رئيس التحرير
عصام كامل

1923.. مائة سنة يا مؤمن!

أتوق في ساعات الصباح وقبل أن أتوه في زحام العمل اليومي، أن أعرج على واحدة من صفحات التاريخ المصري العريق، وقبل أن أبحث هذا الصبح عن كتاب في مكتبتى، وجدت أصابعي تقودني إلى العم جوجل الذي لخص بعض معاناة البحث عن معلومة، أو دراسة أو مقال يملأ مساحة فكرية صباحية.


كان شهر أبريل من العام 1923م موعدا لصدور دستور 23، الذي يعده المؤرخون واحدا من أهم دساتير مصر في تاريخها الحديث، وبموجبه أصبح الشعب المصري صاحب قرار في انتخاب مجلس نيابى يعبر عنه وعن طموحاته ومشكلاته.. أصبح الشعب شريكا في الحكم.

Advertisements


وفي يوليو من نفس العام ألغيت الأحكام العرفية وبدأ الإعداد لانتخابات نيابية لاختيار 264 عضوا بمجلس النواب، و147 عضوا بمجلس الشيوخ، من بينهم 28 عضوا بالتعيين ، وأجريت الانتخابات في يناير من العام التالي أي في عام 1924 م أي منذ مائة عام تقريبا.


نجح حزب الوفد في الفوز بالأغلبية وأصبح سعد زغلول أول رئيس وزراء تمتد جذوره إلى ريف مصر وشكل الحكومة، وألقى خطاب العرش بدلا من الملك، وأصبح لدى مصر مجلس نيابى منتخب انتخابا مباشرا وحرا وديمقراطيا، ليبدأ خوض معركة اللاءات الأربعة ضد الإنجليز للحصول على الاستقلال الكامل لمصر.


ورغم كل الظروف التاريخية المحيطة ورغم توحش القوى الاستعمارية ورغم المشكلات التي كانت تعانى منها مصر إلا أن هذا الشعب ومنذ مائة عام كانت لديه الحرية الكاملة لاختيار ممثليه بعيدا عن الطبل والزمر وأغانى المهرجانات والرقص أمام اللجان.


ورغم أن مصر كانت منفتحة ثقافيا وفنيا واجتماعيا، ولايزال الاحتلال يقبع على صدرها إلا أن الجماهير اختارت حزبا قويا، إيمانا منها باستكمال طريق النضال من أجل الاستقلال التام وخروج القوات الإنجليزية من مصر، وتولى مصر إدارة شئونها الخاصة بما فيها إدارة وحماية قناة السويس.


لم يضبط مواطن مصري من هؤلاء الذين كانوا يعشقون سعد باشا زغلول وحزبه يرقص أمام اللجان، فلم يكن قد ظهر الـ دى جى بعد، ولم يسع حزب الوفد لاجتذاب الناخبين بكراتين الزيت والسكر والدقيق، فلم تكن الحياة السياسية الوليدة قد وصلت إلى هذا المستنقع رغم الفوارق الطبقية.

 


اختار بسطاء مصر مرشحى الوفد وعلى رأسهم سعد زغلول بإرادة حرة ونزيهة، رغم أن البلاد كانت تحت الاحتلال ، وشكل زعيم الوفد أول وزارة، وهي الوزارة التي أطلق عليها وزارة الشعب، وامتدت فصول النضال الوطنى بين جذب وشد مع المحتل تارة ومع الملك وحاشيته تارة إلا أن القول الفصل أنه لم يكن هناك استغلال لحاجة الناس ولا ابتزازهم بفقرهم، ليكملوا مشوار التحرير أو اختيار حزب بعينه.. كانت انتخابات بدون كراتين!

الجريدة الرسمية