رئيس التحرير
عصام كامل

القِـيــَــــمُ

القِيَمُ هي القواعدُ التي تقوم عليها الحياة الإنسانية فهي مجموعة من المبادئ التى تكوِّن شخصية الإنسان وسلوكه العام، وهي التي تقوم بتحديد عَلاقات البشر مع بعضهم البعض على أسسٍ قويةٍ ومتينةٍ، كما أنها تُسهِم فى صَلاح المجتمع ووقايته من التدهور والتراجع.


كما أن القِيَمَ تساعد الإنسان على تجاوز مختلف أزمات الحياة بِسهولةٍ بعيدًا عن الإحباط واليأس.
ويرى كثيرٌ من الباحثين أن بعض الاضطراب في المجتمعات يُمكنُ أن يكونَ سببه غياب الالتزام بالقِيَمِ التي تُحدِّد سلوكَ الأفراد وتَوجُهاتهم، فقد وصف «ماسلو» العصرَ الحالي بأنه عصرُ انعدام المعايير، وعصرُ الفراغ، وعصرٌ بلا جذورٍ يفتقد فيه الناسُ الأملَ ويعُـوزُهم وجود ما يعتقدون فيه ويضحُّون من أجله.. 

وفي هذا المجالِ لابدَّ من الإشارةِ إلى أنَّ القيمَ ضروريةٌ ولازمةٌ على المستوى الفردي والجماعي، فهى التي تُهيئ الأساسَ للعمل الفردي، وتُتخَذُ أساسًا للحكم على سلوك الآخرين، وتُمكِّنُ الفردَ من معرفة ما يتوقعه من الآخرين، وتُوجِدُ لدى الفرد إحساسًا بالصواب والخطأ.


القِيَمُ تحفظ للمجتمع بقاءه واستمراريته، وتشهد الحقيقة التاريخية أن قوةَ المجتمعاتِ وضعفَها لا تَتحدَد بالمعايير المادية وحدَها، بل إن بقاءها ووجودها واستمراريتها مرهون بما تملكه من معايير قيمية وخلقية، فهي الأسسُ والموجهاتُ السلوكية التي يُبنَى عليها تَقدُّمُ الأمم.

القيم وتربية النشء


إن الحفاظ على القيم وتربية النشء عليها وتَبنِّي خطابَها الراشد أولوية قصوى للخطباءِ، والدعاةِ، وأصحابِ المنابرِ لمواجهة عاصفة التغريب والذوبان للمجتمعات الإسلامية وطمس هُويتِها، ومحاربة دينِها فى ظل العَولَمةِ التي لا تَعترف بعقيدةٍ ولا دينٍ ولا قوميةٍ.


تلعب وسائل الإعلام التربوي بجانب الأسس المدرسية دورًا أساسيًا في عملية التنشئة الاجتماعية؛ ولذا عليها  تقديمُ مادةٍ ثريةٍ إيجابيةٍ عن روح الانتماء وغَرس قيَمِ الولاءِ للمجتمع وبنائِه وتَقدُّمِه.


ومن هُنا تقع مسئوليةٌ كُبرى علي عَاتق الإعلام التربوي المُوجَّه للصغار والتلاميذ، لأنَّ التعليمَ الذي يُقدَّمُ لهم في المؤسساتِ التعليميةِ وحتى داخل نطاق الأسرة أو وسائل الإعلام التقليدية وحتى الحديثة مثل الكمبيوتر والإنترنت وشبكة التواصل الاجتماعى جعلت هذا الأمر غايةً فى التعقيد والخطورة فى نفس الوقت. 


ومن هنا تظهر الأهمية الضرورية المُلحَّة لتدخُّل وسائل الإعلام بدوره التربوي فى عملية تكملة وتدعيم دور البيت والأسرة والمدرسة والجامعة.


كما أَنَّ للأسرة دورًا كبيرًا ومُهمًّا فى غرس القيم في الأبناء وتُعتَبرُ الأسرة من أهم المؤسساتِ التربويةِ الاجتماعيةِ التي يَعهَد عليها المُجتمع تنشئةَ أفرادِه وتعليمَهم القِيمِ والعاداتِ والتقاليدِ والاتجاهاتِ، فهى أولى الجماعاتِ الاجتماعية التي تَغـرسُ القِيَمَ لدى أطفالِها، وذلك من خلالِ ما تقدِّمُه من النماذجِ الجيدة والقدوةِ والخبراتِ والمعلوماتِ التي تُسْهِم في تنميةِ القِيمِ.

دور المدرسة في غرس القيم


تَلعبُ المدرسةُ دورًا مهما لا يُمكِنُ إغفاله في إعادة وتطوير بناء الإنسان والتربية وليس التعليم فقط من خلال العديد من المصادر وأهمها إعادةُ التنمية المهنية للمعلمين وكافة العاملين وخاصةَ في الجانب الثقافى والقيمي، حتى يتمكن المعلمون من القيام بدورهم وغرس القيم من خلال تفعيل المنهج الخَفي فهو المُكوِّن للسلوك والمعاني والقيم، ومن خلال الأنشطة اللاصَفِّيَّة والأنشطة السمعية والبصرية والمحاضرات التوجيهية التى يلقيها المحاضرون المختصون.


هنا نركز على الدور المُهمِّ للمدرسة والعاملين بها كافةَ فى غرس القيمِ من خلال المناهج المُخطَطِّ لها وغير المُخطَطِّ لها، والقدوة الحسنة من الجميع، وقيام الجميع بإعداد صور وفيديوهات يَطَّلعُ عليها المُتعلمون.


أما من ناحية غرس القِيَمِ فلها العديدُ من الطرق:
أولًا: غرس القيمة بالتحدث عنها وعن قيمتها وجانبها الإيجابى.
ثانيا: التعزيز بتكرار التحدث عن القيمة وأهيمتها فى بناء شخصية الفرد وتماسُك المجتمع.
ثالثا: التفعيل للقيمة والمشاركة فى تفعيلها.

 

 

وبعد أن تعرَّفنَا على أهمية القيم فى إعادة بناء الإنسان وتماسُك المجتمع والدور التربوي لكل المؤسسات في غرسها، ندرك جيدًا أن الإنسانَ بلا قيمةٍ أو مبدأٍ لا يكونُ إنسانًا؛ لأنَّ القيمَ والمبادئ تجعلان الإنسانَ يتصفُ بالصفاتِ الحميدةِ والأخلاقِ الطيبةِ والمعاملاتِ الحسنةِ والرحمةِ والأخلاقِ وحُبِّ الخيرِ للجميعِ.

الجريدة الرسمية