رئيس التحرير
عصام كامل

مليون مصري في قبضة «ضمور العضلات».. انتفاضة حقوقية ضد الحكومة لإنقاذهم.. وزارة الصحة ترد: التكاليف فوق طاقتنا.. والدولة مسئولة عن توفير الرعاية بنص الدستور

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

مليون مصري مصاب بمرض ضمور العضلات، ذلك المرض الذي يحمل في داخله مجموعة من الأمراض التي تسبب ضعفًا تدريجيًا في العضلات وفقدانا لكتلتها، وتعطل جينات غير طبيعية «طفرات» لإنتاج البروتين المطلوب للتشكيل الصحي للعضلات.

تحركات حقوقية دؤوبة على مدى خمس سنوات، لإلزام الحكومة المصرية بمسئولياتها في علاج ورعاية مرضى ضمور العضلات، انطلاقًا من حقهم في الحياة، جمعيات أسست من رحم المعاناة، ما بين مصاب قرر أن يطرق باب العمل الأهلي، أملا في الضغط للحصول على الحد الأدنى من حقوقه ومن يعانون مثله، ويدق ناقوس آخر للمجتمع والحكومة، لعلهم يلتفتون إلى مأساة أصحاب المرض.

صرح طبي متخصص
شريفة مطاوع، مؤسس الجمعية المصرية لمرضى ضمور العضلات، ورئيس مجلس إدارتها تكشف جانبًا من المأساة بقولها: "هناك مليون مصاب بمرض ضمور العضلات في مصر، ويعد ضعف العضلات المتزايد هو العلامة الرئيسية لمرض الضمور العضلي، وتبدأ أعراض وعلامات معينة في أعمار مختلفة، وفي مجموعات مختلفة من العضلات، على أساس نوع ضعف العضلات المتزايد".

وأوضحت مطاوع أن إنشاء صرح طبي متخصص لعلاج مرضى ضمور العضلات، وإنشاء دور رعاية خاصة لمن لا يوجد لهم عائل، أهم أهداف أغلب الجمعيات التي تأسست لتوصيل صوت المصابين، مضيفة: «الدولة لا تعترف بالمرض، فهو من الأمراض المزمنة التي تتفاقم مع تقدم العمر، ولا يوجد معاش لهذه الفئة من المرضى، ولا تعتبرهم الدولة من ذوي الإعاقة، وأى شهادة تأهيل تصدر لأحد المرضى، تقابل بمعوقات كثيرة أولها رفض القومسيون الطبى توصيف المرض على أنه إعاقة، ويعلل ذلك بأنه مرض مزمن حالته غير مستقرة».

الحق في العلاج
«لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعایة الصحیة المتكاملة وفقا لمعاییر الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحیة العامة التي تقدم خدماتها للشعب ودعمها، والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافي العادل. وتلتزم الدولة بتخصیص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدریجًیا حتى تتفق مع المعدلات العالمیة، وتلتزم الدولة بإقامة نظام تأمین صحي شامل لجمیع المصریین یغطى كل الأمراض..» حقوق بالجملة كفلتها المادة «١٨» من الدستور كانت حجر الزاوية التي انطلقت منها المفوضية المصرية للحقوق والحريات، في حملتها لدعم مرضى ضمور العضلات.

اتخذت المفوضية المصرية مسارات عدة في التعامل مع مؤسسات الدولة في حملتها لمساعدة أصحاب المرض، ما بين المناشدة والدعاوى القضائية، مؤخرًا ناشدت الحكومة بالالتزام بمسئوليتها في رعاية مرضى ضمور العضلات، وتوفير العلاج لهم الذي يتكلف ٢٢٠ ألف جنيه إسترليني للجرعة، مؤكدة أن الحق في العلاج واحد من الحقوق الأصيلة لكل المواطنين المصريين.

أشكال التصعيد
اللجوء إلى القضاء شكل آخر من أشكال التصعيد، سلكته المفوضية المصرية لحقوق والحريات، في حملتها لمساعدة المرضى، بعد انقضاء عام جديد دون تغییر حقیقي في أزمة مرضى ضمور العضلات في مصر، ووعود رسمية لا تنفذ على الأرض، ولاسيما أن المفوضیة المصریة للحقوق والحریات، تناست بشكل مباشر خلال الأعوام الماضیة العدید من أسر المصابین، والتي تصل تكلفة العلاج الضروري لهم للبقاء على قید الحیاة إلى ملایین الجنیهات سنویا، وأكدت المفوضية، استمرار دعمها مرضى ضمور العضلات في معركتهم القانونیة للحصول على حقهم الدستوري في العلاج، ورفع فریق من محاميَّ المفوضیة المصریة دعوى رقم 44051 لسنة 72 بالقضاء الإداري ضد وزیر الصحة، ورئیس الإدارة العامة للتأمین الصحي لإلزامهم بتوفیر العلاج غیر المتوفر، والذي من شأنه إنقاذ حیاة هؤلاء المرضى.

طبيًا ضمور العضلات مرض له عدة أنواع، منه ضمور العضلات الشوكي، والطرفي، وضمور الأعصاب الذي يصيب آلاف الأطفال والبالغين، وهو مرض وراثي يظهر في الأطفال، وينتهي بهم الحال إلى أن يصبح طفلا معاقا ثم يتوفى بعد سنوات، ولا يزيد عمر هؤلاء المرضى عن 25 عاما، وأغلب الحالات تظهر في زواج الأقارب.

وبحسب مصادر فيتو داخل وزارة الصحة فمنذ ما يقرب من عامين وافقت هيئة الدواء والغذاء الأمريكية على أحدث الأدوية الجينية لعلاج أمراض الضمور بجميع أنواعها، منها ضمور العضلات الشوكي إلا أن تكلفة تلك الأدوية باهظة للغاية، حيث يبلغ تكلفة علاج الطفل لمدة عام 750 ألف دولار!!

لا يوجد علاج
من جانبه قال محمود فؤاد مدير المركز المصري للحق في الدواء: وزارة الصحة أعطت وعودا لإنشاء مراكز متخصصة لإجراء التحاليل والأشعة للمرضي، خاصة أنها تجرى كل 6 شهور وتكاليفها مرتفعة للغاية، لكن شيئا من هذا لم يحدث حتى الآن، متابعًا: "لا يوجد علاج للمرضى الآن، ويرفضهم الأطباء في المستشفيات، لأنهم لا يعرفون تشخيصهم، ولا يوجد أدوية لهم، فضلا عن أنه يوجد في العالم صنفان من الأدوية حصلوا على موافقات هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، ويحارب المرضي منذ عامين لتوفير تلك الأدوية إلا أنها لم تتوفر ولم تسجل في مصر، رغم أنها تعمل على الحفاظ على الجسم من معدلات المضاعفات، وأضاف أن ضمور العضلات ولأنه مرض وراثي يوجد أسر وعائلات كاملة مصابة بالمرض تحتاج إلى مليارات الجنيهات. وكشف عن وجود بعض الأطباء يستغلون المرضي ويوهمونهم بالشفاء في مقابل إجراء أبحاث عليهم للشركات.

أسعار الأدوية
أحد أساتذة المخ والأعصاب وعلاج ضمور العضلات - تحفظ على ذكر اسمه - قال لـ"فيتو" إن المشكلة الرئيسية لمرضي ضمور العضلات هي ارتفاع أسعار الأدوية الجديدة، مشيرا إلى وجود عقارين أحدهما تكلفته 300 ألف دولار سنويا، والعقار الآخر 600 ألف دولار سنويا، وتعمل تلك الأدوية على تأخر تدهور المرض بدلا من أن يصبح الطفل قعيدا في عمر 11، ويظل إلى عمر 18 سنة، موضحا أن العقار الأول نجح المسئولون في بريطانيا في إدخاله إلى بروتوكولات العلاج، بعد رفع قضايا لــ250 طفلا، بينما العقار الثاني رفضوا إدخاله نظرا لارتفاع تكلفته الباهظة، وكشف المصدر عن وجود عقار ثالث عبارة عن حقن في النخاع الشوكي لمرضي ضمور العضلات، يتم أخذها لمدة عامين وتصل تكلفتها إلى 25 مليون جنيه مصري، لافتا إلى أن الشركة المنتجة وعدت بتخفيض سعر الدواء إلى 15 مليون جنيه للطفل على عامين، ويظل كل 3 شهور يحصل على حقنة إلا أن دولا كثيرة منها بريطانيا قالت بأنها لأي وقت سوف تظل تنفق كل تلك المبالغ، بينما الولايات المتحدة الأمريكية وفرته للأطفال حديثي الولادة مجانا، لافتا إلى أن الأمل في وجود دواء جينى لضمور العضلات من خلال حقنة واحدة أو حقنتين إلا أن ثمنه لن يقل عن 750 ألفا إلى مليون دولار وهى تكلفة مرتفعة للغاية، وقدم أستاذ المخ والأعصاب عددا من الحلول منها وجود حملة لمرضي ضمور العضلات وإنشاء مراكز متخصصة تقدم الرعاية الكاملة من خلال تشخيص المرض، خاصة أنه يصعب تشخيصه حاليا، بالإضافة إلى توفير التحاليل الجينية للمرضي وتوفير التشخيص السليم لهم ولأسرهم، وتوفير كافة الخدمات الطبية والنفسية سواء العلاج الطبيعي والتغذية وعلاج التشوهات، مشددا على ضرورة تكاتف كل جهات ومؤسسات الدولة والتوعية بمنع زواج الأقارب حتى لا تنجب الأمهات أطفالا مصابين بنفس المرض، وطالب بضرورة إنشاء صندوق قومى لمرضي ضمور العضلات، وتكون الدولة مسئولة عنه.

‫نقلا عن العدد الورقي
الجريدة الرسمية