الزعل.. القاتل الصامت!
كثيرٌ منا يغفل عن حقيقة مهمة وهى أن العوامل النفسية السيئة تتسبب في كثير من الأمراض العضوية؛ فجلطات القلب والمخ والذبحة الصدرية تقع لأسباب نفسية في الأغلب؛ فالزعل مثلًا يرفع ضغط الدم ويمكن أن يؤدى إلى حدوث تسلخ في الأورطي أو جلطة أو نزيف في المخ وسكتة دماغية.
الزعل يصيب الشريان التاجي بانقباض ويتسبب في ذبحة صدرية، ويمكنه إذا استفحل وسيطر على الإنسان أن يكسر قلبه، ويعمل متلازمة القلب المكسور(Broken heart syndrome).. أما أخطر أنواع الزعل فهو الزعل المكبوت وهو من الممكن أن يسبب عتمة في العين (مياه بيضاء)، وفقدان البصر.. قال تعالي عن نبى الله يعقوب “وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ”.
مرضى القولون العصبي لا يعرفون أن الزعل هو المتهم الأول الذي يصيب بهذه الآفة الخطيرة التي تكاد تصيب أغلب المصريين، كما أنه يمكن أن يسبب أورام القولون.
الحالة المزاجية الجيدة ترفع المناعة والعكس صحيح تمامًا؛ فسوء الحالة النفسية والإحباط واليأس والزعل يضعف المناعة ويضعف أداء “وزارة دفاع الجسم” ويفتح الأبواب لأمراض لا حصر لها، كما أن الزعل يقلل المناعة ويجعل الجسد عليلًا أو ملطشة للإصابة بكل العلل والأسقام ويجعل الشخص عرضة للعدوى بالميكروبات.
ما أجمل الشعراوي الذي كتب روشتة سهلة وبسيط للنجاة من حالات الغم والخوف والاكتئاب، بأذكار بسيطة تعد ملاذًا للإفلات من سجن المرض والوهن والوقوع في براثن العلل التي لا ترحم.. يقول إمام الدعاة: قالَ أحد الصّالحين: عجبت لمن بُلي بالضر، كيف يذهل عنه أن يقول:{إنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} والله تعالى يقول في عقبها: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ}.(الأنبياء: 84).
وعجبت لمن بلي بالغم، كيف يذهل عنه أن يقول:{لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}.. والله تعالى يقول بعدها:{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} (الأنبياء 88).. وعجبت لمن خاف شيئًا، كيف يذهل عنه أن يقول:{حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.. والله تعالى يقول بعدها:{فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} (آل عمران:174)..
وعجبت لمن كوبد في أمر، كيف يذهل عنه أن يقول: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} والله تعالى يقول بعدها: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} (غافر:45).. وعجبت لمن أنعم الله عليه بنعمة خاف زوالها، كيف يذهل عنه أن يقول: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ}.
هذه أسرار تفتح للإنسان طريقًا للأمن والطمأنينة إذا اعتصم بها وأقبل عليها مؤمنا بها، راجيًا فضل الله وعفوه فالله تعالى يقول “أنا عند ظن عبدي بي”.. فاللهم ارزقنا حسن ظنك بنا واجعل لنا من كل ضيق مخرجًا ومن كل هم فرجًا.
وتبقى أخيرا حقيقة لا مفر منها.. فضغوط الحياة الصعبة.. وصعوبة مواجهتها أحد أهم أسباب الضيق والزعل لملايين المصريين.. ومن منا ينكر ذلك؟!