رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا نتعلم العربية؟

فيتو

وقف مدرس أمام تلامذته وسألهم: لماذا نتعلم العربية؟ فتبارى كل منهم في الإجابة، فقال قائل: لأنها من المقررات الدراسية وعليها درجات رسوب ونجاح، فقال المعلم أصبت، وقال آخر: لأنها لغة القرآن، فقال له المعلم أصبت، وقال ثالث: لأنها لغة الناس في بلادنا، فقال المعلم أصبت، وهنا وقف أحدهم وقال: سيدي إذا كنت تعرف الإجابة فلم السؤال؟! هنا اندهش الجميع وسرت همهمات بين الطلاب منهم من يتهم الطالب بالغباء، ومنهم من يتهمه بقلة الأدب وعدم احترام المعلم والسخرية منه، ومنهم من طالبه بالجلوس..


هنا وقف المعلم شامخًا ولم يعنف تلميذه بل إنه أثنى على جراءته وحرصه على التعلم، وقال لهم: هل تعلمون أبنائي أن لغتنا العربية إلى جانب كل ما قلتم صارت لغة عالمية وقد تندهشون وتتساءلون.. هل ذلك جديد؟ فأقول لكم: اعلموا جميعا أن لغتنا العربية هي لغة القرآن وهي لغة أهل الجنة وهي لغة الضاد لأنها اللغة الوحيدة في العالم التي تنفرد بهذا الحرف، ومن ثم فإنها حقا لغة متفردة، حتى قال عنها حافظ إبراهيم:
رَجَعتُ لِنَفسي فَاتَّهَمتُ حَصاتي *** وَنادَيتُ قَومي فَاحتَسَبتُ حَياتي
رَمَوني بِعُقمٍ في الشَبابِ وَلَيتَني *** عَقِمتُ فَلَم أَجزَع لِقَولِ عُداتي
وَلَدتُ وَلَمّا لَم أَجِد لِعَرائِسي *** رِجالًا وَأَكفاءً وَأَدْتُ بَناتي
وَسِعْتُ كِتابَ اللَهِ لَفظًا وَغايَةً *** وَما ضِقْتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ
فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ *** وَتَنسيقِ أَسْماءٍ لِمُختَرَعاتِ
أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ *** فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي
فَيا وَيحَكُم أَبلى وَتَبلى مَحاسِني *** وَمِنكُم وَإِن عَزَّ الدَواءُ أَساتي
فَلا تَكِلوني لِلزَمانِ فَإِنَّني *** أَخافُ عَلَيكُم أَن تَحِينَ وَفاتي

وهنا سأله أحد تلامذته: وهل تموت اللغة؟ فقال له: نعم تموت اللغة بالهجر والاستغراب وترك التحدث بها. وهنا سأله أحدهم: كيف ذلك فقال له: هل تعلمون أنه ورغم وجود العربية منذ آلاف السنين إلا أنه لم يتم الاعتراف بها إلا في عام ١٩٥٤بعد اقتراح تقدمت به المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية، وتم الاعتراف بها كلغة عالمية في يوم ١٨ ديسمبر بالقرار رقم٣١٩٠ والذي بموجبه تم إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة، وفي عام 1960 اتخذت اليونسكو قرارًا يقضي باستخدام اللغة العربية في المؤتمرات الإقليمية التي تُنظَّم في البلدان الناطقة بالعربية، وبترجمة الوثائق والمنشورات الأساسية إلى العربية.
وصدر قرار في عام 1966 يقضي بتعزيز استخدام اللغة العربية في اليونسكو، وتقرر تأمين خدمات الترجمة الفورية إلى العربية ومن العربية إلى لغات أخرى في إطار الجلسات العامة.
وفي عام 1968 تم اعتماد العربية تدريجيًا لغة عمل في المنظمة مع البدء بترجمة وثائق العمل والمحاضر الحرفية وتوفير خدمات الترجمة الفورية إلى العربية.

وبعد إصدار جامعة الدول العربية في دورتها الستين قرارا يقضي بجعل اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية للأمم المتحدة وباقي هيئاتها، ترتب عنه صدور قرار الجمعية العامة رقم 3190 خلال الدورة 28 في ديسمبر 1973 يوصي بجعل اللغة العربية لغة رسمية للجمعية العامة وهيئاتها، أما مسألة استخدام اللغة العربية كلغة عمل في دورات المجلس التنفيذي، فأُدرجت في جدول الأعمال في عام 1974 بناءً على طلب من حكومات الجزائر، والعراق، والكويت، والمملكة العربية السعودية، واليمن، وتونس، وجمهورية مصر العربية، ولبنان.

هنا وقف الطلاب جميعا وصفقوا لمدرسهم وشعر كل منهم بأن لغته لا تقل أهمية عن اللغات الأخرى، ووعدوا بأن يهتموا بها ويحافظون عليها.
الجريدة الرسمية