رسالة إلى الأسرى الفلسطينيين
لا أعرف كم من الوقت مضى عليكم وأنتم ترزحون في أغلال الاحتلال الغاشم خلف قضبان السجون الخانقة.. الوقت عندنا يمضي بسرعة، لكنه بالتأكيد لا يمر عليكم بسهولة، الثواني ثقيلة، والدقائق كأنها أيام، والساعات دهور..
فكل ثانية تتلقون فيها أمرا بغيضا، وكل دقيقة تحمل لكم هما جديدا، أو عذابا لا يحتمل، وكل ساعة تلد مأساة، تعني إزهاق روح بريئة، أو نزف لجرح شديد الإيلام.
الليل والنهار بالنسبة لكم سواء، فبزوغ شمس النهار تعني لنا إشراقة يوم جديد، تحمل تفاؤلًا وطموحا ورجاء، ورغبات في إنجازات ونجاحات، بينما هي بالنسبة لكم لا تعني إلا أنباء محزنة، وتحقيق شديد الصعوبة، ومعاناة من أوامر فظيعة، وابتلاءات في النفس والأهل.
وإقبال الليل في بلادنا يعني الاستعداد للراحة، والتوجه نحو الفراش الوثير، والاستماع بأحلام سعيدة.
أما الليل في زنازينكم فهو مرادف للظلام الحالك، ولعق الجراح الثخينة، والتعرض لممارسات المحتل الظالم بكافة ألوان التعذيب والإيلام..
والحرص على إبقاء الأرق لكم رفيقًا وملازما، على أرض رطبة صلدة، لربما تغرقها مياه الصرف، ذات الرائحة الكريهة، فهي ٱتية من الحمام الموجود في الزنزانة نفسها بدون فاصل ولا عازل.. هذه هي حياتنا وتلك هي حياتكم، وهذا هو صمودكم، واستبسالكم، وبطولاتكم.
ولكن لا تظنوا أن حكاياتكم ستروح هباء.. بل إنها تحمل في طياتها مستقبل شبابنا، ورجولة أطفالنا، وبطولة نشئنا.. هي بمثابة الأمل لكل العرب، ولكل الأحرار في العالم، ودرس بأن الحرية غالية، والكرامة مهرها الأرواح، وثمنها الدماء الذكية.
أسأل الله العظيم أن يجمعنا بكم في يوم ترتفع فيه هاماتنا فخرا وعزا، ونشد فيه على أيديكم بالتهنئة بالنصر المؤزر.