رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

وكيل لجنة الري بالبرلمان: التكلفة المرتفعة لفدان البطاطس دفعت الفلاح للإحجام عن زراعتها

فيتو

  • «تصدير البطاطس» أسهم في زيادة معدلات الأزمة
  • غياب التنسيق بين الوزارات تسبب في استمرار أزمة «الذهب الأبيض»
  • أطالب الحكومة بمنح المزارعين قروضا «بفائدة بسيطة»

«الحكومة تتحمل المسئولية».. حقيقة تمسك بها النائب هشام الحصري، وكيل لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، عند الحديث معه حول الأسباب التي أدت إلى الزيادة التي شهدتها أسعار الخضراوات في الأسابيع القليلة الماضية.

«الحصري» كان واضحًا عندما رفض الاكتفاء بتحميل المسئولية – كما يحاول البعض- للتجار والمزارعين، مؤكدًا أن الأزمة أكبر من التجار الراغبين في تحقيق مكاسب وأرباح مرتفعة، ومشيرًا إلى أن غياب الحكومة عن المشهد، وعدم امتلاكها الخطط الكافية لمتابعة المحاصيل، سبب رئيسي وأساسي فيما تشهده الأسواق حاليًا. 

«نحن على أعتاب كارثة زراعية».. حقيقة ثانية أوردها وكيل «زراعة النواب» خلال الحديث معه، حيث أشار إلى أن الموسم المقبل من الممكن أن يشهد تراجعا كبيرا في إنتاجية محصولي القمح والقطن، بعد الغياب الحكومي شبه الكامل عن المشهد، وترك الفلاح يعاني الأزمات منفردًا، مطالبًا بالتحرك العاجل لإنقاذه وامتلاك خريطة واضحة المعالم للمساحة المتوقع زراعتها بالمحاصيل الإستراتيجية. 

«الحصري» قدم أثناء الحديث معه ثماني خطوات مطالبًا الحكومة باتخاذها للتقليل من الأزمات التي تشهدها الأسواق، ومواجهة التحديات المستقبلية.. وعن تفاصيل الخطوات تلك، وأمور أخرى كان الحوار التالي:


بداية.. ما أسباب ارتفاع أسعار الخضراوات خاصة البطاطس والطماطم خلال الأسابيع القليلة الماضية؟
هناك عدة أسباب أدت إلى الزيادة التي تشهدها أسواق الخضراوات مؤخرًا، أولا بالنسبة للبطاطس فتكلفتها عالية على المزارع، حيث تتعدى تكلفة الفدان الواحد أكثر من ٢٠ ألف جنيه، وهو ما دفع الغالبية للتراجع عن زراعتها بعد تكبدهم خسائر العام الماضي، وهو ما أدى ذلك إلى نقص إنتاجها العام الحالي وبالتالي زيادة أسعارها بسبب زيادة الطلب عن المعروض، مع الأخذ في الاعتبار أنه لا يوجد سعر محدد لها.

لكن هناك أصوات وجهت أصابع الاتهام تجاه تجار البطاطس واتهمتهم بـ«تعطيش السوق» لتحقيق مكاسب.. تعقيبك؟
ليس دفاعا عن التجار، لكنني أرى أن هذا الاتهام في غير محله ولا منطق فيه، لأن الطبيعي أن البطاطس يتم تخزينها كل عام، لتكفي استهلاك المواطنين في فترات عدم زراعتها، فلماذا حدثت الأزمة هذا العام؟! 

وأريد أن أشير هنا إلى أنه قد يكون هناك بعض التجار أو المزارعين لجأوا إلى تخزين كميات كبيرة، في بداية الموسم هذا العام، في ظل تدني الأسعار في ذلك الوقت، حيث لم يكن بيع المحصول يغطي تكاليف الإنتاج، الأمر الذي أدى إلى قلة المعروض في السوق ورفع الأسعار بالتالي، في ظل تراجع المساحات المزروعة من الأساس، وهو ما أراه تصرفًا تجاريًا طبيعيًا، ولا أزال أرى أن السبب الرئيسي لأزمة البطاطس يرجع إلى «نقص الإنتاج».

صراحة.. إلى أي مدى أسهم «تصدير البطاطس» في تفاقم الأزمة؟
بالفعل.. لكن لا نلوم على المصدرين، فهم ينفذون تعاقدات موقعة من قبل، ولديهم التزامات تجاهها، وحال الإخلال بها سيفقد مصداقيته ولن يعمل في التصدير مرة أخرى، كما أشير إلى أن تصدير البطاطس يتم كل عام، لكن الذي أدى إلى تفاقم الأزمة هو نقص الإنتاج العام الحالي.

هذا فيما يخص «البطاطس».. ما الأسباب التي أدت إلى ارتفاع أسعار الطماطم؟
مشكلة الطماطم، جاءت نتيجة صنف تقاوي حدث فيه مشكلة يسمى ٠٢٣ تنتجه شركة أجنبية، ونزرع منه ٨ آلاف فدان تقريبا، والعرض محل فحص من جانب وزارة الزراعة حاليا.

ومن يتحمل المسئولية هنا.. سواء نقص إنتاج البطاطس أو مشكلة تقاوي الطماطم؟
الحكومة تتحمل تلك المسئولية، لأنه من الواجب عليها أن تتأكد كل عام في بداية موسم كل محصول من مدى تحقيقه طلب الاستهلاك المتوقع بالسوق المحلي، وكذلك عليها الإعلان عن أسعار تلك المحاصيل، وهو الأمر الذي لا يحدث وتترتب عليه حدوث مشكلات بشكل مفاجئ، نتيجة قلة الإنتاج وزيادة الطلب، كما عليها أن تتابع استيراد التقاوي واختيار الأصلح والأفضل منها. 

وأريد أن أشير هنا أيضا إلى مشكلة محصول القطن، التي لم تتمكن الحكومة من حلها حتى الآن، بسبب غياب التنسيق بين وزاراتها، حيث تمتنع عن استلام القطن من المزارعين، الأمر الذي سيضطر المزارعين لعدم زراعة القطن العام المقبل، في الوقت الذي تستهدف الدولة زيادة المساحات المزروعة قطن وعودة القطن المصري لسابق عرشه، وهو ما يعد يعد كارثة.

كما أحذر أيضا من كارثة أخرى ستحدث العام المقبل، وهي عزوف غالبية المزارعين والشركات الكبرى التي تزرع القمح، عن زراعة ذلك المحصول الإستراتيجي العام المقبل، حتى لا يتعرضون لخسارة فادحة، بعدما تخلت الحكومة العام الحالي عن تحديد سعر القمح، حيث لدى معلومات عن اتخاذ تلك الشركات الكبرى، قرار بعدم زراعة القمح العام المقبل. 

ذكرتَ أسبابًا لزيادة أسعار البطاطس والطماطم، لكن ماذا عن مختلف أنواع الفواكه، ما السبب في ارتفاع أسعارها؟
أرى أن ذلك يعود هو الآخر، لضعف الإنتاج أيضا، وذلك بسبب غياب دور المرشد الزراعي، حيث لم يوجد مرشدين زراعيين مثلما كان من قبل في السبعينيات والثمانينيات، حيث خرج غالبية المرشدين إلى المعاش، ولم يتم تعيين مرشدين جدد، ما أدى إلى غياب دور الإرشاد الزراعي، وبالتالي أصبح الفلاح يتعامل مع الزراعة بشكل عشوائي، ما أدى إلى نتائج سلبية على أغلب المحاصيل والفواكه.

وكيف يمكن مواجهة الأزمات تلك؟
أولا: على الدولة أن تعلن عن سعر المحاصيل الإستراتيجية قبل زراعتها بشكل كافٍ، حتى يستطيع الفلاح اتخاذ قرار زراعتها من عدمه.
ثانيا: تقديم دعم للفلاح الذي يزرع المحاصيل الإستراتيجية، مثل القطن والقمح والذرة، بحيث أن يتمكن من تحقيق هامش ربح مناسب، وهو ما يأتي تفعيلا لنص الدستور في المادة ٢٩ .

ثالثا، أن تكون لدى الحكومة خريطة متوقعة بالمساحات المزروعة، في بداية كل موسم، للتأكد من مدى كفاية الإنتاج للاحتياجات والاستهلاك المتوقع منعا لوقوع أزمات. 

رابعا: زيادة الرقابة على البذور المستوردة من الخارج، وأن تكون إشراف وزارة الزراعة بالكامل، بعيدا عن سيطرة الشركات، وحال حدوث مشكلة في أحد الأصناف لا بد أن تعوض الشركة الفلاح، على أن يتم ذلك تحت رقابة الحكومة. 

خامسا: لا بد أن تمتلك الحكومة خريطة زراعية واضحة المعالم، تشمل التركيب المحصولي، للحفاظ على التربة، وهو ما يتطلب عودة الدورة الزراعية مرة أخرى، لتقليل أمراض التربة. 

سادسا: العمل على تطوير الري بالدلتا، ليكون باستخدام طرق الري الحديثة مثل التنقيط، لتوفير المياه، حيث يمكن زراعة ثلاثة أفدنة بالتنقيط بكمية المياه نفسها التي يحتاجها فدان واحد بالغمر، وهنا أطالب بدعم الفلاح ماليا بقروض من خلال البنك الزراعي ليتمكن من استخدام الوسائل الحديثة للري، دون فوائد أو بفائدة بسيطة. 

سابعا: تشديد الرقابة على تجارة الأسمدة، لضمان توصيل الدعم إلى الفلاح، حيث نجد أن سعر طن سماد اليوريا بالجمعيات بنحو ٣٢٠٠ جنيه، في حين يصل سعره في السوق الحر ٦ آلاف جنيه، وهو ما يجعل ضعاف النفوس بالجمعيات الزراعية يبيعون اليوريا المدعم لشركات الاستثمار الزراعي الخاصة، ليحققوا أرباحا من وراء ذلك، وهنا اقترح أن يتم إلغاء ذلك النظام، وتقديم دعم السماد للفلاح في صورة دعم نقدي، على بطاقة الحيازة الزراعية، أو في صورة زيادة في أسعار المحاصيل الزراعية عند توريدها.

ثامنا: يجب العمل على تفعيل دور مراكز البحوث الزراعية، لتؤدي دورها في استنباط أصناف جديدة تحقق التوسع الرأسي في الزراعة، ورصد مكافأت مناسبة للأساتذة، الذين يكتشفون أصنافا جيدة.

ما المقصود بمصطلح «التوسع الرأسي»؟
تحقيق إنتاج بشكل مضاعف من المحصول وكذلك دون استخدام كميات كبيرة من المياه، حيث نعاني حاليا انهيار الرقعة الزراعية، إضافة إلى مشكلة المياه وبالتالي يكون عليها التوسع الرأسي لمواجهة تلك المشكلات، من خلال تعظيم دور العلم، وهو ما تقوم به دول العالم كافة حاليا.

وأشير هنا إلى أنني شاركت مؤخرًا – بصفة شخصية، في مؤتمر دولي أقيم في سنغافورة عن التغيرات المناخية وتأثيرها على الزراعة وكيفية مواجهة ذلك علميا، شاركت فيه غالبية دول العالم التي تزرع أرزا بكميات كبيرة، إلا أن مصر لم تشارك رسميا في ذلك المؤتمر.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"...
Advertisements
الجريدة الرسمية