رئيس التحرير
عصام كامل

قافلة علماء الأوقاف بشرم الشيخ تبرز سماحة الإسلام ونبذه للعنف

فيتو

واصلت، اليوم الجمعة، القافلة الدعوية بجنوب سيناء، لعلماء الأوقاف- عطاءها العلمي والدعوي بالمساجد الكبرى بالمحافظة، برئاسة وزير الأوقاف محمد مختار جمعة.


أبرز علماء القافلة سماحة الإسلام، ونبذه لكل ألوان العنف، حيث ألقى محمد عبد الحميد خطاب- الباحث بالإرشاد الديني- خطبة الجمعة بمسجد المصطفى بشرم الشيخ، موضحًا أن الدين الإسلامي دين يتميز بالسماحة واليسر في كل شئون الحياة، والمتأمل في كتاب الله، وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) يجد أن اليسر والسماحة من أبرز خصائص هذا الدين، حيث إنه لا حرج فيه ولا مشقة، ولا شدّة فيه ولا عُسْر.

حيث يقول الحق سبحانه: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، ويقول تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ)، مشيرًا إلى أن الإسلام رسَّخ قيمة التسامح في قلوب أتباعه، فدعاهم إلى السماحة بمفهومها الواسع، الشامل لكل معاني السهولة واليسر، في العبادات والمعاملات، مع التحلي بمكارم الأخلاق، كالعفو عند المقدرة، والصفح عن المسيء، وكظم الغيظ، وسعة الصدر، والتعايش السلمي بين الناس، والرحمة والتعاطف، وغير ذلك مما يحمله التسامح من معانٍ راقية.

كما ألقى الشيخ عبد الفتاح عبد القادر جمعة- الباحث بالإدارة العامة لبحوث الدعوة- خطبته بمسجد السلام بشرم الشيخ، مؤكدًا أن الإسلام انتشر بتعاليمه السمحة، وأخلاقه الكريمة، وقيمه النبيلة، كما انتشر بأخلاق نبيه (صلى الله عليه وسلم)، وأصحابه (رضي الله عنهم)، ما يبرهن على أنه بريء من العنف والإرهاب والتطرف، وأنه دين اليسر والسماحة، وقد أكد نبينا (صلى الله عليه وسلم) على ذلك في سنته الشريفة فقال: ( يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا)، فتعاليم الإسلام كلها تدعو إلى اليسر والسماحة، ونبذ العنف والتشدد، في القول والعمل، يقول رسول الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ)، مشيرًا إلى أن السماحة ليست كلمة تقال، أو شعارًا يرفع، وإنما هي منهج حياة، ومبدأ من مبادئ الإسلام، فهي تتجلى في أحكامه، وتشريعاته، وعباداته، ومعاملاته، وقيمه، وأخلاقه.

ومن ثمَّ، كان لها أكبر الأثر في سرعة انتشار الإسلام وارتفاع رايته، ودوام بقائه بين الأمم والشعوب التي اعتنقته، لذلك امتن الله تعالى على نبيه (صلى الله عليه وسلم) بإرساله رحمة للعالمين، فقال سبحانه: {وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}، وقال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}، وعندما سُئِلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أَيُّ الْأَدْيَانِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: (الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ).

وفي خطبته بمسجد الرحمن بشرم الشيخ، أوضح الشيخ محمد الشاذلي، إمام وخطيب بمدينة شرم الشيخ، أن الإسلام جاء بتنظيم للمعاملات بين الناس؛ لأنهم أحوجُ إلى السَّماحةِ واليسر فيما بينهم؛ ليعيشوا في أمن وعدل ورخاء؛ لذا حثَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) على السماحة ورفع المشقة والحرج عن الناس في البيع والشراء، والاقتضاء، فقَالَ (صلى الله عليه وسلم): (رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى).

فالسماحة في البيع: ألا يكون البائع شحيحًا بسلعته، مغاليًا في ربحه، محتكرًا لسلعته، والسماحة في الشراء: أن يكون المشتري سهلًا مع البائع، فلا يبخس الناس أشياءهم، والسماحة في الاقتضاء: أن يطلب الرجل حقه أو دينه بلين ورفق وسماحة، قال تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، كذلك حثَّ الإسلام على السماحة في القرض، ورغَّب النبي (صلى الله عليه وسلم) في التجاوز عن المعسر، حيث قال: (حُوسِبَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مِنَ الْخَيْرِ شَيْءٌ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يُخَالِطُ النَّاسَ، وَكَانَ مُوسِرًا، فَكَانَ يَأْمُرُ غِلْمَانَهُ أَنْ يَتَجَاوَزُوا عَنِ الْمُعْسِرِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: نَحْنُ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ، تَجَاوَزُوا عَنْهُ)، وقال (صلى الله عليه وسلم): (كَانَ رَجُـلٌ يُـدَايِنُ النَّاسَ، فَكَانَ يَقُـولُ لِفَتَـاهُ: إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَـاوَزْ عَنْهُ، لَعَـلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا، فَلَقِىَ اللَّهَ، فَتَجَاوَزَ عَنْهُ).

وفي مسجد الشهداء أكد الشيخ جمال معوض، إمام وخطيب بشرم الشيخ، أن الإسلام بشريعته السمحة- منذ نزول الوحي على سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)- يمنع أي اعتداء أو ظلم على أي أحد، كما يتبرأ ممن يحملون السلاح على الأمة، ويخرجون على المجتمع؛ لقوله (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا).

مشيرًا إلى ما يحدث من تكفير وتطرف وغلو في مجتمعنا، وما ينشأ عنه من ترويع وإرهاب وسفك للدماء البريئة، وتفجير للمساكن والمركبات والمنشآت العامة والخاصة، فكلها أعمال إجرامية دخيلة على بلادنا وعلى عاداتنا وتقاليدنا، والإسلام بريء منها، وكذلك كل مسلم يؤمن باللّه واليوم الآخر بريء منها، فديننا الحنيف حذّر من إرهاب الآخرين، ونهى عن ترويع الآمنين وتخويفهم، وحرّم التعدي عليهم؛ لأنه إجرام تأْباه الفطرة وترفضه الشريعة، يقول (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا)، ومن ثم فما أحوجنا إلى نشر السماحة، ونبذ العنف؛ تطهيرًا لنفوسنا، وحمايةً لأوطاننا، وإسعادًا لمجتمعاتنا.
الجريدة الرسمية