فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

400 مليار دولار على المحك، كيف تؤثر الرسوم الأمريكية على الاقتصاد الهندي؟

الهند
الهند

 دخلت الرسوم الجمركية الأمريكية بنسبة 50% على الصادرات الهندية، حيز التنفيذ اليوم الأربعاء، والتي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على نيودلهي بسبب مشترياتها من النفط الروسي.

ويحذر محللون من أنّ هذه الرسوم الأعلى قد تضعف بشكل كبير جاذبية الصادرات الهندية إلى السوق الأمريكية مقارنة بنظيراتها في المنطقة.

وقال شيلان شاه، نائب كبير خبراء الأسواق الناشئة في مؤسسة «كابيتال إيكونوميكس»، في مذكرة بحثية عند الإعلان عن الرسوم: «إن جاذبية الهند كمركز صناعي ناشئ ستتعرّض لتقويض ضخم». وقدر شاه أن الإنفاق الأمريكي يساهم بنحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي للهند، مضيفًا أنّ الرسوم الإضافية بنسبة 25% «كبيرة بما يكفي لتترك أثرًا ملموسًا»، بحسب CNBC.

وتُعد الولايات المتحدة الشريك التجاري الأكبر لصادرات الهند، إذ بلغت قيمة صادراتها السلعية نحو 434 مليار دولار في السنة المنتهية في مارس آذار 2025، فيما شكلت الشحنات المتجهة إلى أمريكا ما يقارب 20% من الإجمالي، أي ما يعادل 86.51 مليار دولار، وفقا لأحدث البيانات الرسمية.

ويشير شاه إلى أن التراجع المرتقب في الصادرات بسبب الرسوم سيؤدي إلى نمو الاقتصاد الهندي بمعدل أقرب إلى 6% خلال العام الجاري والمقبل، بدلًا من نسبة 7% التي كانت متوقعة قبل إعلان ترامب.

من جهتها، تتوقع «جولدمان ساكس» أن تُلحق الرسوم الجمركية البالغة 50% على المنتجات الهندية ضررًا يعادل 0.6 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

الصادرات الهندية إلى أمريكا

 وتشمل أبرز صادرات الهند إلى الولايات المتحدة السلع الهندسية والإلكترونية، والأدوية والمستحضرات الصيدلانية، والأحجار الكريمة والمجوهرات، وفقًا للبيانات الحكومية.

ومع وجود تفاوت ملحوظ بين الصناعات وغياب الوضوح بشأن خطط ترامب الخاصة بالرسوم القطاعية، تبرز قطاعات مهددة بخسائر أكبر بناءً على مستوى انكشافها على السوق الأميركية.

السلع الهندسية

 تعد السلع الهندسية، بما في ذلك قطع غيار السيارات، ومعدات الطاقة، والآلات الصناعية، أكبر الصادرات الهندية إلى الولايات المتحدة والعالم، حيث بلغت قيمتها نحو 117 مليار دولار في السنة المنتهية في مارس، وخلال تلك الفترة، وُجهت صادرات صناعية بقيمة نحو 19.16 مليار دولار، أي ما يعادل نحو 16%، إلى السوق الأمريكية.

وشكلت صادرات الحديد والصلب والمنتجات الأخرى نحو 17.07% من إجمالي الصادرات الهندسية، فيما ساهمت صادرات المعادن غير الحديدية ومنتجاتها بنسبة 10.52%. وتواجه صادرات الصلب حاليًا رسومًا جمركية قطاعية بنسبة 50%، ما يزيد من تفاقم وضع القطاع مع دخول نفس الرسوم على باقي السلع الهندسية.

وفي يونيو حزيران، ارتفعت الصادرات الهندية الإجمالية بنسبة 1.92%، مدفوعة جزئيًا بزيادة صادرات السلع الهندسية التي ارتفعت بنسبة 1.35% لتصل إلى 9.5 مليار دولار.

الأحجار الكريمة والمجوهرات والمنسوجات والملابس

 من المتوقع أن تتعرض قطاعات الأحجار الكريمة والمجوهرات، والمنسوجات والملابس، لصدمات كبيرة نتيجة الارتفاع المفاجئ للرسوم الأمريكية.

يساهم قطاع الأحجار الكريمة والمجوهرات بنسبة 7% من الناتج المحلي الإجمالي للهند ويوفر نحو 5 ملايين وظيفة، وفق تقرير صادر في يوليو عن هيئة صناعية مدعومة من الدولة، وذهبت نحو 33% من صادرات الهند من الأحجار الكريمة والمجوهرات إلى الولايات المتحدة خلال السنة المالية 2025.

وقال راجيش ميهتا، الرئيس التنفيذي لشركة «راجش إكسبرتس» الهندية للمجوهرات، في مقابلة مع قناة «CNBC» في وقت سابق من الشهر الجاري، إن الرسوم الأعلى ستشكل «عبئًا إضافيًا»، داعيًا الحكومة إلى دعم القطاع.

ويعد قطاع المنسوجات من أكثر القطاعات كثافة في العمالة في الهند، حيث يوظف مباشرة نحو 45 مليون عامل في أنحاء البلاد. وبشكل مشابه لقطاع الأحجار الكريمة والمجوهرات، ذهبت نحو 34% من صادرات المنسوجات إلى السوق الأمريكية في السنة المالية الأخيرة.

قطاع الإلكترونيات في الهند 

اعتمد قطاع الإلكترونيات في الهند على السوق الأمريكية بنسبة 38% من صادراته خلال السنة المالية الأخيرة، مما يجعله «الأكثر عرضة» للمخاطر المحتملة في حال تم إلغاء الإعفاءات الجمركية، وفقًا لألكسندرا هيرمان، كبيرة الاقتصاديين في «أوكسفورد إيكونوميكس». ومن المعروف أنّ العديد من السلع الإلكترونية معفاة حاليًا من الرسوم الجمركية.

وتجاوزت الهند الصين لتصبح أكبر مصدر للهواتف الذكية المباعة في الولايات المتحدة خلال الربع الثاني، بعد أن سرّعت شركة «آبل» نقل تجميع المزيد من أجهزة آيفون إلى الدولة الواقعة في جنوب آسيا.

وفي خطوة كبيرة، وإن كانت مؤقتة، للشركات مثل «آبل»، أعلن ترامب في أبريل نيسان إعفاء الهواتف الذكية والحواسيب والسلع الإلكترونية الأخرى من الرسوم الجمركية.

وتسارعت صادرات الهند من السلع الإلكترونية المتجهة إلى الولايات المتحدة هذا العام، إذ تضاعفت صادراتها في شهر مارس وحده لتصل إلى 2.76 مليار دولار مقارنة بالعام السابق.

الأدوية والصناعات الدوائية

في حين أن قطاع الأدوية معفى حاليًا من الرسوم الجمركية، هدّد ترامب بفرض رسوم على صادرات الأدوية إلى الولايات المتحدة، وفي مقابلة مع قناة «CNBC»، صرح ترامب بأنه سيبدأ بفرض رسوم صغيرة على الأدوية، ثم يرفع هذه النسبة لتصل إلى 250% خلال عدة سنوات.

ويعتمد قطاع الأدوية في الهند بشكل كبير على المشترين الأمريكيين، حيث بلغت صادرات الأدوية والصناعات الدوائية إلى الولايات المتحدة أكثر من 10.5 مليار دولار للسنة المنتهية في مارس 2025، أي ما يقارب 35% من إجمالي شحنات هذه الفئة، وفق البيانات الرسمية.

وقالت هيرمان: «تتمتع الصناعات الكيميائية الهندية بشكل عام بانكشاف أقل على السوق الأمريكية، لكن هذا يخفي اعتماد قطاع الأدوية الكبير على الولايات المتحدة»، مما يجعل القطاع عرضة بشدة للرسوم الجمركية المحتملة التي يلوّح بها ترامب، وصدرت الهند أيضًا الصلب والألومنيوم إلى الولايات المتحدة، لكن التجارة في هذه السلع تخضع لأمر تنفيذي منفصل.

القدرة التنافسية العامة

قال مايكل وان، كبير الاقتصاديين في بنك MUFG: «يمكن للولايات المتحدة بسهولة أكبر الحصول على الإمدادات من مواقع استيراد بديلة، لكن من الصعب على الهند تنويع صادراتها بعيدًا عن السوق الأمريكية عبر مختلف القطاعات».

وتتنافس الهند مع دول مثل أوروبا في مجال الأدوية؛ وفيتنام والمكسيك في الإلكترونيات؛ وكمبوديا وسريلانكا وبنجلاديش وفيتنام في المنسوجات؛ وإسرائيل في الأحجار الكريمة والمجوهرات، وفقا لما ذكره وان، مضيفا أنه إذا استمرت هذه الفوارق في الرسوم الجمركية، فإن القدرة التنافسية للصادرات الهندية ستتآكل مع مرور الوقت».

ومن بين الدول المعتمدة على الصادرات والتي أبرمت صفقات أولية مع ترامب، خفضت فيتنام رسومها إلى 20% بدلا من 46%، وفي أحدث تعديل للرسوم، خفض ترامب أيضا الرسوم على تايلاند إلى 19% بدلًا من المستوى «المتكافئ» البالغ 36%، وبنغلاديش إلى 20% بدلًا من 35%، وكمبوديا إلى 19% بدلا من 36%.

وبحسب تقديرات بنك MUFG، فإن نحو 32% من صادرات الهند إلى الولايات المتحدة معفاة حاليًا من الرسوم الجمركية، بما في ذلك الإلكترونيات والمنتجات الدوائية.