رئيس التحرير
عصام كامل

هل أسقط الإعلام مرسى؟


في استبيان أجريته على "فيس بوك"، حول دور الإعلام في إسقاط مرسي جاءت كثير من الردود تؤكد أن الإعلام هو الذي أسقط مرسي، من بين المشاركين في الاستبيان صحفيون وإعلاميون ومذيعون ومنهم نواب رؤساء تحرير – وأتحفظ على ذكر الأسماء. 

فريق آخر، قال إن الإعلام كان له دور كبير في عزله وإن الإعلام كان عاملا محفزا في إسقاط مرسي بالتركيز على سلبياته دون إيجابياته، في حين رأى فريق ثالث أن أخطاء مرسي والإخوان الكارثية ومن يبنها دفعه البلد إلى نزاع دموى هي التي عجلت به وتسببت في عزله.

القول بأن الإعلام هو الذي أسقط مرسي بالثلاثة، كما يقول البعض يعني أن قرار الشعب المصري ليس بيده بل في يد مجموعة من محركي الإعلام وفي يد الجبهات المناهضة للإخوان، ويتناقض ذلك مع حقيقة أن ثورة 25 يناير قامت بفضل شباب الفيس بوك، فكيف لشعب انتفض بفضل شباب واع أن يكون أسيرا لقنوات فضائية، كما أن دراسات الإعلام الحديثة تؤكد أن نظرية "واضع الأجندة" والتي ترسم وتحدد بشكل واضح أولويات الجمهور قد تآكلت بفضل الانفجار التكنولوجي المتمثل في وجود عدد هائل من القنوات الفضائية التي كانت تضم قنوات للإخوان.

الاتجاه الحديث في دراسات الإعلام، يقول إن الجمهور يكون رأيه بعد أن يتعرض لعدد كبير من المصادر الإعلامية وهو يختار ما يناسب أفكاره، الإخوان فشلوا في أن يجذبوا الجمهور بمضماين كانت مثل بالونات الهواء في حين كان الواقع شيئاً آخر، الإعلام المتهم بإسقاط الدكتور مرسي لم يستطع أن يضع الفريق شفيق على كرسي الحكم، كما أن الأخوان جاءوا للسلطة وهم يعلمون أن هناك قطاعا كبيرا من الإعلام يعارضهم فأين كانت آلياتهم لمواجهة هذه القنوات الفضائية، للإعلام أخطاء لكن الإعلام لم يحاصر المحكمة الدستورية، ولم يصدر الإعلان الدستوري الذي شطر الشعب نصفين.

ومع ذلك، فالموضوعية تستلتزم تقييما  لممارسات ووضع الإعلام الحالي الذي ليس هو في الحقيقة أحسن حالاً من إعلام الإخوان، فالإعلام يجب ألا يهدد السلام الاجتماعي والدعوات المتناثرة من هنا وهناك لفض اعتصام رابعة العدوية بالقوة تهدد السلام الاجتماعي وتدخل في إطار التحريض، فالإعلام المؤيد لعزل مرسي ولدعوة الفريق عبد الفتاح السيسي بتفويضه لمواجهة العنف والإرهاب يجب أن يفهم دقة المرحلة وأن ثورة يناير أزاحت عصر الشخصيات لتبني المؤسسات، ثم أزاحت مرسي لأنه بدأ في هدم المؤسسات أو أخونتها. زيادة الشحن الإعلامي ضد اعتصام الإخوان لن يؤدي باعتصام رابعة أن ينفض من تلقاء نفسه ولكنه سيؤدي إلى دماء لن يراها المصريون شربات.

على الإعلام أن يتحلى بالمسئولية الاجتماعية وألا يدعو بشكل غير مباشر إلى مزيد من الدماء، وعلى وزيرة الإعلام فتح جميع القنوات المغلقة فإعلام الإخوان لم يستطع أن يساعد مرسي وهو في السلطة فماذا عساه أن يفعل وهو خارج السلطة؟ استمرار إغلاق القنوات المعبرة عن الإخوان أو المؤيدة له لا يتفق ومطالب ثورة 25 يناير ولا أظن من خرجوا في 30 يونيو كانوا يطالبون بإغلاق القنوات المؤيدة للإخوان. قد يقول البعض إن إغلاق القنوات المؤيدة للإخوان ضرورة، والضرورات تبيح المحظورات، وسيكون الرد على هؤلاء أن الحرية هي الحرية منعها على سبيل الوصاية يعني أنها غير موجودة وعهد مبارك ليس ببعيد.
الجريدة الرسمية