رئيس التحرير
عصام كامل

عندما يصبح الفساد سيد الموقف

رائحة الفساد تزكم الأنوف وحكايات الفاسدين أصبحت على كل لسان، وكلما غابت الشفافية ابتنى اللصوص بيوتا من مال الناس ومن عرق الناس ومن دم الناس.. حطت الطائرة بعجلاتها على مدرج أحد مطارات الهند الدولية، نزل الوزير المصري الذي انتظرته سيارة المراسم تحت الطائرة. 

نظر الوزير إلى السيارة التى تشبه سيارات «فيات آر» القديمة فى مصر، واعترض على رداءة السيارة.. قال له المرافق: إنها سيارة الاستقبال الرسمية فى الهند.. حدث ذلك فى إحدى وزارات عصر مبارك!


انتظر الصحفي المصرى وزيرا هنديا فى أحد المقاهى بعد الخامسة مساء، حيث حدد له الوزير موعدا لإجراء حوار صحفى، لفت نظر الصحفى أن الوزير يستقل «فسبا» صغيرة الحجم ودون حراسة، وعندما سأل الوزير عن السبب، رد الوزير: تحدد موعدنا بعد انتهاء المواعيد الرسمية، وهذه وسيلة مواصلاتى، ولا علاقة لها بمنصبي الحكومي!


رئيس وزراء إحدى الدول الأوروبية الغنية حققوا معه لأنه ثبت استخدامه سيارة الوزارة فى غير أعمال الوزارة.. لم يكن من الرجل إلا أن دفع ثمن البنزين المستخدم واعتذر عن خطئه للشعب.

المال العام في ألمانيا


اصطحبنا المرافق فى جولة بالعاصمة الألمانية برلين وهو يشير إلى بنايات لها تاريخ وأخرى حديثة العهد بعد سقوط سور برلين وتوحيد العاصمة وثالثة لشركة عالمية اتخذت من عاصمتهم موقعا متميزا.. وسط حالة الانبهار لم ينس المرافق أن يقول: هنا رصيف برلين الذى لم يتغير منذ عشرات السنين حرصا على المال العام، فالرصيف كما هو منذ أكثر من أربعين سنة.


وفى ألمانيا للفساد قصص أعجب من العجب، ولكم أن تتصوروا ماذا يفعل اتحاد دافعى الضرائب هناك فى مواجهة هذا الفساد، واتحاد دافعى الضرائب هو تنظيم أو جماعة ضغط لها صوت عال.
 

فى إحدى الولايات الألمانية احتفل وزير النقل بوضع حجر الأساس لتوسيع عدد من الطرق الفيدرالية، فانقلبت الدنيا رأسا على عقب لأن حجر الأساس احتفلوا به مرتين، رغم أن التوسعة لم تكن قد تمت.. هذا إهدار للمال العام.


صعد أحد الأندية واحتاج إلى دعم للإنشاءات قدره مليون ونصف المليون يورو. حصل على الدعم وهبط الفريق مرة أخرى، هذا إهدار للمال العام استوجب تحرك دافعى الضرائب. أزالت إحدى البلديات طلاء الطريق الخاص بالدراجات، وتكلف ذلك ٨٠٠ ألف يورو، وفى هذا الإنفاق ما استدعى دافعى الضرائب للمطالبة بمحاكمة المسئولين.


أعيد تنظيم الاتحاد الألمانى لتكنولوجيا المعلومات، وتكلفت العملية قرابة الثلاثة ملايين ونصف المليون يورو، وقد اعتبر دافعو الضرائب أن هذا الأمر فيه إسراف لا يجب أن يترك دون محاسبة.. أطلقت الحكومة تطبيقا إلكترونيا لتقديم عدد من الخدمات للجماهير، غير أن اتحاد دافعى الضرائب اكتشف أن هناك تطبيقات قائمة تقوم بما يقوم به نفس التطبيق.. هذا إهدار للمال العام!


أقامت الحكومة جدارا خشبيا سميكا بحديقة ماكس إيث بولاية شتوتجارت لحماية الطيور والحيوانات بالحديقة وتكلف هذا الأمر ٨٥ ألف يورو، قامت الدنيا ولا تزال قائمة بسبب الإنفاق الباهظ.
 

 

عشرات القصص والحكايات تأتينا من بلاد أوروبا وغيرها من البلاد التي أصبح فيها المواطن هو المالك الحقيقى والحاكم الحقيقي، وهو صاحب القول الفصل.. بلاد أصبح فيها الحاكم مقيدا بالقسم وبالقوانين والدساتير.. بلاد يستمد فيها الحاكم شرعيته من الناس، ويصبح هو السيد والأقوى بالناس وليس بغيرهم، فإن رأى الناس غير ما يرى أتوا بغيره دون ضرر أو ضرار.. عشرات القصص والحكايات نقرأها ونتعجب لها وبها عن مواقف الشفافية والتقشف والحرص على المال العام.

الجريدة الرسمية