فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

الست لما.. يكتبه رامي قشوع!

لا أكتب هنا عن فيلم "الست"، لأنني لم أشاهده بعد، ولكني أكتب تعليقا على عاصفة الجدل التي أثارها بمجرد نشر إعلاناته الترويجية، حيث بدأ الهجوم على الفيلم من زواية ماكياج الفنانة منى زكي، الذي لم ينجح في تقريب ملامحها من ملامح كوكب الشرق أم كلثوم، وتصاعد الهجوم، بعد نزول الفيلم في دور العرض.. 

ووصل الأمر لوصفه بالمؤامرة على تاريخ أم كلثوم، ومحاولة تدمير قوى مصر الناعمة، إلى آخر ذلك من اتهامات، دفعت رئيس هيئة الترفيه السعودية إلى إصدار بيان ينفي علاقة الهيئة بإنتاج الفيلم مؤكدا أن دورها اقتصر فقط على الرعاية، دون المشاركة في أي مرحلة من مراحل صناعة الفيلم.


وبعد مراجعة لأغلب ما نٌشر عن الفيلم في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، أستطيع أن أؤكد أن سبب هذا الهجوم غير المسبوق على الفيلم هو أن من شاهدوه توقعوا نسخة أفضل من مسلسل أم كلثوم، أو على الأقل نسخة مساوية للمسلسل من حيث دقة التناول، دون أن ينتبهوا إلى أن كاتب فيلم الست هو أحمد مراد، وليس الأستاذ محفوظ عبدالرحمن، ومخرجه هو مروان حامد، وليس الأستاذة إنعام محمد علي.


ولو أردنا عقد مقارنة بين صناع أم كلثوم المسلسل، وصناع فيلم الست، فلن تكون المقارنة بين أحمد مراد ومحفوظ عبدالرحمن من حيث مهارات كتابة السيناريو، لأن أحمد مراد سيناريست محترف وله سابقة أعمال ناجحة تؤكد مهاراته (في الصنعة).. 

ولا بين مروان حامد وإنعام محمد على من زاوية امتلاك تكنيك الإخراج أو زوايا الكاميرا وحجم اللقطات والكادرات، فالمقارنة هنا ستكون لصالح مروان حامد ليس اعترافا -فقط - بموهبته التي لا ينكرها أحد، وإنما لأن هناك تقدما تكنولوجيا هائلا، أضاف للمخرج –دون شك– أدوات ووسائل لم تكن متاحة لمخرجة كبيرة هي إنعام محمد على، وقت انتاج مسلسل أم كلثوم ( عام 1999).


لكن عنصرا حاسما يميز محفوظ عبدالرحمن وإنعام محمد علي، أعتقد أن مراد ومروان لا يمتلكانه، هذا العنصر الحاسم هو امتلاك الرؤية التي تحدد لصاحبها ماذا يريد أن يقول من خلال عمله الفني، ولا أعني بذلك رسالة العمل بمعناها المباشر والأخلاقي، ولكن لابد أن يكون للعمل الفني هدف ما..

وأخشى أن يكون الهدف من فيلم الست هو الاستجابة لشهوة الاختلاف عما هو سائد، بحيث يتم تقديم الوجه الآخر لأم كلثوم فقط، بمعنى التركيز على كل المواقف والصفات التي تكسر هالة القداسة التي أحاط بها العرب مطربتهم المفضلة!
 

كان من الممكن أن ينجو فيلم الست من هذا الهجوم الكاسح لو أن صناعه اختاروا زواية محددة في حياة أم كلثوم لتناولها والتركيز عليها دون التورط في عمل يدعي أنه يقدم سيرة ذاتية لها، وأذكر هنا مثالا واضحا يؤكد وجهة نظري هو فيلم ناصر 56 الذي حقق نجاحا مبهرا عند عرضه ومازال يحصد المشاهدات كلما أٌعيد عرضه.. 

والسبب أن صناعه حددوا موقفا واحدا وأزمة واحدة واجهت بطل الفيلم، عندما تم تأميم قناة السويس، وما تلا ذلك من أحداث العدوان الثلاثي على مصر، ونتيجة لهذا التناول أصبح الفيلم مصنفا ضمن الأفلام الوطنية التي تتناول فترة دقيقة من تاريخ مصر، وليس مجرد حكاية عن سيرة ذاتية لجمال عبدالناصر!


وينبغي أن يطمئن هواة التفسير التآمري لكل الأحداث مهما قل شأنها، فالحقيقة أنه لا توجد مؤامرة على مصر ولا على أم كلثوم، وكل ما في الموضوع أن فيلم الست وقع في يد كاتب لا يمتلك رؤية، بل تكون رؤيته أحيانا مدمرة، وهو ما صنع حاجزا نفسيا بيني وبين ما يكتبه منذ أن شاهدت فيلم الفيل الأزرق ووجدته ينتصر للدجل والخرافة على حساب العلم فيجعل العفريت يقتل الطبيب النفسي!

الغريب أن مؤلف الفيلم عندما حاول الدفاع عن نفسه ضد مهاجمي عمله، تورط في مشاكل أخرى كان أبرزها قوله "لو صنعت فيلم عن رسول كان سيكون أسهل من كتابة فيلم عن أم كلثوم"، وهو رد يؤكد لك أننا أمام نموذج كاتب قريب الشبه بالسيناريست رامي قشوع بطل فيلم “بطل من ورق”..

الذي قدم شخصيته الفنان ممدوح عبدالعليم، حيث تسبب سيناريو من تأليفه في سلسلة من الجرائم ارتكبها شخص معتوه قرر تنفيذ سيناريو الفيلم في الواقع بطريقته، وعندما حاصره رجال الشرطة، وقف رامي قشوع مرتبكا وخائفا ومهزوزا وقال جملته الشهيرة "مبيعرفش يوقفها"!