رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. البكباشي «يوسف صديق» البطل الخفي لثورة 23 يوليو.. ابنته: والدي لم يخطئ في ساعة الصفر وكلمة السر كانت «نصر».. ابنة عمه: أوصى السادات بـ«الديمقراطية وبناته».. ورحل

فيتو

بعد مرور 65 عامًا على ثورة 23 يوليو 1952، بدأ المؤرخون يسترجعون أحداثها وكواليسها ويسلطون الضوء على أبطالها وقاداتها الذين أغفلت كُتب التاريخ دورهم في نجاح الثورة، من بين هؤلاء البكباشي يوسف منصور صديق، ابن قرية زاوية المصلوب بمركز الواسطى، شمال بني سويف، والمعروف بين المؤرخين وأصحاب الفكر والرأي بعدة ألقاب منبثقة من أفكاره مثل "فارس الجيش والديمقراطية" وألقاب أخرى منبثقة من دوره المهم في نجاح الثورة، أبرزها "البطل الخفي لثورة يوليو".


البطل الخفي لثورة يوليو
عن نشأته، تؤكد إحدى قريباته "نجاة صديق" نجلة ابن عمه، أنه نجل ضابط وحفيد ضابط، توفى والده شابا في ١٩١١، وهو برتبة نقيب تاركًا يوسف طفلًا فكفله خاله الشاعر الوطني محمد توفيق الذي استقال من الجيش في ١٩١٢ بسبب خلافاته مع الإنجليز، ورغم نصيحة خاله له بالالتحاق بكلية مدنية لنبوغه شاعرًا، إلا أنه أصر على الالتحاق بالكلية الحربية، ليسير على نهج والده وجده وتخرج فيها عام 1933 ليُعين مدرسًا متخصصًا في التاريخ العسكري ثم التحق بكلية أركان حرب، وحصل على الشهادة في 1945.

علاقات سياسية
وقال سلامة مدكور، مدير مركز النيل للإعلام ببني سويف، إن "صديق" كانت له علاقات مع بعض القوى والأحزاب والتنظيمات السياسية قبل الثورة بحثًا عن مجال للعمل الوطني والثوري، إلى أن انضم لتنظيم الضباط الأحرار، حيث رشحه لعضوية الضباط وحيد جودة رمضان الذي كان يعمل معه في منطقة العريش، وتم انضمامه على أثر لقاء بينه وبين جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر جرى بواسطة الضباط وحيد رمضان وذلك في أكتوبر سنة 1951، كما تكرر لقاؤه بعبد الناصر وعبد الحكيم عامر أكثر من مرة بعد هذا التاريخ قيام الثورة على النحو الذي أشار إليه في مذكراته.

الأدب في حياته
وأوضحت "ليلى" الابنة الصغرى لـ"صديق" خلال لقاء تليفزيوني ـ أنه كان محبًا للشعر والأدب ومحبا للتأمل في الطبيعة، وكان يمتلك قدرة على التواصل الدافئ مع الجميع، وكان في المنزل يتسم باللنضباط والحزم، ومع ذلك كان يتعامل معنا بديمقراطية وأهم كلماته لنا كانت "كونوا أنفسكم" مضيفة، أنه كان مريضًا بنزيف في الرئة، وقبل موعد الثورة بـ4 أيام أتي إليه عبد الناصر وعبد الحكيم عامر، وطلبوا منه الاعتذار لظروفه الصحية، لكنه أصر على المشاركة وفي الليلة الموعودة أخذ "حُقنة" أوقفت النزيف، الذي لم يعاوده رغم الجهد الحركي والبدني الذي بذله في تلك الليلة.

ساعة الصفر
وكشفت نجلته "سهير" عن مفاجأة حيث أكدت أن والدها لم يخطئ في تحديد موعد ساعة الصفر، لكن الحقيقة أن الوقت المتفق عليه كان في الواحدة صباحًا وقبلها بساعات أبلغه الرئيس عبد الناصر، من خلال ضابط يدعى "زغلول عبد الرحمن" أن الموعد تغير لمنتصف الليل، وأن كلمة السر هي "نصر" فتحرك بالكتيبة رقم 13 إلى رئاسة الجيش بكوبري القبة ونفذ العملية المكلف بها.

العودة للثكنات
وأضافت، أن والدها كانت قناعته أن يعود الجيش إلى ثكناته بمجرد انتهاء مهمته، واستقرار الأوضاع بعد خلع الملك، كان الشرارة التي أنهت علاقته الودية بالضباط الأحرار بعد أقل من سنتين من قيام ثورتهم، فعقب‏ ‏نجاح‏ ‏حركة‏ ‏الضباط‏ ‏الأحرار‏ ‏دعا‏ ‏يوسف‏ ‏صديق‏ ‏إلى عودة الحياة النيابية، وترتب على ذلك خوضه لمناقشات‏ ‏عنيفة‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏الديموقراطية‏ ‏داخل‏ ‏مجلس‏ ‏قيادة‏ ‏الثورة‏، أسفرت عن تقدمه باستقالته من المجلس على إثر صدور القرارات بحل الدستور وحل الأحزاب وإعلان فترة الانتقال في منتصف يناير سنة 1953 اعتراضًا على هذه القرارات وعلى مجمل السياسة التي اتجه إليها مجلس الثورة، وقد أصر على هذه الاستقالة رغم المحاولات التي بذلت لإثنائه عنها.

رحلة سويسرا
وقالت فوزية صديق، إحدى قريباته: عمي "يوسف" سافر لسويسرا في مارس ١٩٥٣وعندما طال بقاؤه سافرت إليه زوجته وأتت به من المطار إلى منزل والدها بقريتنا "زاوية المصلوب" ببني سويف، وكانوا دائمًا يأتون لمنازلنا للتفتيش، في إحدى المرات لم يجدوا فألقوا القبض على "زوج ابنته" وبعدها بأشهر بسيطة انتقل للمعيشة في شقته بالقاهرة، إلى أن تملك منه المرض وسافر للعلاج في روسيا في سبتمبر ١٩٧٠، إلى أن توفى في ٣١ مارس ١٩٧٥ ورفضوا تسليمنا جثمانه لدفنه بالقرية، حيث شُيع في جنازة عسكرية ودُفن بمقابر الضباط وكتب في رسالة للرئيس السادات وصيتي لك "الديمقراطية وبناتي.. أمانة في رقبتك".

رمز تاريخي
وعن تاريخ "صدقي" أكد حفيده "يوسف محمود" أن جده "يوسف صديق" كان رمزًا من رموز التاريخ "له ما له وعليه ما عليه" والجميع يعلم أنه ما له أنه كان لا يسعي للشهرة، ولم يكرم بالشكل اللائق، وعزائنا الآن أن الشعب المصر خاصة الأجيال الحالية بات يعرف الحقيقة كاملة.
الجريدة الرسمية