فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

وجيه شوقي.. سر حياتي

في مثل هذا اليوم، من ستة وستين عامًا، وُلد رجل لم يكن مجرد شخص عادي في حياتي، بل صار علامة فارقة في تكويني، ومعلمًا صامتًا بالكلمة وبالفعل.. والدي الحبيب، الذي أكتب اليوم من أجل عيد ميلاده، هو بالنسبة لي مدرسة متكاملة، لم يعلّمني فقط في مجال تخصصه، طب الأسنان، بل علّمني معنى أن أعيش كل لحظة بمحبة، وأن أقترب من كل تفاصيل الحياة بجدية وإخلاص.

 

هو مصدر معرفتي الأولى، والمرجع الذي أعود إليه في كل موقف صعب، ما تعلمته منه لم يكن مجرد مهارات، بل رؤية للحياة. منه عرفت أن الحب ليس كلمة، بل أسلوب حياة. منه عرفت أن القوة الحقيقية ليست في الصوت العالي أو المظهر الخارجي، بل في الثبات والهدوء والقدرة على الاحتمال.

 

في كل مرة كنت أعبر فيها تجربة قاسية أو جراحة مؤلمة، كنت أرى فيه صورة إبراهيم وهو ينظر إلى إسحق ابنه. كان قلبه ممتلئًا بالحب، لكنه أيضًا ممتلئ بالإيمان. ربما كان يتألم في صمت، لكنه أبدًا لم يتزحزح عن ثقته في الله. تلك الصورة ترسّخت داخلي: أب قوي، يحمل مخاوفه بصبر، ويضعني دائمًا على المذبح بين يدي الرب، واثقًا أن يد الله لن تتركني.

 

وأنا، ابنه، أشعر اليوم بفخر كبير. ليس فقط لأنه أبي، ولكن لأنه قدوتي. فحين أنظر إلى رحلته، أتعلم كيف أكون إنسانًا حقيقيًا، كيف أكون ابنًا بارًا، وكيف أسلّم حياتي للرب في ثقة كما يفعل هو.

 

في عيد ميلاده السادس والستين، أرفع شكري لله الذي أعطاني هذه العطية العظيمة. وأرفع صلاتي أن يطيل عمره بسلام وصحة، وأن يعطيني أن أكون امتدادًا له، شاهدًا حيًا على ما غرسه فيّ من قيم وإيمان.

كل سنة وأنت بخير يا أبي الغالي. كل سنة وأنت مصدر فخر وفرح لبيتك ولأولادك وأحفادك. كل سنة وأنت لنا صورة حية لإبراهيم الذي بالإيمان صار أبًا للأمم، وأنت بالنسبة لي أبًا وقدوة مدى الحياة.. فالناس يروك في الحياة أما أنا أراك الحياة.