المواجهة مع الإخوان في ماسبيرو.. الشهادة لله!
قبل أن تقرأ..
السطور التالية لا تقف عند المعنى المباشر لتفاصيلها، إنما لكونها مثالًا لعشرات من الأحداث جرت وتجري.. وقد ترددنا لأسبوعين في نشرها ليس لأسرار خطيرة فيها، إنما لأن جانبًا شخصيًا يمسنا منها..
فقبل عشر سنوات كاملة نصحت السيدة ميرڤت خيرالله رئيس شبكة البرنامج العام بأن تخصص مساحة من وقت الشبكة لـ "حروب الجيل الرابع" لكونها معارك العصر.. وللأمانة، وكانت حاسمة في هذه الأمور شديدة البأس مع كل ما هو إخواني..
فقد قررت في اليوم نفسه فقرة ثابتة عن الموضوع.. دقائق يومية يتحدث فيها أحد المتخصصين عبر الهاتف عن إشاعة أو موضوع ما يتبناه إعلام الشر!
بعد أسابيع دعتني ميرفت خيرالله لمكتبها وهناك وجدتها والدكتور هشام محفوظ الإذاعي الكبير بالبرنامج العام وقتها (رئيس شبكة الإذاعات الإقليمية الآن)، وطلبا أن أكون ضيفًا ثابتًا والمتحدث لبرنامج عن ملف الجيل الرابع، قائلين -وفق رؤيتهم ومنطقهم-: إنني متخصص في فهم هذا النوع من الحروب وبالتالي سيكون سهلًا شرحه للمستمعين.. كان الاقتراح من الدكتور محفوظ وأقنع به رئيس الشبكة واستعجلته ليكون على الخريطة بأسرع ما يمكن.. وقد كان!
بدأ البرنامج يومي السبت والإثنين من الواحدة إلى الثانية كساعة كاملة نشرح فيها الموقف السياسي ثم بعض معارك الجيل الرابع المطروحة في الإعلام، ثم ما تيسر من إشاعات لشرحها وتفنيدها وليس نفيها فقط! فقد هدفنا إلى تدريب المواطن على تحليل الإشاعة بنفسه وامتلاك القدرة على اكتشاف زيفها!
وفجأة وبقرار مفاجئ له تفاصيل يمكن شرحها في مناسبة أخرى، غادرت السيدة ميرڤت خيرالله موقعها ضمن تغييرات جرت داخل قطاع الإذاعة، وفجأة وجدنا هجومًا كاسحًا على البرنامج الذي بدأ بعنوان حروب الجيل الرابع، قبل تغييره لاحقًا إلى المواجهة..
الهجوم الكاسح بدأ -رغم الفارق الكبير في التأثير بين الإذاعة والقنوات التلفزيونية- قبل رحيل رئيس الشبكة وتصدت له بقوة.. ورغم اختيار البرنامج وقتها كأفضل برنامج إذاعي (ومحل إشادة تقارير المتابعة).. لكن كانت الحجج هي: مافيش حاجة اسمها حروب جيل رابع، ومافيش مؤامرة على مصر، ودي أوهام في عقولكم، ووقت الشبكة يضيع في الهواء.. إلخ إلخ!! كان بعض ذلك يقال في الغرف المغلقة وفي طرقات الإذاعة.. وبعضه علنًا في الاجتماعات!
تدخل بقوة ومن جديد الدكتور هشام محفوظ الذي سارع بشرح الأمر للسيدة أمل مسعود نائب رئيس الإذاعة والإعلامية البارزة بشبكة الشرق الأوسط، التي رتبت اجتماعًا مع السيدة نادية مبروك رئيس الإذاعة التي منحتنا كل الدعم وطلبت أن نلقي خلف ظهرنا أي أقاويل..
وظلت تتابع وبإشراف مباشر من السيدة أمل مسعود أي "تحرش" بالبرنامج! لكن.. جاء الاحتكاك عبر أكثر من طريقة.. فالساعة التي قررتها السيدة ميرڤت خيرالله -قررت حلقة ثالثة لكن حالت ظروفنا دون القدرة على تنفيذ ذلك- نقول: حتى هذه المدة الزمنية تقلصت بعدد من الفقرات الصغيرة أُقحمت على زمن البرنامج حتى بلغ صافي الوقت في بعض الفترات ٣٥ دقيقة!
رغم احتجاج مستمعيه وخاصة سيدات البيوت وأصحاب الورش والمحلات والسائقين حتى لسيارات النقل على الطرق السريعة بل وفي الخارج مثل المهندس علاء ثابت رئيس البيت المصري بألمانيا!
لم تتوقف الأمور.. بل وصلت إلى مرحلة الهجوم المباشر.. فقد تعرض البرنامج إلى حرب شعواء من بعض الصفحات المجهولة على التواصل الاجتماعي.. وبالطبع كان التواصل هو معركة البرنامج الأولى.. وتم التعامل حتى توقفت الصفحات واحدة وراء أخرى! لكن دون معرفة واحد ممن يقفون خلفها!
ولقي البرنامج دعمًا -للأمانة الشديدة- من كل رؤساء الشبكات ممن تولوا المسئولية.. رغم قصر مددهم.. الإذاعي أبوالعلا حبيب ثم الدكتور حسن مدني رئيس الشبكة الأسبق، الذي سجل برومو البرنامج بصوته، وهو الموجود حتى اليوم، وأدارت السيدة إيمان عليان رئيسة الشبكة السابقة بنفسها بعض الحلقات، وكذلك منحته السيدة أمل مصطفى رئيس الشبكة حاليًا كل الدعم..
لكن لم تتوقف محاولات وقف البرنامج وتشويهه، وظل تصدي بعض الزملاء من مذيعي الشبكة مستمرًا.. خاصة الإعلامية المهاجرة للولايات المتحدة الآن شيرين صفوت، التي خاضت معارك علنية وكانت طرفًا في معارك حامية.. حماية للبرنامج!
ثم مذيعو البرنامج ممن يديرون الحوار معنا: هشام محفوظ وميادة الفيشاوي ونورا السيد وعبير صبري.. ومن تعاملوا لحلقات طارئة الأعزاء مها حسان وتنسيم البدراوي (صاحبة ضربة البداية للبرنامج واول حلقاته قبل تفرغها لبرنامج آخر) وتقى نور الدين وأسماء موسي وعمرو صبري..
في أزمة كورونا كان اضطراريًا أن تجري حلقات البرنامج عبر الهاتف.. حتى فوجئت باتصال من رئيس الشبكة الجديد وقتها المخرج الكبير الدكتور محمد لطفي (رئيس الإذاعة الحالي) يقول: "البرنامج ده مهم جدًا.. وكورونا تقريبًا انتهت.. وحضورك الاستديو ضروري وحتمي.. معارك الإعلام المعادية تشتد والحملة على مصر عنيفة وبشعة والبرنامج دوره مهم.. وشرح الإشاعات بالتبسيط الذي يحدث لا يفعله أحد"!
ثم ساند الرجل البرنامج بكل قوة.. وكذلك فعل رئيس الإذاعة السابق محمد نوار الذي صفي الخريطة من كل المتعاملين من الخارج -عدا البرامج المدفوعة بنظام الرعاية- وبقي البرنامج وحده.
وإلى جوار كل ذلك تابع الزميل العزيز الكاتب الصحفي الكبير خالد حنفي رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون كل ما تعرض له وقدم طوال السنوات الماضية دعمًا كبيرًا له وتدخل مرات عديدة في أزمات كبيرة!
ما نعنيه أن الإخوان يتآمرون.. نعم وهذا طبيعي.. لكن أيضًا هناك وطنيون مخلصون يقفون لهم ولغيرهم بالمرصاد.. وكل قيادات -قيادات- المبنى العظيم بخير.. الأجهزة تتابع عبر مفرزة قوية وفعالة.. إنما الأزمة في الصغار.. وما أكثرهم وقد تسللوا عبر سنوات طويلة..
ولا ذنب لقيادات ماسبيرو في وجودهم.. وليس مكتوب على وجوههم أنهم إخوان.. فلن تراهم في المواجهة.. ولا في الواجهة.. قد تسمع لهم همسًا.. ومن المؤكد أنك ستلمس لهم أثرًا.. فمنهم التآمر ومنهم الصغائر..
ما سبق جزء صغير جدًا كنا طرفًا فيه من بين جهود كبيرة أخرى في المبنى تتم عبر عشرات الإذاعات والقنوات التلفزيونية.. هندسة إذاعية وإصدارات صحفية.. مذيعات ومذيعون وإداريون وعمال، كلهم أبطال يعملون جميعهم في ظروف قاسية.. وفي أعمالهم مئات التفاصيل المشابهة..
ولا نظن أن أحدًا سيظن أننا نهدف لنبرئ أحدًا من أمر ما أو نسعى لنجامل أحدًا لسبب ما.. فلسنا في حاجة إلى شيء من ذلك.. بل ربما العكس هو الصحيح، وقد نفكر جديًا في الاكتفاء بما قدمناه وتبقى -وستبقي- المعركة مستمرة بوسائل أخرى.. ولذلك هي شهادة لله وحده.. آثم من يكتمها.. ولم نكتمها!