رئيس التحرير
عصام كامل

الفول ده هيجنني

كل عام وحضراتكم بخير وسعادة وسرور بمناسبة شهر رمضان المعظم أعاده الله علينا جميعا باليمن والبركات، ومن ضمن طقوس هذا الشهر الثابتة تناول وجبة السحور التي غالبا لا تخلو من الفول المدمس، وأحيانا لا تخلو مائدة الفطور من الفول كذلك، حيث يحلو للكثير تناول بعض اللقيمات من الفول المدمس في الإفطار كما جاء في أغنية من أشهر أغاني رمضان، والتي كتبها حسين السيد، ولحنها محمد الموجي وغنتها صباح مع فؤاد المهندس تحت عنوان "الراجل ده هيجنني".. 

 

فالفول المدمس علامة من علامات رمضان، وهو الوجبة الأساسية للمصريين طوال العام؛ أي إنه محصول استراتيجي من الدرجة الأولى؛ لذا كان من المفترض أن يكون متوافرا في مصر وبأسعار بسيطة، لكن في الحقيقة  شهدت أسعار الفول البلدي ارتفاعا بالأسواق قبل يومين من رمضان..

 

حيث ارتفع الطن بنحو ألفي جنيه ليرتفع السعر بين 26 ألف جنيه و28 ألف جنيه للطن مقابل 24 ألف جنيه للطن قبل أسبوع واحد من رمضان. كما سجل سعر كيلو الفول المستورد 21 ألف جنيه للطن، مقابل 19 ألف جنيه قبل أسبوع. والغريب أن مصر تستورد 90% من الفول الذي تحتاج إليه دائما، وذلك بعدما كان هناك اكتفاء ذاتي إلى فترة السبعينيات.. 

 

حيث تقلصت المساحة الزراعية من الفول ومن الزراعة بصورة عامة بسبب لعنة تبوير الأرض والبناء عليها، وأصبح الوضع صعبا على المواطن، فبعد أن كان يتم استيراد 10 ملايين طن بتكلفة 2.3 مليار دولار، وصلت حاليا إلى أكثر من 5 مليارات دولار، وهذا يضغط على العملة ويؤثر سلبا على مستوى معيشة المواطن.


مصر كانت تصدر قبل سنوات قليلة حوالي 15 ألف طن فول سنويا ومع تناقص الكمية وزيادة الاستهلاك وتراجع الرقعة المزروعة أصدرت الحكومة قرارا بحظر تصدير الفول لتدبير حاجات البلاد من السلعة الزراعية الأكثر استهلاكًا في مصر. 


 استهلاك المصريين من الفول

فالأرقام تشير إلى أن حجم استهلاك المصريين من الفول يصل إلى نحو 500 ألف طن سنويا، أي حوالي 40 ألف طن شهريا وهذه الكمية ترتفع في شهر رمضان، وحجم الإنتاج لا يزيد على 100 ألف طن سنويًا. خطر الاندثار يهدد وجبتنا الرئيسية والتاريخية وواحدة من مصادر الجذب السياحي أيضا رغم تصريحات وزارة الزراعة بأنها تعمل على التوسع في زراعة محصول الفول حتى يمكن الوصول بالمساحة المنزرعة إلى 350 ألف فدان مما يحقق إنتاجا كليا قدره 480 ألف طنا، الأمر الذي يؤدي إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الفول البلدي.


 وقد ارتفعت قيمة واردات مصر من الفول العريض والصغير والعدس بنسبة 27,2% خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2022، مسجلة 311,525 مليون دولار مقابل 244,852 مليون في  الفترة نفسها من 2021. وأوضح الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في نشرة التجارة الخارجية الصادرة أن واردات مصر من هاتين السلعتين ارتفعت بنسبة 85,3% خلال أغسطس لتبلغ 23,876 مليون دولار في مقابل 12,887 مليون في الشهر نفسه من العام الماضي. 

 

ونمت قيمة واردات مصر من الفول العريض والصغير لغير البذار بنسبة 46,8%  لتبلغ 244,8 مليون دولار خلال الفترة من يناير- أغسطس 2022،  في مقابل 166,798 مليون دولار في الفترة المماثلة من 2021، وكذلك خلال أغسطس بنسبة 96,4% لتبلغ 22,774 مليون دولار في مقابل 11,595 مليون. 

 

وفي هذا السياق، قال مصطفى النجاري رئيس لجنة الأرز بالمجلس التصديري للحاصلات الزراعية، إنه يتم استيراد 85% من الفول و95% من العدس، موضحا أن حجم إنتاج مصر من الفول لا يتجاوز 10 إلى 15% من حجم الاستهلاك المحلي، موضحا أن مصر تستهلك قرابة 60 ألف طن شهري ما يعادل 720 ألف طن سنويا. 

 

وأوضح النجاري، أنه يتم الاستيراد من الدول الأوروبية كإنجلترا وألمانيا ولتوانيا، كما تستورد من فرنسا وأستراليا وكندا  وهي مناطق قائمة على تصدير الفول إلى مصر، لافتا إلى أنه وقت حدوث الأزمات كالجفاف الذى أصاب الدول الأوروبية تأثرت المحاصيل وبالتالي ارتفعت الأسعار علاوة على أن بُعد المسافة بين مصر وأستراليا يرفع أسعار.


 وهنا ينبغي أن تقف الدولة وقفة حازمة في سبيل زراعة الفول والتوسع في ذلك، وأجد أن الأراضي الصحراوية القابلة للاستصلاح كثيرة، والأيدي العاملة متوافرة، وخاصة من قطاع السجون حيث من الممكن الاستعانة بالمساجين في الاستصلاح، مع أن يكون لهم عائد من ذلك كأن يمنح المساجين ذوي الأحكام المخففة قطعا من تلك الأراضي للملكية وزراعتها مما سيعود بالنفع عليهم وعلى المجتمع..

 

 

وينبغي كذلك الاستعانة بطلاب المدارس الفنية خاصة مدارس التجارة، فهؤلاء بالملايين ولا يجدون فرص عمل فينحرف الكثير منهم للإدمان وتجارة المخدرات أو العمل على التكاتك وما يصحب ذلك من انحراف، فلو وجهنا طاقة هؤلاء الشباب في عمل مفيد لكان أجدى لهم وللمجتمع كذلك.

الجريدة الرسمية