رئيس التحرير
عصام كامل

أشهد أن سيدنا محمدًا رسول الله

المؤذنون لا يقولون أبدًا “أشهد أن سيدنا محمدًا رسول الله”.. في الأذان.. يحذفون دائما كلمة سيدنا.. لماذا؟! البعض أيضًا يحذف لفظ السيادة في التشهد.. إنهم يحتجون بقول ينسبونه إلى سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: لا تسودوني، رغم أنه قال: أنا سيد ولد آدم ولا فخر.

 

أجمعت الأمة على ثبوت السيادة للنبي، صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى عَلَمِيَّته في السيادة، قال الشرقاوي: "فلفظ سيدنا عَلَمٌ عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وأما ما شذ به البعض للتمسك بظاهر بعض الأحاديث متوهمين تعارضها مع هذا الحكم فلا يُعتَد به".

Advertisements


وردت السيادة في الصلاة على النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، عن الصحابيين الجليلين عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما وأرضاهما؛ فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: "إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَأحْسِنُوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّ ذَلِكَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ"، فَقَالُوا لَهُ: فَعَلِّمْنَا، قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلَاتَكَ وَرَحْمَتَكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَى سَيِّدِ المُرْسَلِينَ وَإِمَامِ المُتَّقِينَ وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، إِمَامِ الخَيْرِ وَقَائِدِ الخَيْرِ وَرَسُولِ الرَّحْمَةِ، اللَّهُمَّ ابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا يَغْبِطُهُ بِهِ الأوَّلُونَ وَالآخِرُونَ..".

استحباب ذكر السيادة في التشهد 

والدليل الشرعي الخارجي الذي دل على استحباب ذكر السيادة في التشهد مع عدم ذكر النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، لها فيه دالٌّ أيضًا على استحباب ذكرها في الأذان والإقامة من غير فرق، كما أن المقصود الأعظم من الأذان الإعلامُ بدخول وقت الصلاة، وهذا المقصود لا ينافيه التأدب مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه بذكر سيادته الدالَّة على تعظيمه وشرف قدره صلى الله عليه وآله وسلم.

 

وقد نص على خصوص استحباب ذكر السيادة في الأذان والإقامة، المتأخرون من الشافعية؛ كالشيخ الشبرامَلِّسي والجمل والشرواني في حواشيهم الفقهية، وكذلك أفتى به شيخ المالكية في عصره الإمام أبو محمد عبد القادر الفاسي، وكان عليه العمل ببعض مدن الإسلام كالقدس ودِمياط وغيرهما، كما ذكره الحافظ أحمد بن الصديق الغماري في “تشنيف الآذان”.

 

 

وقد ألَّف العلّامةُ شهاب الدين أحمد بن يونس الحِميَرِي القُسَنْطيني الجزائري المغربي المالكي رسالةً في ترجيح ذِكر السيادة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة وغيرها، كما ذكر الحافظ السخاوي في ترجمته مِن "الضوء اللامع".

ذِكر الاسم الشريف مقترنًا بالسيادة

وجاء العلامة الحافظ أبو الفيض أحمد بن الصِّدِّيق الغُمّاري الحَسَنِي رحمه الله فألف في هذه المسألة كتابًا حافلًا ماتعًا سماه "تشنيف الآذان بأدلة استحباب السيادة عند ذكر اسمه صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة والإقامة والأذان"، جَمَع فيه كلَّ ما يتعلق باستحباب ذِكر الاسم الشريف مقترنًا بالسيادة، مقرِّرًا أنه لا تَنافيَ بين الأدب والاتباع.. 

 

لأن في السيادة اتباعًا للأمر بتوقيره صلى الله عليه وآله وسلم والنهي عن مخاطبته كما يخاطِب الناسُ بعضُهم بعضًا، وليس في الشرع نهي عن تعظيم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الأذان أو الصلاة، بل من خصائصه صلى الله عليه وآله وسلم أنه هو وحده الذي يمكن أن يخاطبه المصلي دون أن يخرج من صلاته كما سبق.

حب الرسول

حب الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، والصلاة عليه، سبب لزوال الهم، وغفران الذنوب، أي خيري الدنيا والآخرة؛ قال أُبيُّ بن كعب، رضي الله عنه: قلتُ: يا رسول الله؛ إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟

فقال: ما شئت، قال: قلت: الربع، قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف، قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت: فالثلثين، قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك. قلت: أجعل لك صلاتي كلها قال: إذًا تُكفى همك، ويغفر لك ذنبك.. "رواه الترمذي".

 

 

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون، وعلى آله وصحبه.. اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آله، وسلم تسليما كثيرا، عدد خلقك، ورضا نفسك، وزنة عرشك، ومداد كلماتك. اللهم صلِّ علي سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي، وعلى آله وصحبه، بقدر عظمة ذاتك في كل وقت وحين.

الجريدة الرسمية