رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو.. حقيقة عذاب القبر ونعيمه واختلاف العلماء حوله

فيتو

العذاب والنعيم في القبر، من الأمور التي يكثر سؤال أهل الميت عنها فهل حي حقيقة أم لا، وخاصة هناك من أحرقتهم النار- في شريعة بعض الأديان الوضعية، فصار رماد، ويتساءل الناس عن إحساس المتوفي داخل قبره بالعذاب، بعد أن خرجت روحه من جسدة.


يقول علماء الدين إن الحساب في القبر حقيقة ثابتة اتفق عليها العلماء، ودلت عليها السنة المطهرة، والحساب يكون لكل من فارق الحياة حتى وإن أكلته السباع أو صار رمادا، ويكون للروح والجسد معا، حسبما جاء في فتوي دكتور محمود عبدالله العكازي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر.

ويذكر أن نعيم القبر وعذابه حق، والروح تُعاد إلى الجسد بعد الموت عقب الدفن بالقدر الذي يستطيع معه الميت فهم السؤال ورد الجواب، وهو نوع من الحياة ليس كحياة الدنيا، وطريق ثبوته السمع عن الصادق المصدوق رسول الله صلي الله عليه وسلم.
الجنة والنار

وفي المُسنَد عن أبي سعيد الخدري قال: "كنا مع النبي- صلى الله عليه وسلم- في جنازة فقال: "أيها الناس: إن هذه الأمة تُبتلى في قبورها، فإذا دفن الإنسان وتفرق عنه أصحابه جاءه ملك بيده مطراق فأقعده فقال: ما تقول في هذا الرجل؟ فإذا كان مؤمنًا قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فيقول له صدقت، فيُفتح له باب إلى النار فيقال له: هذا منزلك لو كفرت بربك، فأما إذ آمنت فإن الله أبدلك به هذا، ثم يفتح له باب إلى الجنة فيريد أن ينهض له فيقال له: اسكن ثم يُفسح له في قبره. وأما الكافر والمنافق فيقال له: ما تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، فيقال له: لا دريت، ولا اهتديت، ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقال له: هذا منزلك لو آمنت بربك، فأما إذ كفرت فإن الله أبدلك به هذا، ثم يفتح له باب إلى النار، ثم يقمعه الملك بالمطراق قمعًا يسمعه خلق الله كلهم إلا الثقلين" قال بعض أصحابه يا رسول الله: ما منا من أحد يقوم على رأسه ملك بيده مطراق إلا هيلَ عند ذلك، -أي فزع- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء".

الروح والجسد
واختلف العلماء عما إذا كان عذاب القبر ونعيمه يكون للجسد أم الروح أو للاثنين معًا، والراجح- حسبما قالوا- إن نعيم القبر وعذابه ثابتان للروح والجسد في القبر. حيث نجد مذهب أهل السنة والجماعة يرون أن الروح منفصلة عن الجسد ومتصلة به، فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية "العذاب والنعيم على النفس والبدن جميعًا باتفاق أهل السنة والجماعة، تنعم النفس وتعذب منفردة عن البدن، وتعذب متصلة بالبدن، والبدن متصل بها، فيكون النعيم والعذاب عليهما في هذه الحال مجتمعين، كما يكون للروح منفردة عن البدن".

الرأي الثاني يأتي في قول كثير من أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم فهم ينكرون النعيم والعذاب في البرزخ مطلقا، والسر في ذلك أنهم ينكرون وجود روح مستقلة عن الجسد، فالروح عندهم هي الحياة، ولا تبقى الروح في نظرهم بعد الموت، فلا نعيم ولا عذاب حتى يبعث الله العباد، قال بذلك بعض المعتزلة والأشاعرة كالقاضي أبي بكر، وهذا قول باطل خالفه أبو المعالي الجويني، وقد نقل كثير من أهل السنة الإجماع على أن الروح تبقى بعد فراق البدن وأنها منعمة أو معذبة.

في حين نري علماء الكلام يقولون إن الذي ينعم ويعذب في القبر البدن وحده، وقد قال بذلك طائفة من أهل الحديث منهم ابن الزاعوني.

شعور الميت
وقال العلماء "إن الميت إذا مات يكون في نعيم أو عذاب، وأن ذلك يحصل لروحه وبدنه، وإن الروح بعد مرافقة البدن تتصل بالبدن أحيانًا، ويحصل له معها النعيم أو العذاب، ثم إذا كان يوم القيامة الكبرى أعيدت الروح إلى الأجساد، وقام الناس من قبورهم لرب العالمين، وسيكون الحساب بعد الدفن، والميت يشعر بمن يزوره"، ما أكده العكازي.

وقال ابن القيم: "مذهب سلف الأمة وأئمتها أن الميت إذا مات يكون في نعيم أو عذاب، وأن ذلك يحصل لروحه وبدنه، وأن الروح تبقى بعد مرافقة البدن منعمة أو معذبة، وأنها تتصل بالبدن أحيانًا، ويحصل لها معه النعيم أو العذاب ثم إذا كان يوم القيامة الكبرى أعيدت الأرواح إلى الأجساد، وقاموا من قبورهم لرب العالمين، ومعاد الأبدان متفق عليه بين المسلمين واليهود والنصارى.

وقال الحافظ ابن حجر في كتاب "الفتح": وذهب أحمد بن حزم وابن هبيرة إلى أن السؤال يقع على الروح فقط من غير عود إلى الجسد، وخلافهم الجمهور فقالوا: تعاد الروح إلى الجسد أو بعضه كما ثبت في الحديث، ولو كان على الروح فقط لم يكن للبدن بذلك اختصاص، ولا يمنع من ذلك كون الميت قد تتفرق أجزاؤه، لأن الله قادر أن يعيد الحياة إلى جزء من الجسد ويقع عليه السؤال، كما هو قادر على أن يجمع أجزاءه.
الجريدة الرسمية