رئيس التحرير
عصام كامل

توقعات كيسنجر في عامه الـ 100، حرب بين الصين وتايوان، عزلة أمريكا وتفكك روسيا

وزير الخارجية الأمريكي
وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر، فيتو

بعد بلوغه عامه الـ 100، أدلى وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر، بعدد من التصريحات المثيرة كالعادة.

من أهم التصريحات التي ذكرها كيسنجر، خلال حواره مع وكالة "بلومبيرج"؛ أنه يتوقع نشوب حرب بين الصين وتايوان، ونصيحته بالحرص على عدم تفكيك روسيا أو تحويلها إلى دولة عاجزة، محذرا من عزلة الولايات المتحدة، في حالة فشلها في تحقيق التوازن بسياستها الخارجية بين مصالحها مع الدول الأجنبية.

تايوان والصين

وقال كيسنجر إنه يعتقد أن صراعًا عسكريًا محتملًا بين الصين وتايوان سيندلع، إذا استمرت التوترات في مسارها الحالي، رغم أنه شدد على أن الحوار سيؤدي إلى خفض التصعيد، وحض على ذلك.

Advertisements

وأضاف عندما سئل عن احتمال أن تغزو الصين تايوان: "فيما يتعلق بالمسار الحالي للعلاقات، أعتقد أن بعض الصراع العسكري محتمل، لكنني أعتقد أيضًا أن المسار الحالي للعلاقات يجب أن يتغير".

وقال كيسنجر: إن "الأمر متروك لكل من واشنطن وبكين للتراجع عن المواجهة بينهما"، والتي قال إنها على "قمة الهاوية"، متحدثًا قبل أيام من سفر وزير الخارجية أنتوني بلينكن، إلى بكين.

العلاقات بين الولايات المتحدة والصين

ويحظى كيسنجر، مؤلف العديد من الكتب بما في ذلك "عن الصين"، والذي كُتب قبل عام من تولي الرئيس شي جين بينج السلطة، بمتابعة عن كثب لآرائه حول الجغرافيا السياسية الآسيوية، نظرًا لرحلته السرية إلى الصين في عام 1972، ودوره في تطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة والصين في عهد الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون.

وبعد كل هذه السنوات، قال كيسنجر إنه "لا يزال مترددًا بشأن نتيجة التوترات بين الولايات المتحدة والصين، نظرًا لأنهما لم ينخرطا بعد في نوع الحوارات التي اقترحتها"، لكن الشيء الوحيد الذي قال إنه يعرفه على وجه اليقين هو أنه "لا يمكن كسب الحروب بين قوتين عظميين"، أو "لا يمكن الفوز بها إلا بتكاليف غير متناسبة"، وفق تعبيره.

وأردف كيسنجر: "إنه وضع فريد من نوعه، بمعنى أن أكبر تهديد لكل دولة هو تهديد للأخرى، أي أن أكبر تهديد للصين هو أمريكا، في تصورهم، وينطبق الشيء نفسه هنا في أمريكا".

التدخل الروسي

وتطرق كيسنجر إلى التدخل الروسي لأوكرانيا، قائلًا: إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "قد يكافح من أجل التمسك بالسلطة، إذا أجبر الصراع في أوكرانيا، روسيا على التخلي عن العدوان العسكري، وقبول اتفاق سلام مع أوروبا".

وأضاف: "أحب روسيا التي تعترف بأن علاقاتها مع أوروبا يجب أن تقوم على أساس الاتفاق ونوع من الإجماع، وأعتقد أن هذه الحرب، إذا انتهت بشكل صحيح، قد تجعل ذلك قابلًا للتحقيق".

وردًا على سؤال حول ما إذا كان بوتين يمكن أن يبقى في السلطة، إذا انتهى التدخل بهذه الشروط، أجاب كيسنجر: "هذا غير محتمل".

وقال إنه من المهم أن تخرج أوكرانيا من هذا الصراع كدولة ديمقراطية قوية، ويفضل تجنب "تفكك روسيا أو تحويلها إلى (دولة) عاجزة بشكل مثير للاستياء"، مشيرًا إلى أن ذلك يهدد بتأجيج توترات جديدة. 

ووصف بوتين بأنه "شخصية من نوع فيودور دوستويفسكي محاطة بالتناقضات والتطلعات التي لا يمكن تحقيقها"، وأنه "كان قادرًا على ممارسة السلطة كزعيم واستخدمها بشكل مفرط في ما يتعلق بأوكرانيا".

بوتين وريث النظرة الروسية

وقال كيسنجر: إن بوتين كان وريث النظرة الروسية التقليدية، وشخص نشأ في شوارع لينينجراد (سانت بطرسبرج حاليًا)، حيث مات أكثر من نصف السكان بسبب الجوع خلال الحرب العالمية الثانية، وواجهوا تهديدًا مستمرًا.

وأضاف كيسنجر أن بوتين "ترجم ذلك إلى عدم رغبته أبدًا في أن تكون القوة العسكرية الأوروبية سهلة الوصول إلى سان بطرسبرج والمدن الكبرى مثل موسكو، ورد بشكل قريب من اللاعقلانية، على توسعها".

وأوضح أنه في حين أن الولايات المتحدة وحلفاءها كانوا محقين في مقاومة الهجوم الروسي على أوكرانيا، إلا أنه "من المهم بشكل متزايد أن تفكر أطراف الصراع في الطريقة التي يريدون بها إنهاءه من خلال الدبلوماسية". 

وتابع أن هناك "خطرًا" من أن تهيمن العلاقات العسكرية بين القوى على التفكير الجيوسياسي، وتحول الحرب إلى صراع عالمي من خلال جذب دول مثل الصين.

روسيا لا تستطيع غزو أوروبا

وقال في هذا الصدد: "ستصبح أوروبا أكثر استقرارًا، وسيصبح العالم أكثر استقرارًا، عندما تقبل روسيا حقيقة أنها لا تستطيع غزو أوروبا، ولكن يجب أن تظل جزءًا من أوروبا بنوع من الإجماع كما تفعل الدول الأخرى".

لكنه قال: إن روسيا في الوقت الحالي "محطمة لدرجة أنها ترى أنها عامل من عوامل السياسة الدولية في مناطق أخرى، وتصبح موضوعًا للمنافسة الأوروبية بين مختلف الدول".

ويرى كيسنجر دورًا أقوى لبريطانيا في توجيه العلاقات الأمريكية مع الاتحاد الأوروبي من خارج التكتل.

وردًا على سؤال عما إذا كانت بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي في وضع أفضل للمضي قدمًا، قال كيسنجر: إن "الشراكة الخاصة بين بريطانيا والولايات المتحدة تعني أنها في وضع أفضل تاريخيًا لصقل العلاقات عبر المحيط الأطلسي".

وأضاف: "من الناحية النفسية، بريطانيا في وضع أفضل، لأنه في كل بنية من العالم يمكن للمرء أن يتخيل ظهورها، وأيًا كان ما تفعله أوروبا لبنائها، فإنها تتعاون مع أمريكا وتتبع سياسة موازية مع أمريكا. بالنسبة للمملكة المتحدة، يعني هذا أنها فرصة عظيمة للعمل كحلقة وصل بين أوروبا الموحدة وأمريكا".

وقال كيسنجر: "مشكلة بريطانيا هي التواصل، أي كيفية التواصل مع أوروبا، وليس كيفية التواصل مع الولايات المتحدة. بالنسبة لبريطانيا، تبين أن الارتباط بأوروبا غير ممكن، لذلك يجب أن يتم ذلك الآن من خلال السياسة".

 الهند وفيتنام

كما ناقش كيسنجر مسألة صعود الهند كقوة عالمية، لافتًا إلى كيفية تداخل المصالح الهندية مع مصالح الولايات المتحدة، إذ قال: "الهند قوة عظمى، وفي العقود المقبلة ستنمو بشكل مماثل للصين".

كما ناقش كيسنجر التحديات التي يواجهها القادة الألمان في وقت تخاطر فيه القوة المتنامية للبلاد بإبعاد شركائها في الاتحاد الأوروبي، قائلًا إن ألمانيا "تواجه معضلة بشأن قوتها الآخذة في الاتساع".

ورأى كيسنجر، الذي فر من النازيين مع أسرته عندما كان مراهقًا قبل أن يعود إلى ألمانيا كجندي أمريكي خلال الحرب العالمية الثانية، أن مركز الثقل السياسي في أوروبا "يتحول بلا هوادة نحو برلين، ما يمثل تحديًا جديدًا أمام قيادة البلاد".

معضلة ألمانيا

وأشار إلى أن "المأزق الذي تواجهه الدولة الأوروبية ذات الوزن الثقيل هو أفضل السبل لممارسة قوتها المتنامية من دون إبعاد جيرانها"، قائلًا: "يجب أن تكون الدولة الرائدة نموذجًا للاعتدال والحكمة في تحقيق التوازن بين مصالح جميع الدول".

وتتناول تصريحات كيسنجر، الذي يوصف بأنه عميد السياسة الخارجية الأمريكية، معضلة جيوسياسية عصفت بأوروبا منذ القرن الـ 19 بشأن مصير القوة البارزة في القارة.

وأثير ما يسمى بالمسألة الألمانية من جديد في عام 1989، عندما سقط جدار برلين، ما زاد من احتمالية أن تصبح الدولة التي تم توحيدها بطريقة ما، الدولة الأوروبية الأكثر اكتظاظًا بالسكان وأكبر اقتصاد فيها.

لهذا السبب، قال كيسنجر في المقابلة: "لم يكن أي من الزعيمين البريطاني والفرنسي متحمسين لتوحيد ألمانيا، الذي حدث في أكتوبر 1990".

ونما النفوذ الدولي لألمانيا بعد عام 2005، في عهد أنجيلا ميركل، أول مستشارة نشأت في ألمانيا الشرقية السابقة، والتي أصبحت بعد ذلك الزعيمة الأطول خدمة في الاتحاد الأوروبي، إذ حصلت على جائزة "هنري كيسنجر" من الأكاديمية الأمريكية في عام 2020.

ومع ذلك، بدت برلين في كثير من الأحيان قوة عالمية مترددة، وغير راغبة في مضاهاة ثقلها الاقتصادي بقوة سياسية، وهناك دلائل على أن التحفظ قد يتضاءل في عهد المستشار أولاف شولتز، الذي أعلن عن تحول تاريخي في سياسة الدفاع والأمن الألمانية العام الماضي بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. وكانت برلين موردًا رئيسيا للأسلحة والمساعدات للحكومة في كييف.

ويرى كيسنجر أوجه تشابه مع الوضع في نهاية القرن الـ19، عندما تنحى المستشار الألماني الأول، أوتو فون بسمارك، ووضع الدولة الموحدة حديثًا على مفترق طرق.

وقال: إن "المأساة" التي أدت إلى حربين عالميتين بعد بضعة عقود فقط، تكمن في "فشل ألمانيا في الاعتراف بالتحول الخاص بها"، مضيفًا: "الآن تعيش الموقف ذاته مرة أخرى، ولكن بقيادة تفتقر إلى الخبرة من الحرب أو الشمولية. نحن في هذه اللحظة الآن حيث يجب إنشاء هيكل جديد لأوروبا على أساس هذا الواقع. إنه تحدٍ جديد لهذا الجيل".

 

ونقدم لكم من خلال موقع "فيتو"، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية