رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا تفشل ريادة الأعمال؟!


في منتدى مجموعة العشرين وخلال الحوار حول النهوض بالاقتصاد العالمي أطلق مجموعة من خبراء الاقتصاد برنامج "تجنب جيل ضائع" لدعم ريادة الأعمال للشباب، وكان أحدهم هي "ماريا بينيللي" المديرة التنفيذية لشركة EY، ويتركز محور أعمال حول إنشاء برامج ومسرعات لريادة الأعمال من الشباب والمرأة، وتوفير آليات التمويل والتدريب ودراسات الجدوى.


واستخدمت مصطلح "محو الأمية المالية" لأن رأس المال بلا إرشاد يعد رأس مال مفقودا، ومن التوصيات كانت إنشاء منصة للتواصل، وأن تعمل الحكومات على خلق مناخ ينمي المواهب الشابة، وتقديم الحوافز الضريبية والقروض للشركات الناشئة، بالإضافة إلى جذب رءوس الأموال للاستثمار في ريادة الأعمال وتمويلها.

أن أجيال من الشباب في العالم تعاني من عدم توافق احتياجات سوق العمل مع مهاراتهم وتعليمهم، لذا فإن المشروعات الفردية وريادة الأعمال هي المحفز للاقتصاد؛ لأن البطالة تمثل رأسمال بشري مهدرا، في حين تمتلك أغلب الدول موارد غير مستثمرة، أيضا اختلاف الأنماط المحركة للاقتصاد؛ لذا تشكل ريادة الأعمال فرصة للنمو الاقتصادي للدول في ظل التباطؤ الاقتصادي للعالم.

كانت فكرة cumunity faculty هي أحد البدائل لتوفير موارد بشرية تناسب احتياجات العمل، وتتغير باستمرار ومرونة، ولا تحدد مجال تعليمي محدد بقدر مرونتها وهدفها لسد الفجوة والقضاء على البطالة.

مؤخرا تم تسريب تقرير مخابراتي عن إيقاف المخابرات الأمريكية للصين من الاستثمار في الشركات الأمريكية الناشئة التي تعمل في مجال الذكاء الصناعي، لما له من أثر على تفوق أمريكا.. عموما تمثل ريادة الأعمال أحد عناصر نمو الاقتصاد الأمريكي.

عادة ما تخفق الدول في دعم ريادة الأعمال لأنها تتبنى نماذج لا تناسبها مثل نموذج "وادي السيلكون"، ولكن ظروف وتوقيت "وادي السيلكون" فريدة، حيث دعم نجاحه جامعة ستانفورد التي تتكامل مع تعليم أمريكي قوي يغذيه كم هائل من المهاجرين المتميزين الذين يحلمون بالهجرة من شتى بقاع الأرض، إلى جانب صناعات أمريكية متطورة مثل السلاح والسيارات والطيران، فاحتضنت الفكرة.

أما الموقع في بيئة أمريكية أسست على دعم الانفتاح والابتكار باعتبار الولايات المتحدة الأمريكية قوة عظمى قادرة على حماية مشروعاتها الرائدة عالميا.

أما تجربة "رواندا" في ريادة الأعمال مبهرة في تصنيف البنك الدولي، نظرا لسهولة ممارسة أنشطة الأعمال، حيث حققت رواندا -التي عانت من الحرب الأهلية والإبادة الجماعية- المركز ٦٧ بعد أن كانت ١٤٣، وذلك بالقضاء على البيروقراطية والفساد، ووصل نصيب الفرد من الناتج المحلي إلى أربعة أضعاف نصيبه في ١٩٩٥ اعتمادا على ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة.

قررت حكومة "رواندا" صياغة نموذج محلي للتنمية، وبحرص فرضت قواعد لتنمية مشروعات صغيرة تناسب العمالة والثقافة المحلية وهي القهوة والشاي والسياحة فقط لا غير، فخلقت ٧٢٠٠٠ فرصة عمل، وتضاعفت الصادرات ثلاث مرات.

كذلك الصين نجحت في التعامل مع الثقافة الاشتراكية وتحفيز الشباب نحو كسر تابوهات الوظيفة الآمنة، واقتحام سوق العمل والمخاطرة نحو النجاح، لذا فإن الثقافة المحلية قد تشكل عائقا ولكن يمكن تعديلها.

وكما حققت الصين معجزتها نجحت "تايوان"، فقد اتخذت القطاع الخاص شريكا رئيسيا، فقد أنشأت منتديات للمديرين والمستثمرين المهاجرين وبمرور الوقت شعروا أن أفكارهم طبقت، فعاد عدد منهم لإنشاء مشروعاتهم في الوطن بالشراكة مع القطاع الخاص.

ولعل فكرة الدعم الاجتماعي قد تكون عقبة؛ لأنها ترفض دعم المشروعات الناجحة فعليا التي تضمن تحقيق نمو اقتصادي، وتهدف المؤسسات عادة إلى المغامرة مع الشباب قليلي الخبرات والقدرات الفنية، وإنما يلزم اكتشاف الشركات الناشئة القادرة على الابتكار والصمود والمنافسة ودعمها إلى ما لا نهاية.. كما فعلت أمريكا مع آبل ومايكروسوفت.

إن منصات ومسرعات ريادة الأعمال في الجامعات التي تستهدف التنمية المستدامة كشعار هي الحاضنة الرئيسية لريادة الأعمال على مستوى موسع؛ لأنها تضم الشباب والعلماء والباحثين من مختلف التخصصات التي يحتاجها رواد الأعمال، بدءا من دراسات الجدوى، وجلب التمويل، ودراسة استراتيجيات الصناعة، ثم الجودة، والتصدير، بل إن هناك مناهج لريادة الأعمال، ولعل تجربة الجامعات الماليزية هي نموذج لتحقيق النمو الاقتصادي الوطني.

فخلقت مناخا من الابتكار والإبداع الذي تحول إلى منتج حقيقي منافس.

أتمنى أن تصل كلماتي إلى متخذ القرار في الحكومة المصرية، فإن دعم المشروعات الصغيرة وريادة الأعمال بلا ابتكار منتج منافس يحقق نمو الصادرات، وبالتالي قدرا من النمو الاقتصادي، هو ناتج عن تطبيق نظريات ونماذج وآليات لا تناسب واقع ومناخ المجتمع وثقافته.. وريادة الأعمال لا تعد رفاهية وإنما هي رأس الحربة للنمو الاقتصادي للدول في ظل المنافسة والتقدم التكنولوجي الذي شكلته حداثيات الثورة الصناعية الرابعة.
الجريدة الرسمية