رئيس التحرير
عصام كامل

ذكرى إنشاء صندوق الدين المصري، بداية تسلط القوى الأجنبية على الاقتصاد الوطني

الخديوي إسماعيل،
الخديوي إسماعيل، فيتو
18 حجم الخط

في خطوة كانت بمنزلة بداية لسيطرة القوى الأوروبية على الاقتصاد المصري، تأسس صندوق الدين في مصر عام 1876 بعد عجز الخديوي إسماعيل عن سداد أقساط الديون المستحقة للبنوك الأوروبية، هذه اللحظة التاريخية تمثل نقطة فارقة في تاريخ الاقتصاد المصري، حيث كانت خطوة تأسيس هذا الصندوق، أحد أبرز نتائج التدهور المالي الذي تعرضت له البلاد في فترة حكم إسماعيل.

 

أسباب الأزمة المالية في مصر 

تعد فترة حكم الخديوي إسماعيل (1863-1879) من أكثر الفترات التي شهدت تطورًا في البنية التحتية لمصر، إذ كان إسماعيل يسعى لتحديث البلاد وتحويلها إلى دولة ذات طابع غربي. ومع ذلك، كانت تلك المشاريع الضخمة، مثل بناء قناة السويس وتنفيذ مشروعات أخرى، تستدعي تمويلًا ضخمًا، مما أدى إلى تراكم الديون. في ظل هذا الوضع، لم يكن لدى مصر الموارد الكافية لتسديد هذه الديون، ما دفعها للاقتراض من البنوك الأوروبية.

ومع تزايد الديون، ازداد الضغط على مصر بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مما أدى إلى تعميق الأزمة المالية. وعندما بلغت الديون ذروتها، أصبح من المستحيل على الخديوي إسماعيل أن يسدد الأقساط المستحقة في الوقت المحدد.

 

إنشاء صندوق الدين، خطوة تحت الضغط الأوروبي

بعد عجز مصر عن دفع ديونها، فرضت القوى الأوروبية بقيادة بريطانيا وفرنسا، حلًا جذريًا لهذه الأزمة، وهو إنشاء "صندوق الدين" في عام 1876. كان الهدف من هذا الصندوق هو إدارة أموال مصر بشكل مباشر، لتسديد الديون المستحقة للبنوك الأوروبية، عبر خصم جزء من إيرادات الدولة السنوية.

وقد منح الصندوق في تلك الفترة صلاحيات واسعة، حيث تم الإشراف عليه من قبل ممثلين عن القوى الأجنبية، مما قلص من السيادة المالية لمصر بشكل ملحوظ. وبهذا، أصبحت السيادة الاقتصادية المصرية تحت سيطرة القوى الأجنبية، وهو ما كان له تأثير بالغ في تحديد السياسات المالية والاقتصادية للبلاد.

 

العواقب الاقتصادية والاجتماعية لتأسيس صندوق الدين 

تأسيس "صندوق الدين" كان له تأثيرات طويلة الأمد على الاقتصاد المصري. فقد دفع ذلك البلاد إلى وضع اقتصادي هش، حيث أصبح من المستحيل اتخاذ قرارات اقتصادية حرة، بينما كانت المصالح الأوروبية هي الأهم. وعلاوة على ذلك، بدأت القوى الأوروبية في فرض المزيد من التدابير الاقتصادية لتأمين سداد الديون، مما أضر بمصالح الشعب المصري.

ولم يكن الأمر مقتصرًا على الاقتصاد فقط، بل كان له انعكاسات اجتماعية وسياسية عميقة، حيث بدأ الفقراء يواجهون أعباءً مالية إضافية نتيجة للسياسات الاقتصادية التي كانت تتخذها القوى الأجنبية. وظهرت الفوارق الاجتماعية بشكل واضح، حيث استمر الأثرياء في جني الأرباح من مشروعات البنية التحتية، بينما عانى الفقراء من تدهور مستويات حياتهم.

 

تحولات سيادة مصر وامتداد التدخل الأوروبي

أسس "صندوق الدين" بداية لفترة من التدخل الأجنبي في الشؤون المصرية، حيث كان هناك تدفق مستمر للأموال الأوروبية إلى الاقتصاد المصري. واستمرت تلك السياسات طوال العقود التالية، مما جعل مصر جزءًا من شبكة المصالح الأوروبية، وأدى إلى فقدان البلاد لجزء كبير من سيادتها الاقتصادية.

على الرغم من الجهود التي بذلها الخديوي إسماعيل في تحديث مصر، فإن فشلها في السيطرة على أزماتها المالية قد مهد الطريق للتدخلات الأجنبية التي استمرت لعقود، والتي كانت البداية الفعلية لموجة الاستعمار الاقتصادي في مصر.

يمكن القول إن إنشاء "صندوق الدين" في مصر عام 1876 لم يكن مجرد حل اقتصادي لمشكلة ديون متراكمة، بل كان بداية لتاريخ طويل من التبعية الاقتصادية التي تعرضت لها مصر. فقد كانت هذه الخطوة بمثابة نقطة انطلاق للنفوذ الأجنبي في الاقتصاد المصري، وهو ما ترك آثارًا بعيدة المدى على مسار البلاد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.

إن قراءة هذه الفترة التاريخية تساعد على فهم الأبعاد العميقة لتاريخ مصر في مواجهة تحديات الاستقلال والسيادة الاقتصادية. ومع مرور الزمن، تظهر هذه الحادثة باعتبارها أحد أبرز الأمثلة على كيفية تأثير الضغوط المالية الدولية على استقلالية الدول.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية