فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

أكتوبر.. ولو كره الخونة

كل عام ومع ذكرى نصر أكتوبر 1973، يخرج من هنا وهناك صوت مرتجل يكرر عبارة واحدة كأنها حقيقة مسلم بها: «مصر خسرت الحرب».. فلا بأس إذا مرحبًا بالخسارة إذا كانت نتيجتها استرداد الأرض، وكسر شوكة المعتدي، وكتابة فصل جديد في تاريخ الأمة يدرس للأجيال.

ماذا تعني كلمة خسارة أمام سيناء عائدة إلى حضن الوطن؟ وماذا تعني أمام جيش اجتاز الصعاب وكتب بأرواح مناضلة معاني الفداء والكرامة؟

مصر ليست لحظة عابرة في صفحة زمنية، مصر أقدم دولة في التاريخ، وهبها الله جيشا يحمل وصية الوطن منذ آلاف السنين.. الجندي المصري لا يهبط إلى ساحة القتال من أجل جنيه أو مكسب شخصي، بل يهبها حياته من أجل حماية منزل صغير، من أجل أم تبكي في المساء، من أجل علم يرفرف على تراب كريم.


في أكتوبر بل ومن قبله دفع هذا الجندي حياته ثمنا للكرامة، ولم ينتظر شهادة شكر توضع في رف، بل أراد أن يرى أرضه تعود.

لن تخدش حقيقة النصر أي كذبة سخيفة تطلقها ألسنة خائنة أو حسودة، التاريخ لا يمسح بثرثرة رخيصة.. النصر الخالد يقاس بما تبقى من عزيمة ووعي ودرس، وما تبقى هو مصر باقية شامخة تتعلم من ماضيها وتبني حاضرها، وأولئك الذين يحاولون تدنيس النصر بترديد كلمات فارغة، سيذهبون غير مأسوف عليهم فالأمة أقوى من أن تهزم بكذبة أو تخدش بسخرية بائسة.

لننسَ المجادلات العابرة، ولننظر إلى الواقع: أرض أعيدت.. نفس انتعشت.. عزيمة تتجدد، هذه هي الحقيقة وهذه هي الخلاصة التي لا ترد.

نحتفل بأبطال منحوا الوطن ما هو أغلى، أرواحهم، ونحفظ لهم مكانة لا تمحى في ذاكرة شعب لا ينسى من دفع الثمن دفاعا عن حريته.

فإلى كل صوت يهمس بالخسارة: إن النصر ليس كلمة تقاس على الورق وحده، بل فعل يقاس بالمكتسبات والكرامة والذاكرة. ومصر بأهلها وجيشها وتاريخها باقية، كما كانت وستبقى.. أما هم فأسماؤهم لن تبقى طويلا في صفحات المجد.. زائلون.