رئيس التحرير
عصام كامل

الفن وسنينه

المنتج الفنان عملة نادرة!

بعد أن تناولنا في المقال السابق النجم الفنان المنتج، وذكرنا أشهر النجوم الذين ساهموا في النهوض بالسينما المصرية، نتعرض في مقال اليوم للمنتج النجم الفنان، فالمنتج هو الأصل في العملية الفنية، فهو ليس مجرد مصدر للتمويل فقط، بل هو صاحب الرؤية والفكر والنظرة المستقبلية هو فنان ملم بكل عناصر العمل الفني ومراحله، تدرج فيه وعمل ونجح وأبدع بل أنه كتب وأخرج أيضًا بما يشبه المؤسسة الفنية الشاملة! 

 

حيث كانت هذه الصفات تنطبق على معظم معظم المنتجين في العصور الذهبية للسينما المصرية في الخمسينيات والستينيات، التي كانت شاهدة علي وجود منتجين كبار عاشقين للسينما، أعطوها كل جهدهم وفكرهم وأموالهم، فأعطتهم النجاح والشهرة والتاريخ وحب الناس، ولعل الأمثلة على ذلك عديدة، فمن منا لا يتذكر أفلام خالدة مثل، زقاق المدق، وإسلاماه، الوسادة الخالية، رد قلبي، الناصر صلاح الدين ومنتجين عظام مثل رمسيس نجيب، آسيا داغر، حسن رمزي، حلمي رفلة.

Advertisements

 

ولكن بعد رحيل هؤلاء الأساطير، ابتليت السينما بأجيال من بمنتجين لا علاقة لمعظمهم بهذه المهنة الرفيعة من قريب أو من بعيد!، فكانوا دخلاء عليها، دوافعهم الأساسية الكسب السريع فقط وأشياء أخرى بعيدة عن الفن!، ومن ثم جاءت غالبية أفلامهم دون المستوى ومن نوعية أفلام المقاولات والعري والابتذال وكل النوعيات التي جعلت السينما المصرية تعيش أسوأ عصورها منذ فترة التسعينيات حتى الآن!

العميدة والفرعون


لقبت بعميدة المنتجين ورائدة الفيلم التاريخي، حيث كانت من أوائل من أسسوا شركات إنتاج سينمائي لوتس فيلم عام 1927 التي أنتجت عددًا من الأفلام المهمة والجريئة منها.. أمير الانتقام، حياة أو موت، رد قلبي،  الناصر صلاح الدين، الذي أعلنت إفلاسها بسببه حيث تكلف إنتاجه نحو 200 ألف جنيه ولم يحقق سوى نصفهم فقط إيرادات عام 1963!..

 

وكان لآسيا دور كبير في اكتشاف وتقديم عدد من أبرز الفنانين.. صباح، صلاح نظمي، فاتن حمامة كبطلة أول مرة، والمخرجين.. بركات، حسن الإمام، عز الدين ذو الفقار، حسن الصيفي، والمعروف أن أسيا من أصل لبناني وبدأت مشوارها مع الفن كممثلة بالأفلام الصامتة ورغم جدراتها كمنتجة وإقدامها على تقديم روايات الأدباء الكبار مثل يوسف السباعي وإحسان عبد القدوس لم تكن تجيد القراءة ولا الكتابة!


يعتبره الكثيرون أعظم منتج في تاريخ السينما المصرية وأكثر المنتجين غزارة في الإنتاج ب70 فيلمًا ويقولون عليه فرعون الإنتاج وصانع النجوم إنه المنتج النجم الفنان رمسيس نجيب، صاحب أكبر عدد من الأفلام ضمن أفضل مائة فيلمٍ في تاريخ السينما المصرية منها.. الخيط الرفيع، الحب الضائع، الزوجة الثانية، الوسادة الخالية، زقاق المدق.. 

 

كما أنه أكثر من أكتشف وقدم وصنع نجومًا منهم نادية لطفي،  محمود ياسين، محمود عبد العزيز، نجلاء فتحي إضافةً إلى لبنى عبد العزيز التي قدمها في الوسادة الخالية مع العندليب عبد الحليم ثم تزوجها وأنتج لها عددًا من الأفلام.. غرام الأسياد، وإسلاماه، آه من حواء وغيرها، وهو كان متعدد المواهب.. منتجًا، كاتبًا لقصص وسيناريوهات.. جعلوني مجرمًا، الرصاصة لا تزال في جيبي، حتى أخر العمر، مخرجًا لأفلام.. هدى، بهية، غرام الأسياد. 

 

ومن المنتجين الفنانين أيضًا.. حلمي رفلة الذي كان بالأساس ماكيير لكل أفلام أم كلثوم وأفلام لعبد الوهاب وليلى مراد، درس الماكياج في فرنسا ومعه أيضًا التصوير والإخراج، فأخرج أفلامًا جيدة مثل.. فتى أحلامي، معبودة الجماهير، ألمظ وعبده الحامولي، كما كتب أفلامًا منها.. حب وجنون، المجنونة، عاشق الروح، هذه بالطبع إضافةً لإنتاجه مجموعة من الأفلام الرائعة.. نادية، نهر الحب، احنا التلامذة، امرأة في الطريق.


حسن رمزي صاحب شركة أفلام النصر من علامات الإنتاج في السينما المصرية بأفلام كبيرة مثل.. المرأة المجهولة، سيدة القصر، غروب وشروق،  كما كان مخرجًا لأفلام منها.. انتصار الحب، خاتم سليمان،  امرأتان، ومؤلفًا أيضًا ل أعمال منها.. المرأة الأخرى، الليالي الدافئة، الرداء الأبيض.


راقصة وصاحب كباريه ونصاب


للأسف هؤلاء المنتجون العظام الذين ذكرت بعضًا منهم وليس كلهم، من الصعب أن يتكرروا، ولو بحثنا في المهن الأصلية لأغلب الذين اقتحموا مجال الإنتاج السينمائي منذ حقبة التسعينيات إلى الآن، سنكتشف حقائق صادمة ومذهلة؟! فسنجد الراقصة غير المشهورة، والتي تزوجت مخرجًا!، وصاحب الكباريه الذي أنتج بعض الأفلام منها فيلم بطولة محمود عبد العزيز !، وتاجر الأدوات الكهربائية الذي أظلم السينما بعدد من الأفلام التجارية دون المستوى!

 

وهناك أيضًا تاجر المواد الغذائية الذي تزوج من فنانة شهيرة!، وتاجر الأدوات الصحية الذي أنتج فيلمًا لأحد المسؤولين الحاليين بإحدى النقابات الفنية!، وكذلك من المنتجين الذين لا علاقة لهم بالسينما وفشلوا فشلًا ذريعًا.. لاعب الكرة المعتزل والتاجر صاحب أكبر رصيد من أفلام المقاولات، ومن أحدث الدخلاء على الإنتاج السينمائي والذين أساءوا للسينما الذي نصب على عدد من حاجزي  شاليهات بإحدى المدن الساحلية واستولى على مائة مليون جنيه منهم ودخل واقتحم بهم مجال الإنتاج السينمائي وفشل وتم القبض عليه في النهاية!


ورغم كل هذه النماذج السلبية لمنتجين أصبحوا هم وأمثالهم الأكثرية للأسف في السينما في الوقت الحالي، إلا أن هذا لا ينفي وجود مجموعة من المنتجين المحترمين المحبين للسينما والواعيين لأهميتها، الذين قدموا أفلامًا جيدة ومهمة منهم.. الراحل الموزع والمنتج محمد حسن رمزي، هشام عبدالخالق الذي أنتج أفلامًا كبيرة مثل.. تيتو، ولاد العم، الجزيرة ٢، الجريمة.. 

 

 

الأخوان وائل ولؤي عبد الله بأفلام منها.. ملاكي إسكندرية، الرهينة، المصلحة، وأخيرًا يوم 13 أول فيلم عربي 3D، أخيرًا كم أتمنى أن تزداد هذه النوعية من المنتجين الجادين وأن يعود المنتجون الكبار الذين أثروا الساحة السينمائية بأفلامهم الجميلة قبل أن يبتعدوا لأسباب عديدة ومختلفة ويتركوا الملعب لأنصاف المنتجين!

الجريدة الرسمية