رئيس التحرير
عصام كامل

حَبيبى.. ولِطَيْفَك أعْوُدُ حَبِيِبى..؟

فيتو

أحْمَدُ الغَرْبَاوى يَكْتِبُ: حَبيبى.. ولِطَيْفَك أعْوُدُ حَبِيِبى..؟

وَأَعودُ لِطَيْفك حَبِيِبى..
فِى أيّام وَليْال رَمضان وَصُورتك التي رُفعت مِنْ عَلى جِدار حُجرتك.. خَلفِ مَكْتب صَديقتك التي كُنْتُ أَجِدُ مُبَرّرًا للحَدِيث إليْهَا.. وَكُلّ رُؤاى فِى مَرْمَى بَصَرها عَلى الحَائط خَلفْهَا.. أذْهَبُ إليْهَا عَقَب انْتَهاء كُلّ يَوم عَمَلِ وَقَدْ غَادرتِ.. وبُحْتُ فِى روحك بِشَفِيف عَيْنِى:

ـ مَع السَّلامة..

فِى أمَانَ الله يَا أعَزّ النَّاسِ..؟
رَعَاكِ الله يَا كُلّ النَّاسِ..؟
مَع السَّلامة يَامَن فِى وُجودى كُلّ إحساس..؟

مِنْ خَلفِ نَافِذَتِى أتَرقّبك غَصْب عَنّى.. وأنْتِ تَسِيرين بِجوار صَدِيقتك.. وَيَنْعم ظِلّ شَجَرتك بِمَسّ عَرِقك.. أو رُبّما وَهَبَهُ الرَبّ نَثْرِ رِيحٍ فِى خُضْرِة وَرَقها عِطْر جَنّ أرْضِكِ.. وَأنْتِ تَتَجهين لأتوبيس نَقل العَامِلين.. ليَحْمِلك للبَيْتِ..

وَتُثْقل مِخَلاة روحى بِشَجْنِ حُضِورك.. الذي خَلّفتيه لِى قُبَيْلِ أن أَعْود للبَيْتِ.. وَأخْشَى أنْ آخذ لِصُورتك لقْطَة بالمُوبَايْل.. حَتْى لا أسِيء إليْها يَوْمًَا فِى قَلبه.. فهَو قَادِرٌ عَلى تَخيّل كُلّ مَلامِح وَرَسْمِ وُجودها..

كَيْف وَهِى تَعِشْ أنّ حِرفه.. وَحِبْر قَلمه.. وَمَدادَ وَجْعَهُ.. وَنَزْفَ زَمْنَهُ.. يَعْشِها حَيْاةَ يَوْمَهُ..
زَمْنَهُ الذي يُبَاعد بَيْنَهُ وَبَيْنَها..!

وَأَعودُ لِطَيْفك حَبيِبى..
وَأنَا أتَامّل صُورتك بِجوَار أعَزّ وَأغْلَى مَنْ فِى حَيْاتك شَقِيقك.. وَأنْتِ بِالتِى شِيرت (الطُوبِىّ) الذي عَليْه صُورة قَلبٍ وِسَهْم.. كَتب فيه عَلى حَذْرٍ مُنْذ عَامين كَلمات مِنْ لحْمِى وأعْصَابى.. ونَثْرِ رَمَاد تَنْهِيداتى إليْكِ..

رَغْم إنّنى لَمْ أخُط شِعْرًَا.. وَلمْ يَبح بِفعل الوِجْدان عُمْرى.. الهَارب مِنْه في الفكر والمسرح والقصة وتأمّلات الحَيْاة وَالنَاس.. والخَوف مِنْ فِعْلِ الزَمان فِى حُبّ يَفرّ مِنْه.. وَيَخْشَى أنْيَابه تَغْتَال وَهَنَ روحه..َ وَتُغرق رِقّ قلبه.. وَتُمزّق رُقِىّ عَقْله..
وَهُوَ يُؤمِن بَأنّ الحُبّ أغْلى مِنّة رَبّه..!

وَأَعودُ لِطَيْفكِ حَبيِبى..
وَأنَا أمَام القَمْرِ الغَائر فِى الفُسْتَان الأسْوَدِ فِى الأبْيَضِ.. و.. صُورَتك الأخيرة وَأنْتِ تَجْلِسين عَلى المَنْضَدة خِلال قَسْوَة أطَوَل أجَازة مِنْ العَمْلِ.. مُنْذُ عَرّفنى حُبّك:
أنّنى المُجْلَدُ بِسْيَاط بُعَادِك دُون ذَنْبٍ..!
أنّنى فَزِعٌ مَع كُلّ قَرضِ نَابِ فأر هَجْرٍ فِى جَرْحِك..!
أنّنى صِراخُ مُدْمِنٌ لحِضُورَكِ فِى دَمّى..!
فَكيْفَ تُعَاقبينى بُسرِعَة سَحْبٍ.. وحَتْمىّ موتٍ..؟
صُورَتك الجَدِيدة تَضَعِينها أيّام قَليلة عَلى المُوبَايْل.. ثم تَرْفَعِينَها..!
رُبّمَا لأنّ الله يُحبّنى.. فيَمِنّ عَلىّ بَها لتَغْشَى حلمى.. وَتذوب ابْتَسامتها فِى دَمّى.. وتتهَادى فِى لَيْلِى بِجِوارى.. تَلتَحف خِلوّ وِسَادتى.. وَتَفْتَرش سَقْف حُجْرتى.. وَأعود إليْهَا كُلّ صَبَاح لأتأمّل كُلّ أنَامِلَها.. وَأتَأكّد مِنْ فَراغ إصْبَعها إلا مِنْ خَاتِم وَاحِد لايَحْمل إسْم آخر..

وَأعود لأتأمّل بَسْمِ وَسِموّ فَرْحَتها.. رُبّمَا أشمّ رِضَابَ حُبّ آخر.. فَيُقرّب المَسْافة التي بَيْنى وَبَيْنَها.. وَتعرف مَدى حُبّى لهَا.. وَشقّ رَوْحى السَرْمَدِى.. لآفاق يَمّ (عِشْقِ روحى) لهَا.. مَهْمَا قَيّد زَبْد بَيْاضَ وَبَضّ إصْبَعَها دِبْلة آخر..
أىّ آخر غَيْرِى يَوْمًَا مَا..!
وَأَعودُ لِطَيْفك حَبيِبى..
يَتْأمّلها.. يُكَابدها..
يُعانِيها ويَشْعُر بِروحها.. تَدبُّ فِى أعْمَاقه شَقَاوة وَتَدلّل.. وَعَفْرَتة بَنّوتة حِلْوة..
وأحْبَبْتِك فِى الله (مَغْرورة) فِى حَيْاء غِرور.. وَكِبْريَاء صَمت..!
وأحْبَبْتك فِى الله (كَدّابة).. فِى إلْحَاح طِفلة لشَغف حِنّيْة أمّ..!
تَصْرخ في وجهها:
ـ ماما.. أنا لا أحبّك..!
وأحْبَبْتِك فِى الله (ندبة خَدّ).. وِسَادتى الخَاليْة فِى بَضّ بَطْنِ خَدّيْكِ..
وأحْبَبْتِك في الله ( مَلكة نَحْلِ).. شَهْد وَجَعى وَحِلو ألمِى فِى لذّة قَرص
ويَقولُ لها يَوما:
ـ أنتِ شَقيّة..!
وتَنَظر إليْه ِفِى رِقّة حَيْاء ورُقىّ أنوثة.. وهى تُدندن:
ـ أيّوه أنا شَقيّة..!
وتتركه.. تَرْحَلُ أعْوَام..
ولمْ تَدرْ أنّها مُنْذ ألف ألف عَام تَنَامُ في (عِشْقِ روحه) شَقيّة
شَقيّة.. و
وَ(عِنَادِيّة)..!
حَبِيبتى أُعْذُرِينى..
رُبّمَا..
رُبّمَا لَمْ أعْرِفُ كَيْفَ أحُبّك..؟

وَأَعودُ لِطَيْفك حَبيِبى..
وَألتَمِس مِنْ رَبّى.. أن يَرْزُقِنى خِصَالَ مَا يَسْتَحِقُ أنْ يَمِنّ عَلىّ بِصَادق حُبَك..؟
أو يَمْنَحنى إيمان (بِلال) عليه السلام.. مَايُمَكنَّى مِنْ مِقَاومة ثِقل صَخْرِالفُرَاق.. وَصّهْد حَتْمِىّ بُعَاد فِى ابْتَلاء وَجْدِ.ِ.؟
وَجْدٌ يَحْتَضِرُ بَيْن ضِلوعٍ تَرْتَج مِنْ صَدى ضَرْبَات جِنَاحىّ نورسٍ يَعْشقُ رَذاذ وَجْع صَمْتك.. لايَخْلِفُ مَوْعِدَهُ أبْدًَا فَجْرِ كُلّ جُمْعَة يُنَادِى عَليْها.. ولايَعْرف..
لايعرف فِى الحُبّ غَيْر.. اسْتِسْلام الغَرْقِ.. سَواء كَان حِلو أو مِلْحِ مَذّاقِ اليَمِّ..؟
فَلمْ يَهِبْهُ الله غَيْرَ حُبّك..
حُبّكِ الذي..
يَنْكَسِرُ فِى روحى خَجْلًا..
وفِى رِيحٍ شِتْوِيّة يَلْتَحْمَنِى مَوْجًَا..
وَيُغْرَقنى فيه زَبَدًا.. زَبَدا..!
حُبّك الذي..
بَيْن سَفَيف حُبَيْبَات الرَمْلِ عَنْ طِيِبِ خَاطِر وَعَدم قُدْرِة عَلى الرَفْضِ.. يَرضْخُ لدَهْسِ أقْدَامِ الجُنِون.. في انْتَظار وتَرقّب بَهْجَة رَائحة خَفْقِ أنَامِل أصَابعك.. تُعلن عَنْ مَجِيئك حَتْى وَلو اخْتلطت بِرَائِحْة أُخْرَى..
أُخْرَى أكْثَرُ مِنّى أسْكَرت مُدَاعَبْتَها حِسّ رَوْحَك.. وَمِنْ جِلدَكِ سَلَبت عِشْقِى..!
حُبّك الذي..
أرجو من رَبّى.. ألّا يَكون لِى مِنْ الذِنُوبِ التي لاتُحْصَى حَتّى يُوشَمُ بِالخِزْى عِشْقِى.. ويَقْض بالخِذْلان عَلى مَصِير حَرْفِ حُبىّ.. فَيُقْرِأُنى اللوح المَحْفُوظ إنّى غَيْرُ جَدير بِكِ..؟
ومَاذا عَلىّ فِعْله لأغْسِلُ ذِنُوبِى.. وَتَتَجمّد وَأوقِفُ دَوامَ سَرْيَان قَشْعَريرة فَقْدِك وَدمّى فِى (عِشْق روحكِ)..؟
حُبّك الذي..
أُنَاشِدَهُ أنْ يُعيد عَقارِبَ الزَمَنِ إلى الوَراء.. وَيَصْل بِكِ حَبْلِ أيّامِى المَشْدُودة إلى قَاعِ الفَنَاء..
مِنْ يَدْرِى..؟
رُبّما أوْلد مِنْ جَدِيد.. وَيَبْعَثنى حُبّك إشْرِاقة وَليد..؟

وَأَعودُ لِطَيْفك حَبيِبى..
كَمْ أشْتَاقُ إلى جُزْءِ.. هَمْسِ.. هَسِّ.. قُطَيْرَةِ مِنْ طَلّك.. وَأنْتِ تَقْفِين أمَام بَابِ مَكْتَبِى..
وَأتَأمّلك.. وَأقْرَأ عَيْنَيَك فِى وَشْوَشَات النّينّى لِوْلَدَكِ النّائِمِ فِى دَمّى..!
وَأحْيَا لَذّ تَفْقّد وتِجْوَالى وحَرْكَةِ شَفَتيْكِ.. دُون سَمَاعِ صَوْتَكِ.. وَأعِشْ وَأنْتِ.. حلمى وَأنَا أضع يَدِى تَحت أسْفَلِ ذَقْنِى..
وَتَظُنّين إنّى أفُكّر فِيمَا أكْتُب..؟
فِى مُوسِيقَى الحَنَانِ المُمْتَلئةَ بِهما عَيْنَيْكِ أغْرَقُ وَفَيْضَهُ.. و
وَأرْحَلُ وَحُبَيْبَات رَمْلٍ سَاخِنة بِدفء جَسَدْكِ.. مُخْتَلطة بِأمْرِه.. بآثار أريج جِيب جِينزكِ.. المُبلَل ذَيْله بِفُلّ وَيَاسِمين الزَبْدِ.. يَزِفّ احْتِفَاليّة مَوْجٍ وتصفيق عُشبٍ أخضر في حُضن رِيحٌ ظَامِىء لنِعُومِة وَرْطب حِضُوركِ فِى قَلْبِى..
وَفِى بَطْنِ كَفّك يَنام خَدّى.. تَحْمِلين رَأسى عَلى حَافة كَتفك.. حَتّى يُوقِظنى نَوْرَسُ الفَجر.. يُحرّرُ الحُبّ الأثير مِنْ أسرٍ..
مِنْ أسْرِ أسْرِى..
مِنْ أسْرِ (عِشْقِ روحى)..!
أشْتَاقُ أحِيطك بِذرَاعى.. وَفِى حُضْنى أضمّك..
ثم أرْحلُ لأعود وأبْحَثُ عَنّك فِى كُلَّ إحْسَاسٍ بِخَلايْا وَجْدِى..
لأجْدكِ مُخْتَبِئَة وذَاتى..
مُتَناثِرٌ أنَا فِى اخْتِبَائى وغَيْمَاتى بَيْن لَوْلبَات وتضفير السَّنِين بيدّ خِشُونَةِ وَهْمٍ.. وعُقَدِ أمانى حُبّ في الله في غَيْبِ زَمنٍ بَعْدَما..
بَعْدَمَا فَقدت طَرِيقَ العَودة لِذَات صَمْتى وَسِكُون عِشْقِى..!

وَأَعودُ لِطَيْفك حَبيِبى..
وأظلّ وأنْتِ أبْدًَا..
طَائرٌ جَرِيحٌ.. فِى حُزْنِه رُقِىّ ورِقّةِ تَغْرِيد.. مُتوّجٌ مِنْ أنِين روحك.. وَفِى صَدْركِ يَروح ويَجيء رِئة نَاىٍ.. نَفْسًَا يُشْبِهنى فِى رَائِحْته..
وَيَظلّ طَيْفَكِ تَنْهِيدة الصَبَاحِ.. يَتَسلل حَبْوًَا وَرْدَيًّا.. يُكَحّلُ كَثافة الضَبَاب..!

ربّمَا يَوْمًَا مَا..
تَسْمَحِين نَثْرِى رَمَادًا
رَمَادًَا فِى حَنَايْا قَلبك..؟
وتُخَبِئيننى بَيْن طَيّات عِشْقِ روحك إنْ..
إن لآخر غَيْرِى وَهَبْتَهُ..؟
غَدًا حَبِيبى تَهْجُرين النَافِذة..
وبَعِيدًا عَنْ خَريف أنْفَاسِى تُدَغْدَغ أنْفَك تُحلّقين..
وَتَتركُيننى وَحْدِى وحِدّة هَدأة لَيْلِ مُضَاء بِصَخْبِ الفُرَاق..!
قَسْوَةٌ تَحَاوِلُ اغْتَيْال حِرْمَانًا.. يَأبى مَوْتًَا عَلى حَبَائِل الانْتَظَارِ..!
صَرْخِاتٌ مَكْتُومَةٌ مُقْدَسَةٌ.. جَمْرٌ فَرَاغك وَمَىّ طَيْفَكِ..
وَيَسْكُن عِشّى السَأمُ..!
وَبَيْن مَسَافات قَشّى لايَبْقَى..!
لايَبْقَى غَيْر (عِشْقِ روحى) وَفَرَاغ
فَرَاغ أبَدْ..
الجريدة الرسمية