نهاية “هندية” لمسلسل آسر، دراما الانتقام التي أرهقها المط وأفسدتها النهاية
منذ لحظاته الأولى، قدم مسلسل آسر نفسه كواحد من أقوى الأعمال الدرامية المنتظرة، مستندًا إلى توليفة لامعة من النجوم مثل باسل خياط، باميلا الكيك، عباس النوري، سامر المصري، وخالد القيش، وهي أسماء كافية لإشعال حماسة الجمهور وضمان مستوى فني مرتفع.
وبالفعل، بدأ المسلسل بداية واعدة بأحداث مشوقة وبنية درامية متماسكة، لكن ما لبث أن وقع في فخ المط والتطويل، وهو الفخ الذي أضاع على العمل فرصة أن يُصنف كعمل درامي مهم ليصبح عملا دراميا للنسيان.
المسلسل، المستوحى من رواية “الكونت دي مونت كريستو” الشهيرة لألكسندر دوماس، والمقتبس عن مسلسل إيزيل التركي، يحمل في جوهره ثيمة الانتقام الكلاسيكية، ومع أن هذه الفكرة سبق تقديمها كثيرًا، إلا أن آسر حاول أن يُضفي عليها طابعًا خاصًا عبر شخصيات متعددة وخطوط درامية متشعبة، لكن بدلًا من أن يكون هذا التنوع مصدر قوة، تحول إلى حشو درامي، كان يمكن اختزاله بذكاء في 30 حلقة مركزة بدلًا من 90 حلقة مرهقة.
ذروة الأحداث، تلك اللحظة التي يكتشف فيها أصدقاء مجد أنه هو ذاته آسر وأنه هو صديقهم الذي سجنوه ظلمًا بتهمة سرقة محل مجوهرات وتمتعوا بأموال الجريمة، جاءت مفككة وضعيفة، أما اللحظة المفترض أنها الأكثر تأثيرًا، حين تكتشف حياة أن حبيبها الذي تحبه لا يزال حيًا، فبدت باهتة، سواء من حيث الحوار أو الأداء التمثيلي، فانهارت اللحظة المنتظرة تحت وطأة البرود.
أما باسل خياط، الذي كان من المفترض أن يقود العمل بأداء درامي مشحون، فقد جاء أداؤه مخيبا للآمال، لم تكن ملامحه ولا أداؤه الجسدي قادرين على ترجمة الانفعالات العنيفة التي تمر بها شخصية آسر، وقد يحاول البعض تبرير هذا الأداء ببرود الشخصية وفقدانها للمشاعر نتيجة ما مرت به من خيانة وغدر، لكن حتى في لحظات الانكسار الإنساني، ظل وجهه جامدًا، لا يعبر، لا يوصل مشاعر، لا يعكس الانفعالات الداخلية، لكن كل هذا لا يقارن بما حدث في النهاية، التي بدت وكأنها مقتبسة من فيلم هندي مليء بالمبالغات الميلودرامية.
نهاية بنكهة “هندية”
فبعد مشوار انتقامي طويل ومعقد، يتخلى “آسر” عن ابنه وأسرته ويذهب طواعية للموت مع “حياة”، بدعوى أن الحب أقوى من الانتقام، فبعدما تطعن “حياة” مرات عدة من قبل طليقها راغب طعنات من المفترض أن تفضي إلى الموت تبقى حية، ويخبر الطبيب آسر أنها لن تعيش سوى ساعات قليلة، فيقرر أن يحملها من المستشفى في مشهد أشبه بمشاهد الأبطال الخارقين الذين يحملون حبيباتهم بعد معركة دامية، ويذهب مع حبيبته في رحلة للموت في عرض البحر وعلى متن “يخت”، وبعد وفاتها في أحضانه يتجرع هو السم وبأداء مسرحي مصطنع يلحق بحبيبته بعد دقائق من تناول السم ويرحل عن الحياة هو الآخر، هذا بعد تأكيده على مساعدته لارا على إرسال رسالة كل 6 أشهر لأسرته لكي يطمئنوا عليه شريطة ألا تخبرهما بحقيقة رحيله كما يوصي عزت وجود بحماية ابنه الذي لم يعلم أن آسر والده، وكأن مركب آسر وحياة الذي يحمل جثمانهما سيسافر إلى السماء معهما ولن يعثر عليهما أحدا بالرغم من أنهما لم يبتعدا كثيرا عن المدينة.
وبعد هذه النهاية يجد الجمهور الذي تابع الـ 90 حلقة على أمل انتظار لحظة انتصار، لحظة عدالة، لحظة إنصاف، نهاية منطقية، أن كل ما حصل عليه هو نهاية رومانسية مصطنعة لا تُقنع ولا تُرضي.
كان مسلسل آسر يملك كل المقومات ليكون عملًا خالدًا في ذاكرة الدراما العربية، قصة مأخوذة من رواية عظيمة صنعت منها أعمالا خالدة، طاقم تمثيل قوي، بداية مشوقة، وإمكانيات إنتاجية واضحة، لكن الإخفاق في الحفاظ على إيقاع الحكي، والوقوع في فخ الإطالة غير المبررة، ثم النهاية الساذجة، أطاح بكل ذلك ليصبح في ذاكرة الكثيرين مجرد عملا معربا بدأ قويًا وانتهى بنهاية “هندية” مخيبة للآمال.
تفاصيل مسلسل آسر
مسلسل آسر هو النسخة العربية من المسلسل التركي الشهير “إيزيل”، الذي عُرض لأول مرة عام 2009، واستمر لموسمين متتاليين، وتعلق به شريحة كبيرة من الجمهور.
يتكون مسلسل آسر من 90 حلقة، ويُشارك في بطولته عدد من النجوم السوريين واللبنانيين إلى جانب باسل خياط، وهم: باميلا الكيك، سامر المصري، خالد القيش، زينة مكي، طلال مارديني، مجدي مشموشي، نادين خوري، عباس النوري، سلطان ديب، زهير عبد الكريم، وغيرهم.
تدور أحداث مسلسل “آسر” في إطار درامي تشويقي مليء بالأكشن والإثارة عن قصة ثلاثة أصدقاء، تتوتر العلاقة بينهم بعد أن يُخطط اثنين منهم لسرقة أحد البنوك بمساعدة حبيبة "آسر"، ليتورط الأخير في العملية.