رئيس التحرير
عصام كامل

محاكمة رئيس الجمهورية


سقط النظام وأرغم الثوار رئيس الجمهورية على الرحيل، بعد أن سقط منهم الشهداء والجرحى والمصابين دون أن يتدخل الرئيس لحقن الدماء واستخدام الوسائل الأمنية، والمؤسسات الخاضعة لسلطاته لوقف العنف الذى يتعرض له شباب الثورة السلمية. وأصبح من المحتم محاسبة رئيس الجمهورية باعتباره ـ بحكم موقعه ــ أول المسئولين وصاحب القرار، لأن المسئولية تعنى المحاسبة وما يتبعها من اتهامات.

والمسئولية هي شقيقة السلطة، فكلاهما يملكها صاحب القرار الذى لديه الوسائل الكفيلة بحقن دماء شعبه، وهذا يجعله مشاركا فى المسئولية عن كل قتيل وكل مصاب.

ويقف المحام الذى يتولى الدفاع عن رئيس الجمهورية- أعنى المتهم- ليبين للمحكمة أن موكله لم يصدر أي أوامر تقضى بالتصدى للمتظاهرين بالقوة أو إطلاق النار عليهم، وهو ما اقتنعت به هيئة المحكمة، لكنها رأت أن المتهم لم يستخدم السلطات المكفولة له لوقف العنف الذى أسفر عن سقوط القتلى والجرحى والمصابين بعجز كامل، هو أقرب إلى الموت، وأن المتهم كان يملك من الأدوات ما هو كفيل بمنع ما نال المتظاهرين الذين التزموا بسلمية الثورة، ولم يكن منهم من يحمل السلاح، سواء قنابل المولوتوف أو الخرطوش.

وبناءً على ما ثبت فى حق المتهم- أعنى رئيس الجمهورية- فقد تأكد لدي المحكمة أنه امتنع عن استخدام السلطات المكفولة له بحكم موقعه باعتباره على قمة السلطة ورئيسا للسلطة التنفيذية، وبحكم ما تنص عليه القوانين المعمول بها، والتى كانت تتيح له منع ما وقع من جرائم أسفرت عن سقوط شباب الثورة السلمية، وهو بذلك يعد فى حكم صاحب القرار السلبى الذى يتعارض ما كان يلزمه باتخاذ قرارات إيجابية تمنع ما وقع من أحداث مؤسفة، وقد كان ذلك فى استطاعته بحكم موقعه وبحكم سلطاته، وبذلك يكون مسئولا عن الجرائم التى ذهب ضحيتها شباب من أبناء مصر، وهم من رعيته وعليه رعايتهم وحمايتهم باعتباره رئيسا لهم.

وقد استقر فى وجدان المحكمة مسئوليته عن تلك الجرائم التى لم يتحرك لمنعها ولم يصدر أوامره للأجهزة التابعة له والمؤسسات الخاضعة لسلطاته بحمايتهم، مما يجعل المحكمة مطمئنة الى إدانته.

وتنتهى مشاهد المحاكمة يوم الأربعاء الثاني من يونيو بصدور الحكم الذى ينطق به رئيس المحكمة المستشار أحمد رفعت والذى يقضى  بالسجن المؤبد على رئيس الجمهورية السابق محمد حسنى السيد مبارك.

وعقب ذلك طعنت هيئة الدفاع عن المتهم فى هذا الحكم أمام محكمة النقض التى لا تزال القضية منظورة أمامها والتى قد تقضى بتأييد حكم محكمة الجنايات أو تقرر قبول الطعن وإعادة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتنظرها أمام دائرة أخرى.

والقصة قابلة للتكرار، بل هى أوشكت على أن تتكرر بنفس السيناريو- مع اختلاف فى الأسماء- وقد يظل الاسم الأول للمتهم هو محمد، مع تعديل اسم الأب والجد ولقب العائلة.

ومحكمة جنايات القاهرة جاهزة للانعقاد فى التجمع الخامس لتصدر حكمها فى القضية الجديدة التى قد تسفر عن حكم بالإدانة على غرار ما كان فى قضية مماثلة بتشكيل سابق.

ولا يزال فى مزرعة طرة متسع لنزيل جديد.

ونسأل الله السلامة والعافية..

 

 

الجريدة الرسمية