البورصة ومؤشر الاستدامة والشريعة الإسلامية
تتخذ البورصة المصرية بعض الخطوات الإيجابية في إطار السعي لجذب نوعية جديدة من المستثمرين مع تحفيز عمل البورصة وضخ نشاط جديد، ومن تلك الخطوات السعي لإطلاق مؤشر جديد يجمع بين الاستدامة والشريعة الإسلامية؛ بما يعد خطوة هامة نحو دعم أداء السوق وجذب فئات جديدة من المستثمرين وإعطاء صورة أكثر توازنًا وشمولًا لحركة الأسهم..
وكانت البورصة قد أعلنت عن إطلاق مؤشر جديد من بداية أغسطس الحالي 2025، والذى يضم 35 شركة ذات التقلبات السعرية الأقل من بين الشركات الأكثر سيولة، وتتنوع تلك الشركات بين 13 قطاع، مما يعكس التمثيل القطاعي الجيد لمكونات المؤشر.
وخلال العام الماضي شهدت البورصة إطلاق مؤشر الشريعة الاسلامية في يونيو الماضي 2024، ويضم مؤشر الشريعة الإسلامية نحو 33 شركة من قطاعات مختلفة.
والاتجاه نحو مؤشر يجمع بين الشريعة الإسلامية والاستدامة يعد خطوة مهمة نحو دعم أداء السوق وجذب فئات جديدة من المستثمرين، خاصة الصناديق المتخصصة وصناديق التأمينات. وسيضم المؤشر الجديد عددًا كبيرًا من الأسهم المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في المؤشر EGX 30، إلى جانب شركات قوية مدرجة ضمن مؤشر EGX 70، مما يمنحه طابعًا متوازنًا ويجعله أكثر قدرة على التعبير عن حركة السوق الفعلية.
وسيكون توزيع الأوزان داخل المؤشر أكثر توازنًا، حيث لن تستحوذ شركات بعينها على نسب مرتفعة من الوزن النسبي، كما هو الحال في بعض المؤشرات الأخرى، وهذا التوازن يمنح المؤشر مزيدًا من المصداقية والفاعلية في تتبع أداء السوق.
والهدف الأساسي من إطلاق هذا النوع من المؤشرات لا يقتصر فقط على دعم صعود السوق، بل أيضًا على تقديم دلالة حقيقية لحركة التداولات داخل البورصة. وبالطبع يعزز وجود مؤشر يجمع بين الشريعة والاستدامة من الشفافية والإصلاح الهيكلي داخل البورصة، ويخدم فئات متنوعة من المستثمرين، سواء الباحثين عن استثمارات متوافقة مع الشريعة أو الراغبين في التوجه نحو أدوات مالية مستدامة.
ويرى عدد من خبراء سوق المال أن المؤشر الرئيسي للبورصة EGX 30 يستطيع الاستقرار فوق مستوى 35 ألف نقطة وتحقيق قمة قياسية جديدة، والأمر مرهون بعض الشيء بوجود محفزات أقوى من تلك المتوفرة حاليًا، إلى جانب ضخ سيولة أكبر وتنفيذ طروحات حكومية جاذبة.
وهناك بالفعل مجموعة من العوامل الإيجابية التي تدعم السوق حاليًا للاستقرار فوق مستوى 35 ألف نقطة، لكن الوصول إلى مستويات تاريخية جديدة يحتاج إلى مزيج من الحوافز المؤسسية والسيولة القوية.
ومن أبرز الإجراءات التي اتخذتها البورصة مؤخرًا، تقليص فترة الاكتتاب إلى أسبوع واحد فقط بدلًا من شهر، وسرعة رد الأموال للمكتتبين في حالة التخصيص، وهو ما يتيح إعادة ضخ السيولة في السوق مرة أخرى بشكل سريع.. وهذه الإجراءات تساعد على إنجاح الطرح والاكتتاب، وتخلق فرصًا لإعادة تكوين مراكز شرائية بأسعار مناسبة، وبالتالي تنشيط التداول بعد الطرح.
وتحاول إدارة السوق تشجيع صناديق الاستثمار على التحول من أدوات الدخل الثابت إلى الاستثمار في الأسهم، من خلال رفع نسب المشاركة وتقديم مزايا للشركات التي تقوم بشراء أسهم خزينة. والتعديلات الأخيرة في قانون سوق المال أدت إلى تسهيل التداول للمؤسسات، وهو ما يعزز تدفق السيولة ويزيد من عمق السوق.
ورغم بعض الأزمات، مثل حريق سنترال رمسيس الذي أثر مؤقتًا على نظم المعلومات، استطاع السوق خلال الشهر الماضي أن يحقق أرباحًا رأسمالية تقدر بنحو 54 مليار جنيه. وارتفع المؤشر الرئيسي بنسبة 4.9%، فيما ارتفع مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة بنسبة تقارب 1.5%.
وجميع الحوافز الحالية في السوق تتمثل في وجود نشاط ملحوظ في كل المؤشرات وجميع القطاعات؛ بما يجعل المؤشر الرئيسي للبورصة قادرًا على الاستقرار فوق مستوى 35 ألف نقطة خلال الفترة القادمة.
ويرى بعض الخبراء أن السوق تمكن بالفعل من تجاوز مستوى المقاومة 34 ألف نقطة، وهي خطوة إيجابية تعكس وجود دعم نسبي، لكن الاستقرار فوق مستوى 35 ألف نقطة يحتاج إلى قوة دفع إضافية لا تزال غير متوفرة حتى الآن.
والسوق يحتاج إلى تنفيذ طروحات حكومية قوية لعدد من الشركات الكبرى، تكون قادرة على استيعاب مستثمرين جدد، وتحقق هامش ربح مناسب. بخلاف ذلك، سيظل المؤشر يتحرك في النطاق العرضي الحالي، بل وقد يتراجع مرة أخرى دون مستوى 34 ألف نقطة، إذا لم تظهر محفزات جديدة.