انظروا إلى النجوم وليس إلى أقدامكم!
أعظم النجاحات أثرًا في حياة البشرية ما تولد من رحم المعاناة، حيث تنصهر القدرات البشرية في بوتقة الإرادة والتحدي.. وكم تحدى بعض ذوي الهمم ظروفهم حتى تفوقوا على الأشخاص الطبيعيين وأنجزوا ما لم يستطيعوا هؤلاء إنجازه..
انظروا مثلًا إلى مسيرة نجاح ستيفن هوكينج عالم الفيزياء الشهير قاهر الصعاب، الذي تحدى الإعاقة وسابق الزمن وعمل بمقولة "انظروا إلى النجوم وليس أقدامكم" قصة ستيفن عجيبة جدًا؛ ذلك أنه ابتلى في ريعان شبابه بمرض عصبي مميت لا علاج له؛ حتى أن الأطباء توقعوا ألا يعيش أكثر من عامين..
لكنه كان مفعمًا بمعرفة كيفية عمل الأشياء حيث أطلقوا عليه في المدرسة لقب أينشتاين، وبالتحدي والإقبال على النجاح استطاع قهر العجز وإبهار الأطباء بمجاهدته حتى تجاوز عمره الـ72 عامًا، ما أتاح له فرصة العطاء في مجال العلوم وبالتحديد علوم الفيزياء النظرية..
وعلى الرغم من أن هذا المرض جعله قعيدًا فإن عقله لم يقف برهة، حيث حصل على الدكتوراه في علم الكون من جامعة كامبردج، وحصل على درجة الشرف الأولى في الفيزياء، واستطاع أن يتفوق على أقرانه من علماء الفيزياء؛ حيث كان يجرى كل الحسابات في ذهنه بطريقة مذهلة.
الإرادة وتحقيق المعجزات
الدرس المستفاد أن الإرادة هي مناط التكليف والتفاضل بين البشر، بين أصحاب الهمة وأهل الرمة، بين أصحاب المعالي والكسالى والخاملين.. أتصور أن نفسك القوية هي زادك الحقيقي وسندك الحقيقي بعد الله سبحانه وتعالى في هذه الحياة ويجدر بك التعويل على قدراتك الذاتية قبل العائلة والأصدقاء والمحبين رغم أهمية العلاقات الداعمة والدافئة والآمنة في تلك الحياة واحتياجنا إليها لنا في كل وقت.
قوتك النفسية تجعلك قادرًا على النهوض بعد كل سقوط، فليس عيبًا أن تفشل أو تسقط بل العيب أن تستسلم لضعفك وهواجسك وشيطانك ويأسك.. لن تعبر الأزمات إلا إذا كنت قويا في نفسك وقويا بنفسك أمام المصاعب والعوائق، ومتوازنا في الأزمات، وحكيما في المواقف، وعادلا في الخصومات..
وبصرف النظر عن أهمية التكنولوجيا الطبية المتقدمة في تعافى مرضى السرطان؛ وهو أخطر الأمراض وأكثرها شراسة لكن تبقى الإرادة واحدة من أكثر الأسلحة الفعالة في المعركة ضد هذا المرض الفتّاك، ويتطلب الأمر قوة إرادة هائلة ليكون المريض شجاعا بما يكفي لإجراء الفحوصات وكذلك التشخيص وتقبل الأمر الواقع برضا وإيمان وصبر ليعبر الأزمة بسلام..
والأمثلة كثيرة في الحياة لمرضى تحدوا المرض القاتل بإرادة فولاذية تجعلهم نموذجًا حقيقيًا ينبغي التركيز عليه ليكون قدوة ومثلًا يحتذى لصناعة الرجل وبناء الأبطال الذين بهم تتحقق المعجزات وتنهض الأمم فكم من فرد ملهم صنع أمة تملأ الأركان.. هكذا فعلها نبي الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم أعظم العظماء بشهادة المنصفين من الغرب.. فهل أدركنا أين تكمن القوة الحقيقية ومن هو السند الحقيقي في الحياة!