رئيس التحرير
عصام كامل

منيرة ثابت.. عميدة الصحفيات المصريات

منيرة ثابت عميدة
منيرة ثابت عميدة الصحفيات المصريات
18 حجم الخط


منيرة ثابت أول من نادي بحق المرأة في العمل السياسي، عام 1920، ومن خلال جريدتها “الأمل”، التي صدرت باللغة العربية أولا، وصدرت أسبوعيا، ثم أصدرت منها طبعة يومية فرنسية “Espoir”.

ولدت منيرة ثابت عام 1906، والتحقت بمدرسة إيطالية بالقاهرة وتعلمت فيها مبادئ اللغة الإنجليزية والإيطالية، ثم التحقت بمدرسة ابتدائية حكومية، وحصلت عام 1924، على الشهادة الثانوية، والتحقت بمدرسة الحقوق الفرنسية، في القاهرة، والتي تمنح شهاداتها من باريس وحصلت منيرة على الليسانس، فكانت أول فتاة مصرية حصلت على هذه الشهادة، وقيدت أمام المحاكم المختلطة كأول محامية عربية.

صحيح أن منيرة ثابت لم تكن أول امرأة تكتب بالصحف، ولم تكن أول امرأة تصدر صحيفة أو مجلة، لكنها كانت أول صحفية نقابية، وأول كاتبة سياسية، وأول رئيسة تحرير لمجلة سياسية.

انتقدت الدستور المصري الصادر في 1923، بأنه أغفل الحقوق السياسية للمرأة، فكانت أول صوت يرتفع مطالبا بحق المرأة في ممارسة الواجبات والحقوق السياسية كناخبة، في مقالاتها الجريئة في الصحف، التي أثارت قلق الحكومة، آنذاك، فما كان من وزير المعارف إلا أن استدعي ناظر مدرسة الحقوق الفرنسية، وطلب منه منع منيرة ثابت من الكتابة في السياسة، فاعترض ناظر المدرسة مؤكدا أن مدرسته تسير على نهج مدرسة الحقوق في باريس، التي تمنح طلابها حق الكتابة بالصحف، ومعارضة الحكومة، ومهاجمتها مهما كانت العواقب.

وفي السابعة عشر من عمرها اعترفت الدولة رسميا بها كصحفية، فقد كانت أول فتاة عربية تقف أمام النائب العام وهي دون السن القانونية، للتحقيق معها في جريمة سب وقذف صحفي، بأمر من دار المندوب السامي البريطاني، إلى رئيس الوزراء الذي حوله إلى وزير العدل، وكانت الجريمة مهاجمة “التدخل الأجنبي” في مصر، ودار المندوب السامي، والاستعمار البريطاني، وعلقت وقتها منيرة ثابت “أنها تهمة لا أنفيها وشرف لا أدعيه”.

وفي عام 1926، شهدت محكمة باب الخلق الحدث التاريخي المتمثل في محاكمة صحفية بأمر من الاستعمار، تم إعفاؤها من المسئولية الجنائية باعتبارها حدث، وفي صيف العام نفسه قيد اسمها كصحفية عاملة في النقابة الأهلية الأولي التي تأسست في التوقيت نفسه، لذلك أطلق عليها لقب “عميدة الصحفيات المصريات”.

منذ أحداث 1926، عملت منيرة بالكتابة والخطابة، وأصدرت جريدتها السياسية الأسبوعية “الأمل” باللغة العربية، ثم صدرت يوميا باللغة الفرنسية، واستطاعت من خلالها المطالبة بحق مصر في الحرية والاستقلال، وحقوق المرأة السياسية والاجتماعية، كما قادت حملة الدفاع عن حق المدرسات في الزواج مع الاحتفاظ بوظائفهن كمدرسات، ونجحت الحملة وأقرت وزارة المعارف هذا الحق، ومن ثم تبنت قضية النساء العاملات.

نادت منيرة ثابت بحق المرأة في التصويت، والانتخاب، وحق المرأة في عضوية جميع المجالس والهيئات النيابية، والمساواة المطلقة مع الرجل، خاصة في العمل بالوظائف الحكومية، بل الأعمال والوظائف الحرة.


كما رأت منيرة ثابت أن الرجل والمرأة يجب أن يكونا على قدم المساواة في الزواج والطلاق، ونادت، أيضا، بالاكتفاء بزوجة واحدة، وعدم تعدد الزوجات، وطالبت بحق المرأة في الخلع أو الطلاق، على ألا ينفرد الرجل وحده بقرار الطلاق، وإنما ” يحكم به بناء على رغبة أحد الطرفين على السواء. وللطرف طالب الطلاق أن يقدم البراهين على إخلال الطرف الآخر بأحد واجبات الزوجية عمومًا. 

في عام 1927، توقفت “الأمل” عن الصدور لزواج رئيسة تحريرها منيرة ثابت، من الكاتب عبد القادر حمزة، وتفرغت للبيت تاركة ممارسة مهنة الصحافة، لكن سرعان ما انفصلا وعادت إلى الصحافة ضمن أسرة تحرير جريدة “الأهرام”، وأعادت إصدار جريدة “الأمل” شهريا، وأيدت ثورة يوليو.

فقدت منيرة بصرها، وسافرت للعلاج على نفقة الدولة، وعاد إليها بصرها عام 1964، وتوفيت بعد حياة حافلة في سبتمبر عام 1967.
الجريدة الرسمية