رئيس التحرير
عصام كامل

انقلابات وثورات.. تاريخ تداول السلطة "المتوتر" بين حكام السودان

مظاهرات السودان
مظاهرات السودان

شهدت دولة السودان عبر تاريخها العديد من الأزمات والتقلبات السياسية والاجتماعية، والتي تحكمت في مصير كل من حكمه بداية من الفريق إبراهيم عبود، وصولا للرئيس عُمر البشير الذي أعلنت القوات المسلحة عزله عن السلطة.


وفي بيان صدر أمس الخميس، أعلن الفريق أول عوض بن عوف، وزير الدفاع السوداني، عزل الرئيس عمر البشير من منصبه واعتقاله في مكان آمن.

وترصد "فيتو" تاريخ تداول السلطة بين حكام السودان والذي جاء كالتالي:

إبراهيم عبود
تولى الفريق إبراهيم عبود منصب رئيس جمهورية السودان ورئيس الوزراء السوداني في الفترة من 1958 وحتى 1964 م.

وولد "عبود" بشمال السودان من قبيلة الشايقية، وتخرج في كلية جوردون التذكارية "جامعة الخرطوم حاليًا" عام 1917 م، ثم التحق بالمدرسة الحربية وتخرج فيها عام 1918م، وعمل بسلاح قسم الأشغال العسكرية بالجيش المصري حتى انسحاب القوات المصرية في عام 1924، حيث انضم إلى قوة دفاع السودان.

وعمل أيضا في سلاح خدمة السودان وفرقة العرب الشرقية وفرقة البيادة، وعين قمندانًا لسلاح خدمة السودان عند السودنة ثم ترقى إلى رتبة أميرالاي عام 1951م، ثم نقل إلى رئاسة قوة الدفاع كأركان حرب ثم ترقى إلى منصب نائب القائد العام عام 1954م.

وقاد "عبود" أول انقلاب عسكري بالسودان في نوفمبر 1958 م، وكان انقلابه في الحقيقة استلامًا للسلطة من رئيس وزرائها آنذاك عبد الله خليل عندما تفاقمت الخلافات بين الأحزاب السودانية داخل نفسها وفيما بينها، وكانت خطوة تسليم رئيس الوزراء السلطة للجيش تعبيرا عن خلافات داخل حزبه، وخلافات مع أحزاب أخرى.

وبعد توليه السلطة، أوقف العمل بالدستور وألغى البرلمان، وقضى على نشاط الأحزاب السياسية، ومنح المجالس المحلية المزيد من السلطة وحرية العمل، وبارك انقلابه القادة الدينيون في ذلك الوقت لأكبر جماعتين دينيتين السيد عبد الرحمن المهدي زعيم الأنصار، والسيد على الميرغني زعيم طائفة الختمية، فيما انخرط في معارضته معظم الأحزاب السودانية، وقاد المعارضة الصديق المهدي رئيس حزب الأمة.

اتجه حكمه باتجاه التضييق على العمل الحزبي والسياسي، كما حل الأحزاب وصادر دورها، واتخذ سياسة فاقمت من مشكلة جنوب السودان حيث عمل على أسلمة وتعريب الجنوب، لتطيح به ثورة أكتوبر الشعبية 1964 م، واستجاب لضغط الجماهير بتسليم السلطة للحكومة الانتقالية التي كونتها جبهة الهيئات.

جعفر النميري
ينتسب جعفر النميري إلى قبيلة الدناقلة وهي من القبائل النوبية في شمال السودان، درس بمدرسة الهجرة بأم درمان والوسطى الابتدائي بمدرسة ود مدني الأميرية ثم مدرسة حنتوب وبعد ذلك تقدم لكلية الخرطوم الجامعية، ولكنه آثر الالتحاق بالكلية الحربية السودانية لأسباب مادية عام 1950م، وتخرج في الكلية الحربية بأم درمان عام 1952، وحصل على الماجستير في العلوم العسكرية من فورت ليفنورث بأركنساس بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1966.

وفي يوم 25 مايو 1969م بثت إذاعة أم درمان بياناُ للعقيد أركان حرب جعفر محمد النميري معلنًا استيلاء القوات المسلحة السودانية على السلطة في البلاد، وتم تكوين مجلسين هما مجلس قيادة الثورة برئاسته الذي ترقى في اليوم ذاته إلى رتبة لواء، ومجلس الوزراء تحت رئاسة بابكر عوض الله رئيس القضاء السابق الذي استقال من منصبه في عام 1964 م، احتجاجًا على قرار حل الحزب الشيوعي السوداني.

وشهدت فترة حكمه عدة أحداث مثيرة بداية من الحرب الأهلية الثانية عندما رفضت فرقة عسكرية في مدينة أكوبو بشرق أعالي النيل بالجنوب الأوامر الصادرة إليها بالانتقال إلى الشمال، كما وقع في عهده أربعة محاولات للانقلاب، وانتهت فترة حكمه عندما سافر في رحلة علاج إلى واشنطن في الأسبوع الأخير من مارس عام 1985، فبلغت مسببات الغضب على نظامه درجاتها العليا.

وخرج الناس إلى الشارع تقودهم النقابات والاتحادات والأحزاب بصورة هزت أعلى نظام أمني بناه نميري في سنوات حكمه، فأعلن وزير دفاع النظام آنذاك، الفريق عبد الرحمن سوار الذهب، انحياز القوات المسلحة للشعب، حين كان نميري في الجو عائدًا إلى الخرطوم ليحبط الانتفاضة الشعبية، ولكن معاونيه نصحوه بتغيير وجهته إلى القاهرة، ليقيم فيها حتى وفاته.

سوار الذهب
ولد في عام 1971، وأثناء محاولة الانقلاب العسكري السوداني للرائد هاشم العطا، رفض تسليم حامية مدينة الأبيض العسكرية عندما كان قائدا لها، حتى استعاد الرئيس الخامس للسودان جعفر نميري مقاليد الحكم بعد أيام قليلة.

وفي أعقاب انتفاضة أبريل 1985 التي أطاحت بحكم جعفر نميري تولى سوار الذهب رئاسة المجلس العسكري الانتقالي ورقي لرتبة المشير، وقد تعهد بعد تسلمه السلطة بأن يتخلى عنها خلال عام واحد لحكومة منتخبه.

أحمد الميرغني
يعد أحمد بن السيد على الميرغني سليل عائلة السيد على الميرغني زعيم طائفة الطريقة الختمية القوية النفوذ بالسودان والشقيق الأصغر للسيد محمد عثمان الميرغني، درس في مدينة أم درمان بالمدرسة الأهلية المتوسطة والمؤتمر الثانوية، وحصل على شهادة الاقتصاد من جامعة كامبردج بلندن بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف.

عمل سفيرا للسودان في مصر، ووزيرا لوزارة الخارجية السودانية بين عامي 1979 و1984، وبرز بقوة بعد تسليم الحكومة الانتقالية بقيادة عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب مقاليد الحكم للحكم المدني، وهو أخو رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي محمد عثمان بن السيد على الميرغني، حيث اعتبر أحمد الميرغني أحد قيادات الحزب الناشطين المعتدلين.

ومن أهم الإنجازات التي حدثت في عهده اتفاقية السلام في نوفمبر 1988 بأديس أبابا ما بين الحزب الاتحادي الديموقراطي، والحركة الشعبية لتحرير السودان، وقد دعمت باقي القطاعات الشعبية هذا الاتفاق للسلام فيما عدا الجبهة الإسلامية بقيادة حسن الترابي والتي اعتبرته خيانة للمبادئ الإسلامية.

ونعم السودان بعلاقات أجنبية طيبة وكذلك بعلاقات دولية وقد بدأ بالعمل لإعادة تأهيل المجتمع السوداني وأنظمة الحكم بعد 16 سنة من حكم النميري، ويعتبر النظام الذي حكم به هو آخر نظام منتخب في السودان قبل الانقلاب العسكري الذي أتى بالرئيس عمر حسن البشير إلى السلطة.

عمر البشير
ولد الرئيس السوداني عمر حسن البشير في يناير 1944، في قرية "حوش بانقا" بالقرب من مدينة "شندي" شمال السودان، وبدأ دراسته وحصل على درجة الماجستير في العلوم العسكرية في كلية القادة والأركان عام 1981، ثم الماجستير في العلوم العسكرية من ماليزيا عام 1983، وعضو زمالة أكاديمية السودان للعلوم الإدارية عام 1987.

وقضى البشير القسط الأكبر من حياته بين ثكنات الجيش الذي التحق بصفوفه في سن مبكرة، وارتقى في سلمه إلى أعلى الدرجات، بل كان بوابته إلى الرئاسة عبر الانقلاب العسكري، ففي بدايات حكمه كان البشير يرفض التنازل عن قضيتي علاقة الدين بالدولة ومنح الجنوبيين حق تقرير المصير.

وفي عام 1989 قام البشير بانقلاب عسكري على الحكومة التي كان يتزعمها رئيس الوزراء الصادق المهدي، وتولى منصب رئيس مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني، وهو العام نفسه الذي تقلد فيه منصب رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية السودانية معًا، ليصبح بذلك أول رئيس يقضي أطول فترة حكم في تاريخ السودان.
الجريدة الرسمية