فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

أطباء يحذرون: ضعف القلب يؤثر بشكل مباشر في فرص الإنجاب لدى الرجال والنساء

ضعف القلب، فيتو
ضعف القلب، فيتو

عند الحديث عن الخصوبة، غالبًا ما ينصب التركيز على الأعضاء التناسلية أو الهرمونات أو حتى عوامل نمط الحياة مثل النظام الغذائي والنشاط البدني. 

غير أن جانبًا بالغ الأهمية كثيرًا ما يتم إغفاله، وهو دور القلب في الصحة الإنجابية. فقد أظهرت دراسات متزايدة أن صحة القلب والأوعية الدموية تؤثر بشكل مباشر على فرص الإنجاب لدى الرجال والنساء، وأن فهم هذه العلاقة يعد جزءًا أساسيًا من الرعاية الإنجابية الشاملة.

 

القلب.. شريان الحياة للخصوبة

أوضح الدكتور كشيتيز مورديا، استشاري أمراض القلب أن نجاح العملية الإنجابية يعتمد إلى حد كبير على كفاءة الدورة الدموية في الجسم وفقا لما نشر  على Onlymyhealth
 

وأضاف: "يعتمد الإنجاب بشكل كبير على الدورة الدموية السليمة ويعمل الجهاز القلبي الوعائي كشبكة توصيل في الجسم، حيث ينقل الأكسجين والمغذيات والهرمونات إلى الأعضاء التناسلية. وعندما لا يعمل القلب أو الأوعية الدموية على النحو الأمثل، يتعطل هذا النظام الحيوي، مما قد يؤثر بشكل مباشر في الخصوبة".

 

صحة القلب لدى النساء مرتبطة بفرص الحمل

وتشير دراسات متعددة إلى أن النساء اللاتي يتمتعن بصحة قلبية وعائية أفضل وفقًا لمقاييس Life’s Essential 8 التابعة لجمعية القلب الأمريكية أقل عرضة للإصابة بالعقم.


وتابع: "النساء اللواتي حصلن على درجات أعلى في مؤشرات صحة القلب والأوعية الدموية كنّ أقل عرضة للإصابة بالعقم بنسبة تصل إلى 41% مقارنةً بمن حصلن على درجات منخفضة وهذه النتائج تبرز العلاقة الوثيقة بين صحة القلب والقدرة الإنجابية".

 

وتدعم أبحاث أخرى هذه النتائج، إذ وجد باحثون أن تصلب الشرايين، وهو مؤشر على شيخوخة الأوعية الدموية وخطر الإصابة بأمراض القلب، يمكن أن يؤثر بشكل كبير على نتائج الحمل.

في دراسة نشرت في مجلة Signal Transduction and Targeted Therapy، تبين أن النساء اللواتي يعانين من تسمم الحمل غالبًا ما تظهر لديهن زيادة في تصلب الشرايين حتى قبل ظهور الأعراض السريرية. 

وقد أظهرت قياسات سرعة موجة النبض، وهي المعيار الأمثل لتقييم تصلب الشرايين، قدرتها على التنبؤ بارتفاع ضغط الدم الناتج عن الحمل، ما يجعلها أداة مفيدة للكشف المبكر عن المخاطر المحتملة على صحة الأم والجنين.

 

الخصوبة عند الرجال... مرآة لصحة القلب

ولا تقتصر العلاقة بين القلب والخصوبة على النساء فحسب، بل تمتد أيضًا إلى الرجال. فقد أثبتت الدراسات السكانية وجود صلة واضحة بين خصوبة الرجال والصحة القلبية العامة.

وتشير النتائج إلى أن الرجال الذين يعانون من العقم غالبًا ما تكون لديهم معدلات أعلى من الاضطرابات الأيضية وأمراض القلب والأوعية الدموية مقارنةً بالرجال الخصيبين في الفئة العمرية نفسها.

ويوضح الخبراء أن خلل بطانة الأوعية الدموية وهي الحالة التي تتأثر فيها الطبقة الداخلية للأوعية يلعب دورًا محوريًّا في ربط أمراض القلب بضعف الانتصاب والعقم الذكري. ويحدث هذا بسبب انخفاض إنتاج أكسيد النيتريك، وهو جزيء يساعد على توسيع الأوعية الدموية، ما يؤدي إلى ضعف تدفق الدم الضروري لكل من الانتصاب وإنتاج الحيوانات المنوية.

ويؤكد الدكتور مورديا أن ضعف الانتصاب قد يكون إشارة مبكرة على وجود مشكلات وعائية كامنة، بل وقد يسبق حدوث مضاعفات قلبية أكثر خطورة.

 "من المفيد أن يخضع الرجال الذين يعانون من ضعف الانتصاب لتقييم شامل لصحة القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك تحليل الدهون في الدم، وفي بعض الحالات، إجراء مخطط صدى القلب ثنائي الأبعاد لتقييم وظيفة القلب"، يوضح الدكتور مورديا.

 

القلب والهرمونات وتوازن دقيق بينهم 

إلى جانب دوره في تدفق الدم، يؤثر القلب أيضًا على الخصوبة عبر التنظيم الهرموني. فالهرمونات الجنسية مثل الإستروجين والبروجسترون والتستوستيرون ضرورية لعملية الإباضة لدى النساء وإنتاج الحيوانات المنوية لدى الرجال.

لكن أمراض القلب أو الأدوية المستخدمة لعلاجها قد تؤدي أحيانًا إلى اضطراب في مستويات هذه الهرمونات، مما ينعكس سلبًا على الخصوبة.

كذلك، تلعب عوامل نمط الحياة دورًا مهمًا في هذا الترابط؛ فالحفاظ على وزن صحي، وممارسة النشاط البدني المنتظم، واتباع نظام غذائي متوازن، كلها ممارسات تدعم صحة القلب والأوعية الدموية وتُحسّن في الوقت نفسه من الصحة الإنجابية.

في المقابل، يمكن أن تؤدي العادات السلبية مثل التدخين، والإفراط في تناول الكحول، والسلوك الخامل إلى تدهور صحة القلب وانخفاض الخصوبة بشكل ملحوظ لدى الجنسين.

 

جسد واحد... صحة واحدة

يختتم الدكتور مورديا حديثه قائلًا:"العلاقة بين صحة القلب والخصوبة تذكّرنا بأن الجسم نظام متكامل، لا يمكن فصل أجزائه عن بعضها البعض، إن إعطاء الأولوية لصحة القلب والأوعية الدموية لا يساعد فقط في الوقاية من أمراض القلب، بل يعزز أيضًا فرص الحمل والحمل الصحي".

 

ويؤكد الأطباء أن تبني نهج متكامل للرعاية الصحية يراعي صحة القلب والإنجاب في آنٍ واحد يمكن أن يحسن من نتائج الخصوبة ويحد من المخاطر الصحية طويلة الأمد.

ومع استمرار الأبحاث في كشف الروابط الدقيقة والمعقدة بين وظائف القلب والأوعية الدموية والقدرة على الإنجاب، تبقى صحة القلب أحد العوامل الجوهرية التي يجب على الأزواج الراغبين في الإنجاب وضعها ضمن أولوياتهم الصحية، ليس فقط لتحقيق حلم الأمومة أو الأبوة، بل أيضًا لضمان حياة صحية طويلة ومستقرة.