فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

هل يقضي مقتل الفريق محمد علي الحداد على مشروع الجيش الليبي الموحد؟.. تركيا وروسيا أكبر المستفيدين من انقسام المشهد الليبي.. وتحذيرات أممية من مخاطر التدخلات الأجنبية على الخريطة السياسية الليبية

رئيس أركان الجيش
رئيس أركان الجيش الليبي الراحل الفريق محمد الحداد، فيتو

يعيد مقتل رئيس أركان الجيش في المجلس الرئاسي الليبي الفريق محمد الحداد، أمس في تركيا إثر حادث سقوط طائرة، الحديث عن مشروعه لتوحيد الجيش الليبي، وهو المشروع الذي آمن به إلى حد اليقين منذ توليه منصبه في عام 2020، باعتباره آلية لتشكيل حكومة موحدة تنهي حالة الانقسام الليبي، وتضع حدا للتدخلات الأجنبية المتصاعدة في الشأن الليبي منذ سقوط نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي.

وعلى مدى السنوات الخمسة الماضي، اصطدم هذا المشروع بتحديات كبيرة؛ أهمها الانقسام الليبي الواقع بالفعل بين حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة في الغرب، وأخرى في شرق ليبيا تابعة لقائد القيادة العامة المشير خليفة حفتر.

وما بين الفريقين، تبرز قائمة من الدول الفاعلة في الشأن الليبي والتي ترى في مثل هذا المشروع عائقا على طريق مصالحها، وأهمها تركيا الداعم الرئيسي لحكومة الدبيبة (غربا)، وروسيا الداعم الأبرز للمشير حفتر (شرقا).

استمرار الوجود التركي العسكري على الأراضي الليبية

ولدى كل من أنقرة وموسكو مصالح شديدة الخصوصية في القلب الليبي؛ فمن جهتها، تحتفظ تركيا بتواجد حوالي 3500 جندي تركي في قاعدتي "الوطية" و"مصراتة" العسكريتين، وهو التواجد الذي ما يصطدم مع مشروع الحداد حول سيادة ليبيا الكاملة على أراضيها.

وقبل يومين فقط، وافق البرلمان التركي على تمديد بقاء قوات بلاده العسكرية في ليبيا لمدة عامين إضافيين، بناء على مذكرة موقعة من الرئيس رجب طيب أردوغان أكد فيها أهمية مواصلة الدعم التركي لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، والحفاظ على وقف إطلاق النار القائم، ومنع انزلاق ليبيا مجددا نحو الفوضى، إلى جانب صون المصالح التركية في شرق المتوسط وشمال أفريقيا، وفق تقارير إعلامية.

وجاء القرار التركي بتمديد بقاء القوات على الأراضي الليبية، والذي يعود إلى عام 2019، على الرغم من تصاعد الطالب بضرورة "إخراج جميع القوات الأجنبية من المعادلة الليبية"، وفي القلب منها اللجنة العسكرية الليبية المشتركة "5+5"، والتي تشكلت على إثر اتفاق وقعه طرفا النزاع الليبي في 23 أكتوبر 2023، ويقضي بـ"سحب المرتزقة والعناصر الأجنبية خلال ثلاثة أشهر من توقيعه".

موسكو تبحث عن أماكن نفوذ جديدة

في المقابل، ترى روسيا أن استمرار حالة الانقسام في المشهد الليبي، والذي يتناقض مع المشروع الذي كان يتبانها الحداد، فرصة كبيرة لتعويض غياباتها في مناطق نفوذ أخرى في الشرق الأوسط، وأهمها سوريا التي تندفع بقوة –تحت قيادة الرئيس الجديد أحمد الشرع- باتجاه واشنطن على حساب الدب الروسي.

كما ترى موسكو في استمرار المشهد الليبي المنقسم فرصة جيدة لفرض نفوذها على ممرات التجارة والغاز في منطقة البحر المتوسط، ما يمثل ضغطا على دول جنوب أوروبا التي تدعم أوكرانيا بقوة في حربها مع روسيا.

مقاتلون روس على الأراضي الليبية

وبحسب تقرير نشره مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية ديميتري بريجع في 27 مايو 2025، فإن الرئاسة الروسية انتهت إلى أن خسارة قواعدها في البحر المتوسط بسبب التغيرات في دمشق يمكن تعويضها بإنشاء بدائل ليبية؛ حيث بدأت طائرات النقل الروسية نقل مواقعها من سوريا إلى ليبيا منذ نهاية 2024؛ فضلا عن وجود عناصر "فاجنر" الروسية على الأراضي الليبية.

ويقول بريجع: تفيد التحليلات بأن نحو 800 إلى 3000 مقاتل روسي (أي ما يعادل لواء ميكانيكيا) يعملون حاليا في شرق ليبيا، متنقلين بين قواعد مثل البريقة والخادم والجفرة وجبل سيدي؛ فيما اقتحمت شركات النفط الروسية مثل "روس نفط" سوق النفط في الشمال الليبي.

التواجد الأجنبي يمثل عائقا أمام خريطة الطريق السياسية الليبية

وعلى الرغم من استمرار تواجد من وصفهم الاتفاق بـ"المرتزقة" "والعناصر الأجنبية" داخل المشهد الليبي، إلا أن اللجنة العسكرية الليبية المشتركة حققت أهدافا أخرى أهمها "وقف نزف الحرب وحقن دماء الليبيين، والذي لم يشهد خروقات من أي طرف"، بحسب بيان أصدرته اللجنة في 23 أكتوبر 2025.

وفي 19 ديسمبر الجاري، نقل الموقع الإلكتروني لمنظمة الأمم المتحدة عن الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا هانا تيته قولها: إن "تنفيذ خريطة الطريق السياسية في ليبيا لا يزال يصطدم بتحديات عديدة منذ عرضها على مجلس الأمن الدولي قبل أربعة أشهر"، محذرة من مغبة "رهن العملية السياسية بجمود مواقف الأطراف الليبية الرئيسية التي تساهم -سواء عن قصد أو بغير قصد- في إطالة أمد الوضع القائم في ليبيا".