رئيس التحرير
عصام كامل

فرحة عارمة بقدوم المقداد للقاهرة!

ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن العلاقات المصرية السورية, ومن المؤكد لن تكون الأخيرة, فالعلاقة بين البلدين الشقيقين ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ, ولا يمكن أن ننسى تلك اللحظات التي شهدت أول وحدة اندماجية في التاريخ عندما أعلنت في 22 فبراير 1958 قيام الجمهورية العربية المتحدة, بإقليميها الشمالي في سورية والجنوبي في مصر..

 

ورفع العلم المكون من ثلاثة ألوان الأحمر والأبيض والأسود يتوسطهما نجمتان الأولى تشير لسورية والثانية تشير لمصر, وعلى الرغم من عدم استمرار الوحدة طويلا –ثلاثة أعوام فقط– حيث تآمر عليها كثيرون في الداخل والخارج..

 

إلا أن العلاقة بين البلدين الشقيقين ظلت كما هي, فوحدة المصير أكبر من تآمر المتآمرين, فحين قام العدو الصهيوني بعدوانه الغاشم في عام 1967 قاما جيشا البلدين بإزالة آثار العدوان سويا, وقاما معا بالمشاركة في حرب أكتوبر 1973 وتحقيق النصر على العدو الصهيوني.


وعندما قام العدو الامريكي بالتخطيط لمشروعه التقسيمي والتفتيتي لمنطقتنا العربية والمعروف بمشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد كان تركيزه بشكل أساسي على مصر وسورية باعتبارهما البلدين اللذين يشكلان القوة الأكبر في المنطقة بما يمتلكاه من جيشين وطنيين يمكنهما الوقوف في وجه أي مخططات عدوانية..

العلاقات المصرية السورية

وبالفعل حين انطلقت موجة الربيع العربي المزعوم في مطلع العام 2011 وقفت مصر في وجه المخطط العدواني وتمكنت من السيطرة على الوضع الداخلي بعد الإطاحة بالجماعة الإرهابية التي تمكنت من الوصول لسدة الحكم, وكان ذلك الانتصار أحد أهم خطوات إفشال مشروع الشرق الأوسط الكبير..

 

وعلى الجانب الآخر وقف الجيش العربي السوري متصديا للعدوان ولم يسمح للجماعة الإرهابية الوصول لسدة الحكم, لذلك جن جنون العدو الأمريكي وأرسل الإرهابيين من كل أصقاع الأرض إلى سورية لخوض حرب كونية شرسة, وطالت الحرب ولكن في النهاية تمكن الجيش العربي السوري من الانتصار فيها وقام بتجفيف منابع الإرهاب على الأرض العربية السورية, وبذلك فشل مشروع الشرق الأوسط الكبير تماما.


لكن أثناء هذا المخطط العدواني التقسيمي والتفتيتي حاول العدو الأمريكي ضرب العلاقة التاريخية بين البلدين الشقيقين عبر أدواته الإرهابية, فوجدنا رئيس الجماعة الإرهابية في مصر وهو في سدة الحكم وفي يوم 15 يونيو 2013 يجتمع داخل أحد الصالات الرياضية المغطاة باستاد القاهرة الدولي ووسط أكثر من 30 ألف من أنصاره يعلن عن قطع العلاقات مع سورية ويطالب انصاره بالجهاد -الإرهاب- في سورية..

 

وتم الإطاحة بالجماعة الإرهابية من سدة الحكم بعد 15 يوم فقط من إعلان إرهابهم على سورية, وبذلك فشل مخطط ضرب العلاقة بين البلدين الشقيقين. ومنذ ذلك التاريخ والعلاقة بين البلدين تتم في السر خشية من تآمر جديد على العلاقة التاريخية ومرت الأيام والشهور والسنين ثقيلة وكلا الشعبين يتعجب من عدم عودة العلاقات الرسمية بين البلدين والتي قطعها رئيس الجماعة الإرهابية..

 

لكن العالمين ببواطن الأمور كانوا على وعي تام بحقيقة العلاقات والتنسيق الذي يتم من تحت الطاولة طوال الوقت, وعندما ضرب الزلزال سورية قبل شهرين وجدنا أول اتصال مباشر وعلني بين الرئيسين السيسي والأسد, تبعهما زيارة وفد برلماني عربي شارك فيه حنفي جبالي رئيس مجلس النواب المصري, ثم أول زيارة رسمية لدمشق لوزير الخارجية المصري سامح شكري..

 

وبناء على ذلك أكدنا أن عودة العلاقات كاملة في طريقها, وأن هناك لقاء قريب بين الرئيسين السيسي والأسد, لكن أبواق قوى العدوان كانت تؤكد أن التواصل انساني وليس سياسي, ثم جاءت زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد للقاهرة صفعة على وجه كل المتآمرين..

فالمقداد الذي تم استقباله بفرحة عارمة من الشعب المصري جاء يحمل عدد من الملفات الهامة من أجل إنهاء الأزمة السورية, والتنسيق لقمة قريبة بين الرئيسين يعلنا فيها انتصار البلدين على كل مشاريع العدوان, وجاءت زيارة المقداد في يوم العاشر من رمضان يوم النصر على العدو الصهيوني وهي رسالة لكل قوى العدوان بأن مصيرنا واحد وانتصارنا واحد, اللهم بلغت اللهم فاشهد.  

الجريدة الرسمية