رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

إدراك مفهوم الاختلاف


خلقنا الله تعالى على اختلاف فيما بيننا، فكل منا له نشأة وتربية ومدركات وآمال بالمنطق ليست متشابهة، وبالتالى فكل منا ينشأ عنه اختلافات في المعاملات اليومية بيننا، حيث قد يرى أحدنا شيئا لا يراه الآخر، وقد تتعارض المصالح فيبدأ النفور والتحدي والعداء.


عدم إيماننا بأننا مختلفون قد يكون السبب الذي يدفع الإنسان إلى قبول المتشابهين معه في صفاته وتفكيره ورفض المختلفين عنه، والسؤال الذي يفرض نفسه كيف يكون هذا وحتى أصابع اليد الواحدة مختلفة؟! إنه إدراك خاطئ لا بد من تغييره.

لقد حبانا الله عقلا من أجل أن نرى الحياة من منظور الحكمة، وعلينا قبول الآخرين بتفهم وحيادية، وأن نبحث عن أوجه الاتفاق قبل أن نرى أوجه الاختلاف، لكوننا الجسد واحد ولا يمكن أن نختار من خلاياه ما يوافقنا ونرفض منه ما يخالفنا الرأي.

المناقشات البناءة هي التي تظهر حقيقة الأمور وتدفع بنا إلى التعلم وعدم التقادم مع مرور الزمان، والجدل لا يمكنه تحقيق أي تقدم، فالطرفان لا يتفقان على إيجاد حل بقدر ما يستعرضون وجهات نظرهم ويصرون عليها، فالهدف الأول هو البحث عن حل بينما الهدف الثاني هو إثبات أن هناك طرفا على حق والآخر على باطل من أجل الانتصار.

عندما نقرأ أيضا نكتشف أن هناك ما لا نعلمه ويعلمه الآخرون، ونتبادل بيننا الأفكار والخبرات من أجل تحقيق التقدم.. إذا ما بيننا من خلافات سببها عدم إيماننا بأننا مختلفون.

هل يمكننا أن نبدأ في إدراك صورة مختلفة عن الحياة، الصورة التي تمنع عنا العداوة والعزلة عن الناس وتدفعنا إلى قبول جسد مختلف فيما بينه ولكنه متفق على هدف واحد وهو حياة الجسد ككل على ظهر الأرض.

عندما نرجع إلى الماضي نكتشف أن هناك خلافات حدثت ولكن عندما نتذكرها الآن نجد أنها لم تكن بالأهمية التي كنا نراها حين وقعت، ونراها الآن بصورة مختلفة بل نجد أنفسنا في دهشة كيف وصلنا إلى عداء مع أشخاص كان يمكننا احتواؤهم وحل مشكلاتنا معهم، ولكننا لم نر وقتها إلا طرفي النقيض، فلم نشعر بالآخرين، ولم ندرك معاناتهم، حقا كنا أنانيين، فليس من العدل أن نطلب ما لم نقدمه نحن أولا..

فلنبدأ صفحة جديدة من حياتنا نراعى الاختلاف بيننا، وما نتفق عليه أكبر مما نختلف فيه، ولنخشى الله في خلقه بالقول الطيب والعمل الصالح، ونزرع خيرا أينما كنا، ولنصلح بين الناس ما دمنا أحياء، ونكون من أسباب الخير لهم.

أعتقد أننا قادرون على ذلك حينما نقرر.
Advertisements
الجريدة الرسمية