أحمد الثالث، سلطان الإصلاح في أخطر مرحلة من تاريخ الدولة العثمانية
في مثل هذا اليوم من عام 1673 ولد السلطان أحمد الثالث، أحد أبرز سلاطين الدولة العثمانية في القرن الثامن عشر، والذي تولى الحكم في مرحلة شديدة الحساسية سياسيًا وعسكريًا، اتسمت بتراجع النفوذ العثماني في أوروبا مقابل محاولات داخلية للإصلاح والانفتاح.
وينتمي أحمد الثالث إلى أسرة آل عثمان الحاكمة، وهو ابن السلطان محمد الرابع حيث نشأ داخل القصر العثماني في إسطنبول، وتلقى تعليمًا تقليديًا شمل العلوم الدينية واللغوية والإدارية، ما أهله لاحقًا لتولي مقاليد الحكم في ظروف غير مستقرة.
صعود أحمد الثالث إلى السلطة وسياساته العامة
تولى أحمد الثالث العرش العثماني عام 1703 عقب خلع السلطان مصطفى الثاني، في أعقاب تمرد عسكري عرف بـ«حادثة أدرنة»، قادته فرق الإنكشارية احتجاجًا على الأوضاع الاقتصادية والعسكرية. وجاء وصوله للحكم كحل توافقي لاحتواء الأزمة وإعادة الاستقرار.
وخلال سنوات حكمه التي امتدت حتى عام 1730، سعى أحمد الثالث إلى تحقيق توازن بين الإصلاح الداخلي والحفاظ على تماسك الدولة وشهد عهده ما عرف بـ«عصر الزهور»، وهي فترة اتسمت بانفتاح نسبي على أوروبا، خاصة فرنسا، حيث أُرسلت البعثات الدبلوماسية، وبدأ الاهتمام بالفنون والعمارة والطباعة.
على المستوى العسكري، حقق السلطان بعض النجاحات، أبرزها استعادة أجزاء من المورة (اليونان حاليًا) من البندقية، إلا أن الدولة منيت بإخفاقات أخرى، خصوصًا أمام روسيا والنمسا، وانتهت بتوقيع معاهدات قلّصت من النفوذ العثماني في شرق أوروبا.
إخفاقات أحمد الثالث ونهاية الحكم
رغم محاولات التحديث، واجه أحمد الثالث معارضة داخلية متصاعدة، خاصة من الإنكشارية وقطاعات شعبية رأت في مظاهر الترف والانفتاح ابتعادًا عن تقاليد الدولة.
وتفاقمت الأزمات الاقتصادية، ما أدى إلى اندلاع تمرد «باترونا خليل» عام 1730، الذي أجبر السلطان على التنازل عن العرش.
بعد خلعه، عاش أحمد الثالث في عزلة داخل القصر حتى وفاته عام 1736 وينظر إلى عهده اليوم باعتباره مرحلة انتقالية حاولت فيها الدولة العثمانية التكيف مع عالم متغير، بين إصلاح محدود واضطراب داخلي مهد لتحولات أعمق في تاريخها اللاحق