رئيس التحرير
عصام كامل

هل باعت الحكومة مجمع التحرير ومبنى الحزب الوطني المنحل؟

انتشرت في الآونة الأخيرة إشاعات عبر منصات وسائل التواصل المختلفة وفي بعض وسائل الإعلام خاصة تلك الوسائل الإخوانية التي تقودها الجماعة الإرهابية، ومفاد هذه الإشاعات أن الحكومة باعت أرض مصر في مقابل دولارات لحل الأزمة الاقتصادية الخانقة، ومن تلك الأراضي والمنشآت التي تم بيعها –كما زعمت تلك المنصات– مجمع التحرير ومبنى الحزب الوطني ومقر وزارة الداخلية في وسط البلد.. 

 

وبالطبع تلك الإشاعات المغرضة هدفها زعزعة الثقة في الحكومة المصرية، وأنها تفرط في أرض ومنشآت ملك لشعب مصر وللأجيال القادمة ولا يستطيع أي أحد أن يفرط فيها. 
 

Advertisements

وحقيقة الأمر أن تلك الأماكن وغيرها صارت تابعة لصندوق مصر السيادي الذي هو ملك الشعب المصري، وقد تأسس صندوق مصر السيادي عام 2018، ويهدف بشكل أساسي لجذب الاستثمارات الخاصة لمصر وتشجيع الاستثمار المشترك في الأصول المملوكة للدولة، من أجل زيادة قيمتها.

 

ويسعى الصندوق إلى اختيار الأصول القابلة للاستثمار من مختلف أجهزة الدولة لترويجها والاستثمار المشترك بها مع مستثمرين محليين وأجانب متخصصين، وشركاء ماليين. فمهمته الأساسية خلق فرص أمام المستثمرين الوطنيين والأجانب والحفاظ علي حقوق الأجيال القادمة.. 

 

وقد انضم صندوق مصر السيادي إلى قائمة أكبر 50 صندوق سيادي عالميا، واحتلاله المرتبة 47 عالميا والـ12 عربيا، وحجم الأصول المدارة لصندوق مصر السيادي تصل إلى نحو 12 مليار دولار.

استثمار وليس بيع


فماذا فعل الصندوق بمجمع التحرير ومبنى الحزب الوطني ومبنى وزارة الداخلية؟ قام الصندوق بعرض هذه المباني التراثية ذات القيمة المرتفعة من ناحية المكان على المستثمرين ليتم استثمار هذه المباني ومن ثم تأجيرها من الصندوق لمدة 49 عاما، على أن تكون الدولة كذلك شريك بالأرض ولها مبلغ الإيجار ونسبة من الأرباح.. 

 

وبالتالي لم تبع الدولة هذه الأصول التي هي ملك للأجيال القادمة وإنما استثمرتها للأجيال القادمة لتدر ربحا كبيرا متزايدا وبذلك حول الصندوق تلك الأماكن إلى عملة استثمار بدلا من بيعها كأصل.
وكشف رئيس صندوق مصر السيادي تطورات جديدة عن أرض الحزب الوطني ومجمع التحرير، قائلا: "أرض الحزب الوطني عرضت في طرح تنافسي بعملية تنافسية ضمت 3 منافسين، وفي النهاية فاز تحالف أجنبي إماراتي بالطرح"..

 

مضيفا: "نحن بصدد توقيع العقد النهائي مع الشريك الإماراتي بشأن أرض الحزب الوطني"، مؤكدا: "نحن سنكون شركاء بالأرض التي ستتحول إلي مكون فندقي وتجاري وسكني.. وإحنا مش بنبيع الأصل ولكن بنحول أصول الدولة لمساهمات بحيث يكون  كل أصل مُدر لأرباح ومكاسب دورية للدولة.. وإحنا مابنبيعش بندخل بالأرض شريك في رأس المال علشان نجيب عائد مستدام". 

 

واسترسل الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي: "مجمع التحرير هيتحول لفندق وشقق فندقية ومحال تجارية ومطاعم ومكاتب إدارية، وفاز بالشراكة بعد عملية الطرح تحالف أمريكي إماراتي، وماريوت ستدير العملية الفندقية بمجمع التحرير". 

 

ووقع صندوق مصر السيادي، اتفاقية شراكة مع شركة تنوير للخدمات التعليمية لتطوير المدرسة الخامسة على أرض القرية الكونية بمدينة السادس من أكتوبر. وأضاف الرئيس التنفيذي لـ صندوق مصر السيادي أن "الجهاز المركزي للمحاسبات هو أحد المراقبين على الصندوق"، لافتا: "الصندوق تلقى رأسمال عينيًا، وذلك من خلال المباني والأصول التي تم ضمّها للصندوق، وساهمت في رفع رأس المال". 

 

وأشار: "هناك جهة مستقلة عالمية تراقب الصندوق، وهو أمر معمول به على مستوى العالم"، موضحًا: "الصندوق يطمح لأن تكون له ملاءة مالية بما يمكنه من قدرة على تقديم مساهمات لدعم الاقتصاد الوطني في أي ظروف". وأجاب أيمن سليمان الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي، عن سؤال حول مصير الأرباح التي يحققها الصندوق، مشيرا إلى أن قانون الصندوق ينص على أنه عندما يحقق أرباحًا بنسبة 100% من رأس المال، فيحق له توزيع 20% من أرباحه على وزارة المالية.

استدامة الدخل القومي


وفي عرضه أوضح سليمان أن الهدف الرئيسي من إنشاء الصناديق السيادية حول العالم منذ أربعينيات القرن الماضي هو استدامة مستوى الدخل القومي للدول، من خلال قيام الصناديق بخلق ثروات أو الحفاظ على الثروات الموجودة للأجيال القادمة، وإحداث تنوع في الاقتصاد، وقد تضاعف عدد الصناديق السيادية خلال آخر خمس سنوات..

 

وقد تزايد عدد الصناديق السيادية في منطقة الأسواق الناشئة بهدف خلق أداة أو ذراع اقتصادي للدولة يتعامل مع المتغيرات العالمية والاقتصاد العالمي بمنهجية المشاركة والاستثمار، مضيفا أن جميع الصناديق السيادية بعد كوفيد 19 تحولت أولوياتها إلى دعم الصناعة المحلية، والصناعات الدوائية والغذائية، وكان لدى مصر فرصة لاقتحام القطاعات الاقتصادية الجديدة مثل البنية الأساسية، التكنولوجيا، التحول للاقتصاد الأخضر، حيث أصبحت هذه القطاعات أكبر القطاعات نموا عالميا.


والجدير بالذكر، أن الصندوق نجح  في تنفيذ 16 مشروع حتى عام 2023، بإجمالي 48 مليار جنيه استثمارات، منهم الاستثمارات العينية، مثل حق انتفاع مجمع التحرير، وقد حقق مضاعف استثمار 300 مليون دولار، حق إيجار مبنى وزارة الداخلية حقق مضاعف 800 مليون جنيه استثمار، كما بلغ حجم الاستثمار في المدارس مليار جنيه..

 

 

ويستثمر الصندوق في القطاع المصرفي، وقطاع الزراعة، والتعليم، والفندقة، حيث إن مشروع مربع الوزارات وهي منطقة غنية بالمباني التراثية حيث تتمتع هذه المباني بكل مقومات الحماية من المجلس الأعلى للتنسيق الحضاري، المجلس الأعلى للآثار، حيث سيتم عمل مخطط عام لمنطقة وسط البلد كاملة على غرار مشروع تطوير مجمع التحرير بغرض الاستغلال الأمثل لهذه المباني والحفاظ عليها والحصول على عائد مستدام منها من خلال إنشاء العديد من المشروعات الخدمية والصحية والمحلات والمطاعم وغيرها.

الجريدة الرسمية