رئيس التحرير
عصام كامل

لقائي ببليغ حمدي في محبسه بباريس! (2)

نكمل حديثنا عن بليغ حمدى، من أجمل ما قرأت عن التاريخ الفني للموسيقار العملاق بليغ حمدي أنه تعاون مع كبار المطربين في جيله مثل أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وقدم معهم مجموعة مميزة من الأغنيات التي صنعت نجوميته.


فقبل 90 عاما منحت السماء محبي الفن واحدا من أمهر الملحنين في تاريخ مصر الحديث، ليسكن القلوب ببساطته وإحساسه المرهف وابتسامته المفعمة بالحب.. إنه بليغ حمدي الذي احتل مكانة متقدمة وسط جيل من الموسيقيين الموهوبين.

Advertisements


ولد الموسيقي الملهم بليغ حمدي 7 أكتوبر 1931، وظهرت موهبته منذ الصغر؛ لذا دعمه والده معلم الفيزياء بتعليمه العزف على آلة العود بعمر 9 سنوات، ثم السماح له بدخول مدرسة عبد الحفيظ إمام لدراسة أصول الموسيقى الشرقية.


دفعه شغفه بالموسيقى إلى الالتحاق بمعهد فؤاد الأول للموسيقى بجانب دراسته الحقوق، وحاول عدد كبير من أصدقائه إقناعه بالغناء، كما شجعه وسانده محمد حسن الشجاعي، مستشار الإذاعة المصرية آنذاك، فتشجع وقدم 4 أغنيات بصوته، لكنه أدرك سريعا أن موهبته الحقيقة تكمن في التلحين؛ لذا تراجع عن الغناء وسقط في غرام النوتة الموسيقية.


لعب الفنان الكبير محمد فوزي دورا مؤثرا في حياة بليغ حمدي، والبداية كانت بتقديم الأخير لحن أغنية ماتحبنيش بالشكل ده للراحلة فايزة أحمد، فشعر فوزي أن موسيقاه رشيقة وبسيطة وقرر أن يتعاون معه.

أعمال مميزة


وبمرور الأيام زادت مساحة الصداقة بين المبدعين، ولعب فوزي دورا في تلحين بليغ لـ"كوكب الشرق" أم كلثوم، عندما اعتذر عن تقديم أغنية لها ورشح صديقه بدلا منه، قائلا إنه "أمل مصر في الموسيقى".


بالفعل تعاون المخضرمان وقدما سويا حب إيه عام 1960، التي حققت نجاحا كبيرا وأصبحت علامة مميزة في تاريخ كوكب الشرق، وكانت سبيلا لشهرة بليغ حمدى، ثم قدم معها مجموعة من الأغنيات الرائعة، منها أنساك عام 1961، وظلمنا الحب عام 1962، وبعيد عنك عام 1965، وفات الميعاد 1967 وألف ليلة وليلة عام 1969.


كوكب الشرق لم تكن المخضرمة الوحيدة التي تعاون معها وقدما سويا أعمالا مميزة، إذ توهج بليغ حمدى مع عبدالحليم حافظ ولحن له مجموعة رائعة من الأغنيات، منها: أي دمعة حزن لا، ونبتدي منين الحكاية، وتخونوه، وحاول تفتكرني، ومداح القمر، وعدى النهار، وموعود.


ويعد بليغ حمدي من أهم عوامل نجومية المطربة وردة الجزائرية، التي أحبها وتزوجها عام 1972، وقدم لها مجموعة من أهم الأغنيات التي صنعت نجاحها قبل أن ينفصلا بسبب غيرتها الشديدة من تعاونه مع ميادة الحناوي وسميرة سعيد وفايزة أحمد، مثل: العيون السود، واسمعوني، وحشتوني، وحنين، وعلى الربابة، واحضنوا الأيام. 

 

ألحان بليغ كانت تحقق نجاحا كبيرا دائما؛ لذا تهافت كل عمالقة الغناء عليه معه مثل شادية وصباح وميادة الحناوي ومحمد رشدي وعزيزة جلال وهاني شاكر وعلى الحجار، كما قدم مع المنشد الديني سيد النقشبندي أعمالا مهمة، منها مولاي.


عام 1984 انقلبت حياة بليغ حمدي رأسا على عقب، بالتحديد بعد العثور على جثة الفنانة المغربية سميرة مليان أسفل شرفة منزله، وطالته شائعات واتهامات كثيرة، لذا ترك مصر واستقر في العاصمة الفرنسية باريس 5 سنوات، ولم يعد للقاهرة حتى صدر حكم ببراءته عام 1989.


ورغم أن بليغ حمدي عاد لوطنه لكنه لم يعد لفنه، إذ حال المرض بينه وبين تقديم ألحان مميزة كما اعتاد جمهوره، فهاجمه بشراسة وأجبره على ملازمة الفراش، وفي 13 سبتمبر  1993 رحل عن الدنيا بعمر 62 عاما؛ ليموت ملك الموسيقى، وتظل ألحانه من بعده تملأ الشوارع وتغزو البيوت وتمنح المحبين أجمل اللحظات. رحمه الله عليه.

 


خمس سنوات من الغربة عاشها الموسيقار الكبير بليغ في محبسه داخل حجرته بفندق جورج الخامس، وهواجس القبض عليه إما بحكم إدانة أو أمر مباشر يحاصره من كل جانب، ولذلك كان يخشي مغادرة غرفته أو فندقه إلا في ظروف خاصة، بل ومتخفيا، حتى صدر حكم براءته عام 1989!

الجريدة الرسمية