كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟
كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره، في عالم يمتلئ بالضغوط والمثيرات، يصبح من الضروري أن نساعد أطفالنا على فهم مشاعرهم والتعبير عنها بطريقة صحية وآمنة.
أكدت الدكتورة عبلة ابراهيم أستاذ التربية ومستشارة العلاقات الأسرية، أن الطفل الذي يتعلم منذ الصغر أن يعبّر بالكلمات عن غضبه أو خوفه أو حزنه، هو طفل أكثر اتزانًا نفسيًا، وأقدر على التواصل، وأقل عرضة للسلوك العدواني أو الانطوائي.
أضافت الدكتورة عبلة أن تعليم الطفل التعبير عن مشاعره ليس أمرًا يحدث بين يوم وليلة، بل هو رحلة تحتاج إلى وعي وصبر واحتواء من الأهل، خاصة من الأم التي تمثل الحاضنة الأولى لمشاعره.
طرق تعليم الطفل التعبير عن مشاعره
في هذا التقرير، تقدم الدكتورة عبلة لكل أم بالتفصيل خطوات عملية ووسائل فعالة لتعليم الطفل التعبير عن مشاعره بالكلمات، ولماذا تعتبر هذه المهارة من أهم ركائز التربية العاطفية السليمة.

ابدئي أنتِ بالنموذج
الأطفال لا يتعلمون بالكلمات فقط، بل بالأمثلة التي يعيشونها يوميًا. عندما تعبّرين أنتِ عن مشاعرك بوضوح وهدوء، يتعلم الطفل تلقائيًا أن المشاعر ليست شيئًا مخيفًا أو يجب إخفاؤه.
على سبيل المثال، يمكنك أن تقولي أمامه:
"أنا حزينة لأننا لم نخرج اليوم كما خططنا، لكني سأحاول أن أكون إيجابية."
"أنا سعيدة جدًا لأنك رتبت غرفتك من غير ما أطلب منك."
حين يسمع الطفل هذه العبارات، يبدأ في تكوين مفرداته العاطفية الخاصة، ويشعر أن التعبير بالكلمات أمر طبيعي ومقبول.
ساعديه على تسمية المشاعر
كثير من الأطفال يشعرون بالحزن أو الغضب، لكنهم لا يعرفون ما يسمّى هذا الإحساس. مهمتك كأم أن تعلّميه تسمية مشاعره بطريقة بسيطة.
يمكنك استخدام جمل مثل:
"أنت زعلان علشان لعبتك اتكسرت؟"
"حاسس بالخوف من الصوت العالي ده؟"
"مبسوط لأن بابا رجع بدري النهارده؟"
مع الوقت، سيتعلم الطفل أن يقول بنفسه: "أنا زعلان" أو "أنا متوتر" بدلًا من الصراخ أو البكاء أو الضرب. هذه الخطوة البسيطة تبني أول جسر بين مشاعره وكلماته.
استخدمي القصص والرسومات
القصص وسيلة ساحرة لتعليم المشاعر، خصوصًا للأطفال في سن ما قبل المدرسة. يمكنك اختيار قصص تتحدث عن مشاعر مختلفة مثل الخوف، الغيرة، الحزن، أو السعادة، ثم تناقشي معه ما الذي شعر به البطل وكيف تعامل مع الموقف.
كذلك، يمكن للرسومات أن تكون أداة فعالة؛ اطلبي منه أن يرسم وجهًا سعيدًا أو حزينًا، أو أن يلوّن المشاعر بالألوان التي يختارها. فالرسم يساعد الأطفال على التعبير عن مشاعرهم بطريقة غير مباشرة، تمهيدًا للتعبير بالكلام.
اقبلي كل المشاعر ولا ترفضيها
من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها كثير من الأهل قولهم:
“ما تزعلش، ده ملوش لازمة”.
“عيب تبكي، أنت ولد كبير”.
“ما تخافش، مفيش حاجة تخوّف”.
بهذه العبارات نرسل للطفل رسالة أن مشاعره خطأ أو غير مقبولة، فيتعلم كبتها بدلًا من التعبير عنها.
الأفضل أن تعبّري عن التعاطف أولًا، ثم التوجيه ثانيًا:
“عارفة إنك خايف من الظلمة، وده طبيعي، بس خلينا نشغّل ضوء خفيف”.
“فهمت إنك غضبان علشان أختك خدت لعبتك، تعال نتكلم إزاي نحل المشكلة”.
عندما يشعر الطفل أن كل مشاعره مسموح بها، سيختار التعبير عنها بالكلمات لا بالانفعال.
علميه الفرق بين الشعور والتصرف
من المهم أن يفهم الطفل أن كل المشاعر مقبولة، لكن ليس كل التصرفات مقبولة. يمكن أن يغضب، لكن لا يحق له أن يضرب. يمكن أن يحزن، لكن لا يصرخ في الآخرين.
ساعديه بعبارات مثل:
"ممكن تقول إنك غضبان، بس ماينفعش تضرب."
"افهم إنك متضايق، قول لي بكلامك بدل ما ترمي اللعبة."
بهذا الأسلوب، يتعلم الطفل التحكم في نفسه، ويبدأ تدريجيًا في التعبير بالكلام بدلًا من السلوك.
استخدمي ألعاب المشاعر
هناك ألعاب كثيرة يمكن أن تساعدك في تدريب طفلك على التعبير، مثل:
بطاقات الوجوه التعبيرية: اجعليه يختار الوجه الذي يشبه حالته اليوم، ثم يشرح لماذا اختاره.
لعبة "اليوم كان إيه؟": في نهاية اليوم، اسأليه "إيه أكتر حاجة فرّحتك النهارده؟" و"إيه أكتر حاجة ضايقتك؟"
مرآة المشاعر: قفي أمام المرآة معه، واعملا تعبيرات مختلفة (وجه سعيد، غاضب، خائف...) واسأليه عن الموقف الذي يسبب كل شعور.
هذه الألعاب تجعل الحديث عن المشاعر عادة يومية خفيفة ولذيذة.
شجّعيه على الكتابة أو التسجيل الصوتي
للأطفال الأكبر سنًا، يمكن تشجيعهم على كتابة يوميات بسيطة عن مشاعرهم، أو تسجيل صوتي قصير يقول فيه "أنا كنت فرحان النهارده علشان..."
الكتابة والتعبير الصوتي يساعدان الطفل على تفريغ مشاعره بطريقة ناضجة، ويقللان من تراكم الانفعالات السلبية داخله.
لا تستهيني بالمواقف الصغيرة
قد يبدو لكِ أن بكاءه بسبب كسر لعبة أو منع الحلوى أمر بسيط، لكنه بالنسبة له "أزمة كبيرة". عندما تتعاملين مع هذه المواقف الصغيرة بجدية واحتواء، يتعلم الطفل أن مشاعره تستحق الإنصات، فيثق فيك ويعتاد الحديث عن نفسه.
استخدمي وقت ما قبل النوم
فترة ما قبل النوم من أنسب الأوقات لفتح باب الحديث عن المشاعر، لأن الطفل يكون أكثر هدوءًا وارتياحًا. اسأليه:
"إيه أكتر حاجة فرّحتك النهارده؟"
"هل في حاجة ضايقتك حبيت تقولها لي؟"
بهذه الطريقة يصبح التعبير عادة يومية يترسّخ مع الوقت.
امدحيه عندما يعبّر عن نفسه بالكلمات
كلما عبّر الطفل عن شعوره بوضوح، امدحيه قولي له:
"أنا فخورة إنك قلت إنك زعلان بدل ما تعيط أو تزعل في نفسك."
هذا التعزيز الإيجابي سيجعله يكرر السلوك ويعتاد عليه أكثر فأكثر.