الجهل آفة تغرق الأمم في التخلف والضلال
المعرفة تنمي الأفراد والمجتمعات وتمكنهم من التعامل مع تحديات الحياة المختلفة التي تزداد بمرور الوقت تبعًا لازدياد متطلباتهم، بينما الجهل ظلام دامس ترفضه المجتمعات المتقدمة التي تسعى إلى التقدم والازدهار نتيجة لتداعياته السلبية..
وطبيعي أن عواقب الجهل متعددة وقد تجر إلى الفتن والحروب وتضييع القيم في المجتمعات، وأسباب الجهل كثيرة منها نقص التعليم والوعي، مما يؤدي إلى تفشي الخرافات والصراعات وسوء اتخاذ القرارات، وقد يتم تغذيته أحيانًا بصناعة الجهل من قبل جهات تسعى للتلاعب بالرأي العام أو حماية مصالحها.
الدول التي لديها نسبة كبيرة من الأمية لدى شعوبها أرض خصبة لتسلل الشائعات إليها لزعزعة استقرارها وإثارة الفتن بين أفرادها، مصر دولة الحضارة العريقة تعاني من سيل من الشائعات يرفضها عقول أصحاب الفهم والمعرفة، لكنها تبقى قنبلة موقوتة لدى الأميين الذين يفتقدون العلم والثقافة..
وهي بمثابة لغم يمكن أن ينفجر في لحظة ما، الشائعات كالنار في الهشيم سريعة الانتشار لكنها تبقى سمًا قاتلًا يجب التعامل معها على الفور عن طريق الوعي والمعرفة، بينما النفي من الجهات المسئولة لا يكفي لوأد الشائعات.
مصر لديها أكثر من مئة حزب سياسي لا يعرف منه سوى عدد على أصابع اليد الواحدة، وهناك من لا يعرفهم خاضوا انتخابات الشورى والبرلمان دون إعلان برامج هادفة أو حضور جماهيري، فكان طبيعيًا أن يحدث ما حدث، فقد أدى الجهل والأمية إلى أصوات باطلة واختيار مرشحين غير أكفاء وسهولة التلاعب بالناخب وانخفاض المشاركة وتشكيل برلمان غير ممثل للواقع، مما يضعف الديمقراطية ويؤثر سلبًا على جودة التشريعات والتنمية.
من هنا تكون المأساة التي يجب النظر إليها باهتمام بالغ، وأن نسرع في معالجة عملية لا إنشائية لمحو الأمية وتوعية المجتمع كله بكافة الأزمات التي تحيط بنا وكيفية معالجتها وتحديد التوقيت الزمني لها، وهذا دور الحكومة ونواب الشعب الذين من المفترض أن يكونوا لسان حال المصريين، وأن يدرك الجميع أن الجهل آفة كبرى تجعل الأمم تغرق في التخلف والضلال، بينما العلم هو النور الذي يبدد الظلام ويبني الحضارات.