رئيس التحرير
عصام كامل

أشجار المعادى جزء من تاريخ مصر


تتعدد مفردات السياحة فى مصر بين ثقافية، شواطئ، علاجية، سفارى، مؤتمرات وغيرها وأن أدعو لإضافة سياحة جديدة وهى سياحة الجمال والاستمتاع بمفردات الطبيعة الجميلة التى نرى فيها قدرة بديع السموات والأرض فينطق لساننا دون أن ندرى سبحان الله.


وتتناغم هذه المفردات من شواطئ ساحرة ووديان فى قلب الصحراء تشكلت جبالها بمنحوتات مختلفة صنعتها عوامل الزمن تتخيلها كما تشاء ونباتات نادرة وسط هذه الوديان تجرى بينها العيون الطبيعية فمصركلها واحة للجمال ومتحف مفتوح للأشجار والأزهار كالمتحف الطبيعى فى حى المعادى الذى رصده لنا بعين الباحث والفنان الدكتور محمد سليمان الأستاذ بقسم النبات بعلوم حلوان فى كتابه أطلس أشجار وأزهار حى المعادى.

ويحوى هذا المتحف نباتات ظل ونباتات زينة تتنوع بين المصرى الأصيل والمستورد الذى تأقلم مع البيئة المصرية فأصبح مصريًا وتتعانق أشجار النخيل والمانجو والموز مع أشجار الظل ومنها الفيكس ودقن الباشا وتحيط بها نباتات الأسوار الياسمين والدورانتا ثم تلقى عينيك لترى النباتات المتسلقة مثل ست الحسن واللبلاب والذى استعار منها الأدباء أسماءًا لرواياتهم وأشجار الخلود وهى أشجار السرو الذى ارتبط فى الحضارات المختلفة بالخلود وجاورت هذه الأشجار الباسقة الأموات لتعلن لهم أن حياتنا الدنيا أيام فقط ومصيرنا إلى خلود دائم نتمنى من الله أن يكون فى جنة النعيم وقد تغلغل د. سليمان بنظرة الباحث عن هوية الحى الذى يقطنه حى المعادى ليعبر به عن هوية مصر كلها .

ويقدم لنا تاريخ هذه الأشجار ونشأتها وطبيعتها والهدف من زراعتها ومن المعروف أن الشجرة تعبيرًا عن الهوية وتأكيدًا للسيادة على هذه الأرض ويحضرنى فى هذا أشجار الدوم فى طابا ولى معها ذكريات خاصة قبل عودتها للسيادة المصرية وكيف كانت تظلل على أفراد ليس لهم الحق فى ظلها ولكنهم تعودوا على العيش تحت ظل الآخرين واغتصاب أرضهم والانتفاع بما ليس من حقهم بل وحرمان أصحاب الأرض من خير بلادهم وكانت عينى تزرف بالدموع حتى عادت طابا وأول ما فعلته هو الجلوس تحت ظل هذه الأشجار والاحتفاظ بثمرة من ثمار الدوم هذه تلازمنى دائمًا لتحكى لى قصة الصمود والبطولة لتحرير الأرض والصبر فى المفاواضات حتى عادت طابا فى 19 مارس 1989 .

ونعود لباحثنا الملهم الدكتور سليمان الذى رصد لنا شجرة دائمة الخضرة ارتفاعها 30م موطنها الأصلى أستراليا وهى شجرة الأوركاريا التى يطلق عليها شجرة عيد الميلاد وهناك شجرة تسمى فتنة وهى فتنة فى جمالها حيث تتفتح زهورها فى الربيع ولها رائحة ذكية ويستخلص منها العطور ومن النباتات المعمرة نبات العايق الذى يتميز بألوانه الساحرة البنفسجية الفاتحة والداكنة وهى كثيرة الأفرع كأنها الطاووس وموطنها جبال الألب بسويسرا ومن النخيل التى تراها وتوقن لأول وهلة أنك حقًا فى حى المعادى النخيل الرخامى الملوكى الذى يرتفع 25م ..ساقه بيضاء ناعم الملمس يشبه الرخام وموطنها كوبا وتحوى أيضًا المعادى نخيل الدوم الأصيلة ترتفع 6م دائمة الخضرة وموطنها وادى النيل.


الجريدة الرسمية