فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

الصمت الإيجابي وسيلة تربية فعالة مع الأبناء وقت الغضب

الصمت الإيجابي
الصمت الإيجابي

الصمت الإيجابي مع الأبناء وقت الغضب، يُعد من أكثر الطرق التربوية فعالية وذكاءً، خصوصًا مع الضغوط اليومية وضيق الوقت والضجيج المستمر في حياة الأمهات.

كثيرًا ما نجد أنفسنا في لحظات غضب شديد بسبب تصرفات الأبناء، سواء كان ذلك نتيجة إهمال واجباتهم، أو تكرار الأخطاء، أو العناد، أو الجدال المستمر. وفي تلك اللحظات، يكون الصمت الإيجابي بمثابة خطوة واعية توقف الانفعال وتحمي العلاقة.

في هذا التقرير تشرح الدكتورة عبلة إبراهيم أستاذ التربية ومستشارة العلاقات الأسرية بالتفصيل، مفهوم الصمت الإيجابي، فوائده، كيفية تطبيقه، وأفضل التمارين التي تساعد الأم على تبنيه دون الشعور أنها تخسر سيطرتها أو دورها التربوي.

ما هو “الصمت الإيجابي”؟ 

الصمت الإيجابي ليس تجاهلًا أو انسحابًا هروبيًا، وليس صمتًا يعكس غضبًا مكبوتًا أو تهديدًا غير مباشر.
بل هو قرار واعٍ من الأم بالامتناع عن رد الفعل اللفظي في لحظة الغضب، حتى لا تخرج كلمات جارحة أو أوامر قاسية، وحتى يمكن إدارة الموقف بعقلانية وحضور.
الصمت الإيجابي هو مساحة تهدئة، ومسافة مؤقتة بين الأم والطفل، هدفها:
حماية مشاعر الطفل
ضبط انفعالات الأم
إعطاء العقل فرصة لقيادة الموقف بدل العاطفة
إنه صمت هدفه الإصلاح لا العقاب.

لماذا نحتاج الصمت الإيجابي؟

في لحظات الغضب، يسيطر الجزء العاطفي من الدماغ، وعندما نصرخ أو نلوم أو نهدد، تكون النتيجة غالبًا:
مقاومة من الطفل
عناد وتمرد أكبر
شعور بالذنب للأم بعد انتهاء الموقف
تراجع الثقة والحوار بين الطرفين.

 

بينما الصمت الإيجابي:
يوقف التصعيد فورًا
يمنع تراكم الكلمات المؤذية
يُشعر الطفل بالأمان بدل الخوف
يُعطي الأم قدرة على التفكير في رد تربوي صحيح
هو نوع من التربية الهادئة، التي تحفظ الهيبة دون صراخ، وتحافظ على الحب دون تنازل عن الحدود.

 

الفرق بين الصمت الإيجابي والصمت العقابي

 

الصمت الإيجابي
مؤقت ولحظة تهدئة ممتد ويشبه الهجر
هدفه تنظيم الانفعال
يصاحبه تعبير لاحق وحوار
يقوي العلاقة

 

الصمت العقابي
هدفه إيذاء وكسرة نفس
يصاحبه تجاهل وعدم تفسير
يُضعف الثقة ويزيد القلق

 

الصمت الإيجابي يُرجع الأم لوعيها، بينما الصمت العقابي يترك الطفل في خوف وارتباك.

 

متى نستخدم الصمت الإيجابي؟
 

يُنصح باستخدامه في الحالات التالية:
وقت العصبية الشديدة
عند فقدان القدرة على التحكم في الكلمات
في لحظات العناد أو الجدال المستمر
عندما يبدأ الطفل بالرد بعصبية أو بكاء عنيف
عند وصول الحوار لطريق مسدود
في كل هذه الحالات، الكلام لن ينفع، بل أحيانًا يزيد النار اشتعالًا.
الصمت هنا هو “مكبح انفعالي” ضروري.

التعامل مع ابنائك
التعامل مع ابنائك

كيف نطبق الصمت الإيجابي عمليًا؟
 

تنفسي بعمق وابتعدي قليلًا
خمس أنفاس عميقة
مغادرة المكان إن أمكن


أعلني بهدوء أنك تحتاجين وقتًا
جملة بسيطة مثل:
"أنا محتاجة دقيقة أهدى، وهنكمل كلامنا بعد شوية."

تجنبي نظرات الغضب والتهديد
النظرة الحادة تُهدم أثر الصمت الهادئ.

مارسي ضبط الجسد
لا إشارات بيدك
لا صوت عالٍ
لا تكسير كلمات بحدة

عودي للحوار بعد الهدوء
ولا تتجاهلي الطفل، بل قولي:
"كنت عصبية، وقررت أسكت بدل ما أقول كلام يزعلك. دلوقتي نقدر نفكر ونتكلم مع بعض."

 

ماذا يحدث للطفل عندما نستخدم الصمت الإيجابي؟
 

يتعلم الطفل ضبط الانفعال من قدوته الأولى: الأم
يشعر بالأمان لأنه لم يتعرض لعاصفة غضب
يفهم أن المشكلات تُحل بالعقل
يدرك أن الصراخ ليس وسيلة حوار
مع التكرار، يبدأ الطفل هو أيضًا في تطبيق نفس المهارة. الطفل يتربى بالتقليد أكثر من الكلام.

 

فوائد الصمت الإيجابي للأم
 

يحافظ على طاقتها النفسية
يقلل الندم بعد الانفعال
يمنحها سيطرة حقيقية على الموقف
يخلق بيئة هادئة في المنزل

الصمت هنا ليس ضعفًا، بل قوة انضباط داخلي.

 

أخطاء شائعة يجب تجنبها
تجاهل الطفل لفترات طويلة
اتخاذ الصمت وسيلة ضغط
إنهاء الموقف دون تفسير بعدها
الصمت مع نظرة غضب أو عتاب قاسية

 

الصمت الإيجابي يعتمد على النية: نية تقويم وتربية، وليس معاقبة.
تمارين تساعدك على تبني هذا الأسلوب
تمرين العد لـ 10 عند الغضب
شرب ماء أو غسل الوجه عند الانفعال
كتابة الأسباب الحقيقية وراء الغضب في دفتر يومي
استخدام جملة ثابتة عند الحاجة للصمت مثل:
"هنهدى شوية ونكمل."
عمل “اتفاق بيت” بأن الصراخ لن يكون وسيلة حوار

 

كلمة أخيرة للأم
تذكري أن الأم ليست سوبروومان. طبيعي جدًا تشعري بالضغط.
لكن كل مرة تختارين فيها الصمت الإيجابي بدل الصراخ، أنتِ:
تعلمين ابنك مهارة حياتية عظيمة
تحفظين كرامتك وكرامة طفلك
تبنين بيتًا آمنًا نفسيًا
التربية ليست حربًا… إنها رحلة حب وصبر ونمو للطرفين.
أنتِ لا تهدئين فقط طفلك… أنتِ تهذبين روحك أيضًا.
أحسني لنفسك أولًا، وستُحسنين لكل من حولك