كبيرًا في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية