رئيس التحرير
عصام كامل

تفاؤل من واقع قراءة بيان البنك المركزي الأخير

عند النظر بروية للبيان الصحفي الصادر مؤخرا من البنك المركزي نجد أن ذلك البيان تضمن الكثير من الإيجابيات، وحمل روح الطمأنة للمصريين البسطاء الذين قد ينخدعون في إشاعات المروجة من قبل الجماعة الإرهابية والتي مفادها أن الاقتصاد المصري سيدمر، وسيرتفع الدولار إلى 100 جنيه، والخ، من الخزعبلات والإشاعات التي يستهدفون بها دمر البلاد لصالح أسيادهم من مخابرات الدول الأجنبية المعادية لمصر..

 

وقد لمست بنفسي حالة من الإحباط واليأس أصابت الكثير من المصريين من جراء تلك الإشاعات، وبسبب ارتفاع الأسعار وموجة الغلاء الكبرى وتخوفا من القادم، لكن ذلك البيان نجح في توضيح الحقائق مقدمة بصورة شفافة، يشرف عليها صندوق النقد الدولي والكثير من المؤسسات العالمية الاقتصادية.. 

 

بما يعني أن البيان لا يمكن أن يغفل أو يجمل أي حقيقة؛ لأن كل شيء مرصود تماما من قبل الجهات والمؤسسات الدولية، وقد ذكر البيان أن الدولار كان قد ارتفع مقابل الجنيه في يوم تحرير الجنيه تحريرا تاما أو يوم الأربعاء الحادي عشر من يناير الجاري، حيث وصل إلى نحو 32 جنيها قبل أن يبدأ السعر في الهبوط ليسجل 29.71 جنيه بنهاية تعاملات يوم الأربعاء ذاته.


ورغم ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه في البنك ذاته ليصل إلى 32 جنيها إلا أن ذلك أفاد فائدة كبرى، فبذلك وجد المصريون في الخارج أن سوق الدولار في البنك رائجة ومربحة فبدؤوا في إرسال الدولارات بكثافة للبنوك؛ مما زاد من حصيلة الدولار، وبالتالي انخفض السعر إلى 60،29 جنيه، وبعد ذلك التحرير تم رصد عمليات دخول مستثمرين أجانب للسوق المصرية مرة أخرى، بمبالغ تخطت الـ925 مليون دولار أمريكي. 

إدارة جيدة للأزمة 

بالإضافة إلى طفرة كبيرة في مبالغ التداول في سوق الإنتربنك خلال الأيام الماضية، حيث سجلت مبالغ التداول زيادة تجاوزت الـ 20 ضعف مقارنة بالمبالغ اليومية المسجلة مؤخرًا، وتغطية أكثر من 2 مليار دولار من طلبات المستوردين المصريين خلال ثلاثة أيام فقط، بخلاف تغطية طلبات أخرى لعملاء البنوك المصرية، بما يؤكد قدرة القطاع المصرفي في تغطية طلبات تدبير العملة المعلقة للمستوردين في أقرب وقت وذلك يؤكد نجاح البنك المركزى المصرى في معركة احتواء الأزمة العالمية التي ألقت بظلالها على جميع اقتصادات العالم.


وقد تمكن محافظ البنك المركزي من إدارة الأزمة بذكاء واقتدار جعلت السياسة المالية للبنك في قمة النجاح، وحافظت على سعر الدولار في المتناول بعد التحرير، وأنهت السوق الموازية للدولار تماما، ودبرت اعتمادات دولارية للمستوردين وللإفراج عن البضائع في المواني، فقاد حربا شرسة للحفاظ على استقرار الأسواق المالية المحلية، حيث كادت موجات التضخم أن تفقد ثقة المتعاملين في احتفاظهم بالعملة المحلية لولا التدخل السريع بتحريك سعر الصرف وطرح الشهادات بعائد ال 25%. 

 

بالإضافة إلى القرارات والقوانين المُتخذة من قبل الحكومة المصرية والبنك المركزي خلال الفترة القليلة الماضية لدفع عجلة الاقتصاد المصري، أثمرت نتائجها عن أن حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي المصري شهد ارتفاعا بقيمة 470 مليون دولار خلال شهر ديسمبر، ليصل إلى 34 مليار دولار، مقابل 33.53 مليار دولار بنهاية شهر نوفمبر.. 

 

حيث استمر الاحتياطي النقدي الأجنبي في الارتفاع للشهر الرابع على التوالي، ليحقق زيادة تتجاوز الـ 860 مليون دولار خلال أخر أربعة أشهر. وسجل الاحتياطي النقدي الأجنبي بنهاية شهر ديسمبر أعلى مستوى له منذ مايو 2022، بما يغطي نحو 5.4 أشهر من الواردات الخارجية لمصر، وهو ما يتجاوز مقاييس كفاية الاحتياطي وفقًا للمعايير الدولية.


وبين بيان البنك أن ذلك يؤكد على قدرة القطاع المصرفي في تغطية طلبات تدبير العملة المعلقة للمستوردين في أقرب وقت. وأشار البيان إلى أن البنوك تقوم بالترويج لعمليات المشتقات المالية بسوق الصرف، بهدف تقديم خدمة مالية متكاملة تتيح لعملاء البنوك التحوط ضد مخاطر تذبذبات أسعار الصرف. 

إحكام الرقابة على النقد الاجنبي

وبحسب  تصريحات رئيس مجلس إدارة بنك مصر، محمد الإتربي، أقدم أشخاص على بيع الدولار والعملات الأجنبية لشراء شهادات الادخار الجديدة ذات العائد 25% من بنكي الأهلي ومصر، أو يربطون ودائعهم بهذه الشهادة للحصول على العائد الكبير عليها، والذي يعد الأعلى في تاريخ الجهاز المصرفي. وسارع الكثير إلى بيع ما لديهم من دولارات تخوفا من خسارتهم بعد ما اشتروه بمبالغ كبيرة، إذ هبط بقوة في السوق الموازية، بعد ما تخطى 38 جنيهًا في وقت سابق.


من نجاح البنك المركزي نجد أنه قد رصد في السابق مجموعة من الممارسات غير المشروعة التي تتعلق بسوق النقد الأجنبي، والتي تستهدف زعزعة الاستقرار النقدي والمالي للبلاد بالمخالفة لأحكام القانون، وكذا محاولة تحقيق أرباح سريعة بطرق غير مشروعة..

 

ووجد زيادة مطردة في الاستخدامات الخاصة ببطاقات الائتمان وبطاقات الخصم المباشر خارج البلاد، على الرغم من تواجد العملاء المصدر لصالحهم هذه البطاقات داخل البلاد، حيث بلغت ذروتها بمبالغ تصل إلى 55 مليون دولار في يوم واحد بزيادة تقدر بأكثر من 5 أضعاف عن المتوسط اليومي في الربع الأخير من العام السابق. واستدعى ذلك اتخاذ الإجراءات والضوابط التي تحظر إساءة استخدام البطاقات الائتمانية وبطاقات الخصم المباشر للعملاء الذين يثبت عدم مغادرتهم للبلاد، وكذا أحكام الرقابة على طلبات تدبير النقد الأجنبي لأغراض السفر للخارج.

 

 

كما أصدر البنك المركزي تعليمات مشددة للبنوك بمراعاة وضع حدود كافية لتلبية الاحتياجات الفعلية للعملاء من النقد الأجنبي خاصة لأغراض التعليم والعلاج من خلال البطاقات مع الإبقاء على الحدود السابقة للعملاء الموجودين بالخارج قبل صدور الضوابط الجديدة في 22 ديسمبر 2022، وكذلك عدم التقيد بأي حدود على بطاقات العملاء الذين لديهم حسابات بالعملة الأجنبية، ويتم سداد استخداماتها بالعملة ذاتها.

الجريدة الرسمية