رئيس التحرير
عصام كامل

طريقة الحوار والمناقشة (2)

عزيزى القارئ تناولنا فى المقال السابق طريقة الحوار والمناقشة، تلك التى تقوم على الحوار اللفظي بين المعلم والطلاب، أو بين الطلاب أنفسهم لتحقيق أهداف الدرس، وهى تعتمد على قيام المعلم بإدارة حوار شفهي خلال موقف التدريس، بهدف الوصول إلى بيانات أو معلومات جديدة. 


ويعتمد الموقف التدريسى خلال استخدام المعلم طريقة الحوار والمناقشة على التساؤل والتفكير والبحث، حيث إن الحوار يرفض الجمود، ويعمل على تلاقى الأفكار المتناقضة والمتعارضة، مما قد يساعد على ظهور نور الحقيقة، وهذا هو ما يدعى بالديالكتيك أو فن توجيه النقاش الذى يقصد به الحوار بين شخصين بحثًا عن الحقيقة فى موضوع ما..

Advertisements

مراحل تقسيم طريقة الحوار والمناقشة

ويمكن تقسيم الأدوار التى يقوم بها المعلم لكى يتقن استخدام طريقة الحوار والمناقشة إلى ثلاث مراحل:

 

 المرحلة الأولى: وتشمل أدوار المعلم قبل الحوار المناقشة، وفيها يُطلب من المعلم تحديد موضوع المناقشة وتوضيح أهدافه، وموعد ومكان المناقشة.

 

بالإضافة إلى تحديد المراجع المناسبة لجمع المادة العلمية الخاصة بموضوع المناقشة، وطريقة تكوين المجموعات وتوضيح حجمها، وأدوار الطلاب ومهامهم داخلها، وكل ما سبق يتطلب إلمام المعلم بآداب وفنون إدارة وتوجيه النقاش، والحرص على الالتزام بها وكذلك الطلاب. 


المرحلة الثانية: وتشمل أدوار المعلم أثناء تنفيذ طريقة الحوار المناقشة وفيها يُطلب من المعلم حسن استخدام الضبط والهدوء داخل قاعة المناقشة، والتأكد من مشاركة جميع الطلاب فى المناقشة، وعدم قصر المناقشة على فئة معينة، ويمكن تحقيق ذلك بالقضاء على أسباب الخوف والخجل، وتنبيه الطلاب إلى عدم الخروج عن قواعد اللقاء والمناقشة (يمكن كتابتها على لوحات كبيرة في غرفة الاجتماع أو الحجرة الدراسية). 


كما يطلب من المعلم ترتيب الطلاب بحيث يرى بعضهم البعض، ومراقبة السلوك لدفع الطلاب وتعزيز مشاركتهم الإيجابية في موضوع المناقشة، والتدخل وتقديم المساعدة عند الحاجة. فضلا عن إثارة اهتمام الطلاب وحفزهم وتدريبهم على طريقة التفكير السليم، والتعبير عن الرأي الخاص بهم فى المناقشة، والعمل على كسر الحواجز النفسية، من خلال التمهيد لمناخ من الثقة والود وإزالة التوتر، بأن يجعل المعلم الجلسة يسودها المتعة والبعد عن الكآبة، وأن يسمح للطلاب بالتعبير عن آرائهم ولو لم يرفعوا أيديهم.


ويطلب من المعلم أيضا الاهتمام بكتابة عناصر الموضوع على السبورة (يفضل أن يكون طالبًا ماهرًا يسجل ويرصد الأفكار).

 وتوجيه المناقشة نحو الأهداف التعليمية المنشودة، وضبط سرعتها، فلا تكون المناقشة سريعة تضيع من خلالها الحقائق، ولا بطيئة تعيق حركتها وحيوتها، ومساعدة الطلاب في عدم الخروج عن موضوع المناقشة الأساسي، وذلك بتلخيص النتائج الرئيسة المستخلصة من الحوار من وقت لآخر. وأخيرا قيادة المناقشة وإثراؤها بما لديه من معرفة علمية وخبرات.


أما المرحلة الثالثة: فتشمل أدوار المعلم بعد تنفيذ طريقة الحوار المناقشة، وفيها يُطلب من المعلم تقديم الشكر للطلاب المشاركين على مساهمتهم المفيدة، مع تكليف بعض الطلاب بعمل نسخة من تقرير الأفكار التى تمت مناقشتها أثناء الحصة والحرص على وصولها لجميع الطلاب، وذلك بعد تصنيف ودمج الأفكار المتشابهة وربط بعضها بالبعض الآخر، وترتيب الأفكار حسب الأهمية أو الواقعية في التنفيذ، أو حسب التكلفة والارتباط بموضوع الدرس أو غير ذلك، ويتم وضع الأفكار التي لا يمكن الاستفادة منها في ملف خارجي. 


كما يطلب من المعلم وضع أسماء الفريق المشارك في الحوار وتوليد الأفكار في مقدمة التقرير. وتقويم الأداء وتقديم التغذية الراجعة، وفحص إنتاج الطلاب، بمعنى تقويم إجاباتهم على الأسئلة، وطريقة تفاعلهم ومشاركاتهم، وتقييم وجهات النظر والأفكار العلمية المطروحة وبيان مدى دقتها وارتباطها بموضوع الدرس.

مميزات التدريس بطريقة الحوار والمناقشة


أما عن مميزات التدريس بطريقة الحوار والمناقشة فيمكن إجمالها فيما يلى:
- تشجع هذه الطريقة الطلاب على احترام بعضهم البعض وتنمي عندهم روح التعاون والجماعة، كما تنمو الدافعية عندهم بما يؤدي إلى نموهم العقلي والمعرفي من خلال القراءة استعدادًا للمناقشة.


- تجعل الطالب إيجابيًا ومحورًا للعملية التعليمية، وهذا ما يتفق والاتجاهات التربوية الحديثة، كما تعد وسيلة مناسبة لتدريب الطلاب على أسلوب الشورى والديمقراطية، ونمو الذات من خلال القدرة على التعبير عنها، والتدريب على النقاش، وعلى مهارات الحوار وحسن الاستماع.


- تسهم فى تنمية ثقة الطلاب بأنفسهم والشعور بالأمان، (إفضاء الطالب بما فى نفسه من أفكار ومعلومات)، وتحفزهم على التفكير، وتدفع عنهم الملل، وتجذب انتباههم، وتخلصهم من التصديق الساذج، حيث تنمي قدرة الطلاب على مناقشة مختلف الآراء وتقبل الصحيح منها، مما يساعدهم على اتخاذ القرار وحل المشكلات. 


- تشجع الطلاب على تطوير مهارات الاتصال والتواصل والتفاعل (مهارات الحديث والتعبير وإدارة الحوار واحترام الرأي الآخر)، كما توفر تغذية راجعة فورية وتقوي الروابط بين المعلم وطلابه، بحيث تكون علاقة المعلم بالطالب قائمة على الاحترام المتبادل والتقدير.


- تتيح للمعلم معرفة الخلفية العلمية والثقافية السابقة لطلابه، كما يمكن له من خلال الأسئلة والأجوبة المطروحة تقدير اتجاهات الطلاب ومدى فهمهم، وقدرتهم على التفكير. وفيها أيضا يتوصل الطلاب إلى المعلومات والمفاهيم والأفكار بأنفسهم (بتوجيه المعلم)، ويتمكن كل طالب من اكتشاف أخطائه بنفسه، من خلال المناقشة فيحاول تعديلها وتصحيحها، والاستفادة من إجابات وأفكار الزملاء.


- تراعي الفروق الفردية بين الطلاب، حيث يقوم كل طالب بأداء ما يناسبه من الأعمال المتفقة مع ميوله، واستعداده وقدراته. كما تحث الطلاب على العمل والنشاط بدافعية ذاتية، فيبحثون حول الموضوع، ويوجهون الأسئلة ويتقبلون الانتقادات. 


- إعطاء الحرية للطلاب للتعبير عن آرائهم، وأفكارهم بكل شجاعة، واستعراض ومناقشة كل ما يبدون به من اقتراحات، والمناقشة الجيدة يمكن أن تولد تعليمًا وتعلمًا جيدًا وخبرة عميقة لدى المتعلمين. 

معوقات طريقة الحوار والمناقشة


عليك عزيزى المعلم أن تحذر من بعض المعوقات التى ترتبط باستخدام طريقة الحوار والمناقشة، ومنها أنك قد تستهلك الكثير من الوقت الذى لا يتوفر ضمن الحصة الدراسية، وأحيانًا يحتكر ويسيطر عدد قليل من الطلاب على الحوار كله، خاصة الذين يجيدون النقاش. 


ولابد من امتلاك المعلم مستوى مرتفع من المهارات في إدارة الوقت وتوجيه النقاش، وإذا لم يحسن المعلم إدارة النقاش تضيع الفائدة منه، وإذا لم يتم تخطيط الأسئلة وإدارة النقاش جيدا فقد يضيع الوقت بمناقشات خارج  الموضوع. كما أنها لا تصلح إذا كانت أعداد الطلاب كبيرة في قاعة الدرس، فقد تؤدى إلى إثارة الفوضى وضياع الوقت.


ومن المعوقات أيضا التدخل الزائد من المعلم في المناقشة، وطغيان فاعلية المعلم في المناقشة على فاعلية التدريس.. واهتمام المعلم والطلاب بالطريقة والأسلوب دون الهدف من الدرس، وقد يتشعب الطلاب إلى نقاط جانبية، ويهملون النقاط التي بدأت المناقشة من أجلها، مما يحوّل المناقشة إلى جدال غير مفيد.

 


 كما قد يتعصب طالب لرأيه، فيعلو صوته، بسبب الحماس الزائد، وقد تصدر منه ألفاظ أو تصرفات غير لائقة.. وقد يغالي المعلم في طرح الأسئلة ويكثر منها لدرجة قد تؤدي إلى تشتت أفكار الطلاب، وخروجهم عن الموضوع، وقد يشجعهم ذلك على التخمين غير العلمي، وخاصة إذا كانت الأسئلة المطروحة غير جيدة الإعداد. وسكوت المعلم عن الإجابات الجماعية يشجع الطلاب على الحوار غير المنظم وعدم متابعة الموضوع العلمي.

الجريدة الرسمية