رئيس التحرير
عصام كامل

الفن وسنينه

نبيل الجميل.. الإيرادات ليست شهادة جودة؟!

ليس هناك أدنى شك في أن كل منتجي الأفلام يطمحون إلى تحقيق إيرادات كبيرة في شباك التذاكر وتزداد سعادتهم كلما تحقق لهم المزيد من هذه الإيرادات، لأنه بدون ذلك لن يتمكنوا من الاستمرار في العملية الإنتاجية، وكذلك نجم الفيلم -أو نجمته- والذي يهمه بالدرجة الأولى أن يتصدر فيلمه الشباك كي يرتفع أجره أكثر فأكثر، وتتضاعف نجوميته وهو طموح مشروع أيضًا للمخرج وللمؤلف وباقي العناصر..

ولكن هل الإيرادات المرتفعة تعد دليلًا على جودة العمل واكتماله وتميز عناصره كافةً ؟ لا أعتقد ذلك! قد تكون الإيرادات الجيدة أحد العناصر والمؤشرات على جودة الفيلم ونجاحه على المستوى الفني والجماهيري ولكنها بدون باقي العناصر من كتابة وتمثيل وإخراج وتصوير وإنتاج وغيرها من  مكونات العمل السينمائي لا تصبح شيئًا سينمائيًا مهمًا..

فكثيرًا ما حصدت أفلامًا أعلى الإيرادات ولكنها كانت ضعيفة أو متوسطة فنيًا والأمثلة كثيرة في هذا السياق، وعلى العكس من ذلك هناك تجارب سينمائية متميزة جدًا بشهادة النقاد والسينمائيين ولكن خاصمها النجاح والإيرادات بل وفشلت وتسببت في إفلاس منتجيها! 

ومن ثم فالإيرادات الجيدة ليست دليلًا على جودة الفيلم لأن الإيرادات تحكمها عوامل أخرى إضافة للجودة، منها توقيت عرض الفيلم وظروفه الخاصة وظروف ومزاج الجمهور وقد تكون للأحوال السياسية والاقتصادية دورًا أيضا، ودعايته والأفلام المعروضة معه في نفس التوقيت وشعبيته ونجومية بطله أو بطلته وغيرها من العوامل.

 

أعلى الأفلام إيرادًا في التاريخ


بنظرة سريعة على قائمة أكثر 10 أفلامًا تحقيقًا للإيرادات في تاريخ السينما المصرية سنكتشف أن بعضها متوسط المستوى فنيًا بل ومنها ما هو دون المستوى أيضًا! وهو ما يعطي مؤشرًا على أن شباك التذاكر ليس دليلًا قاطعًا على تميز الفيلم فنيًا وفكريًا. وقائمة هذه الأفلام الأعلى إيرادًا هي:


١- كيرة والجن وبلغت إيراداته 120 مليون جنيه بطولة كريم عبد العزيز وأحمد عز.
٢- الفيل الأزرق ٢ وحقق إيرادات نحو 104 ملايينن جنيه وهو لنفس ثلاثي كيرة والجن، المؤلف أحمد مراد والمخرج مروان حامد والفنان كريم عبد العزيز.
٣- ولاد رزق ٢ وحقق 101 مليون جنيه لأحمد عز وعمرو يوسف والمخرج طارق العريان.
٤- كازابلانكا لأمير كرارة وغادة عادل وإياد نصار، تأليف هشام هلال وإخراج بيتر ميمي وحقق 79 مليون جنيه.
٥- الممر وحصد 74 مليونا و500 ألف جنيه إنتاج 2019 وبطولة أحمد عز وإياد نصار.
٦- البدلة وتجاوزت ايراداته 67 مليون جنيه للمطرب تامر حسني وأكرم حسني ومستوحى من الفيلم الأمريكي Let’s be cops.

٧-واحد تاني وحقق 63 مليون جنيه رغم الانتقادات الكثيرة التي تعرض لها لضعف مستواه وحبكته وبطولة أحمد حلمي.
٨- نادي الرجال السري وتخطت إيراداته الـ 59 مليون جنيه ولعب بطولته كريم عبد العزيز وماجد الكدواني.
٩- العارف لأحمد عز وبلغت إيراداته 59 مليونا و500 الف جنيه.
١٠- الإنس والنمس وحقق 58 مليون جنيه بطولة محمد هنيدي ومنة شلبي.


وهناك أفلام أخرى حصدت إيراداتً مرتفعةً جدا رغم عدم تمتعها بالمستوى المرتفع فنيًا من أشهرها.. صعيدي في الجامعة الأمريكية لمحمد هنيدي وحصد 27 مليون جنيه عام 1998 وهو بحساب التضخم وسعر الدولار وقتها '3 جنيه ونصف' وسعره حاليًا يتخطى الـ ٢٥٠ مليون جنيه!، بوحة لمحمد سعد وحقق 26 مليون جنيه عام 2005 توازي 180 مليون جنيه حاليًا، اللي بالي بالك لمحمد سعد أيضًا وحصد 19 مليونًا عام 2003 نحو 150مليونًا بأسعار الآن.


أفلام خالدة فشلت سينمائيًا وأنصفها التليفزيون

 

من الصعب التخيل أن الأفلام التي سنورد ذكرها في السطور التالية قد فشلت فشلًا ذريعًا في شباك التذاكر أوقات عرضها رغم التميز الفني الشديد لكل عناصرها إنتاجًا وإخراجًا وتأليفًا وتمثيلًا بل ان معظمها صار من كلاسيكيات السينما المصرية وجاء ضمن قائمة أفضل مائة فيلمًا في التاريخ! والدليل انها عند عرضها تليفزيونيًا  بعد ذلك بسنوات نالت كل تقدير وإعجاب المشاهدين وصاروا لا يملون من تكرار عرضها عشرات المرات! 

 

ومن هذه الأفلام على سبيل المثال لا الحصر.. الناصر صلاح الدين الذي يعد أكبر وأضخم فيلم في تاريخ السينما المصرية منذ بدايتها حتى حقبة الستينيات، بطولة كوكبة من النجوم الكبار أحمد مظهر وليلى فوزي وصلاح ذو الفقار ونادية لطفي وحسين رياض ومحمود المليجي إخراج يوسف شاهين وتكلف وقتها -عام1963- 200 ألف جنيه وهو رقم خيالي آنذاك جعل منتجته آسيا داغر تستدين لتنفيذه ثم تعلن إفلاسها بعد فشله في الإيرادات!


باب الحديد بطولة فريد شوقي وهند رستم والمخرج يوسف شاهين إنتاج 1958 وقد سقط سقوطًا مروعًا في شباك التذاكر ووصل الأمر إلى تحطيم الجمهور لقاعة العرض مطالبين باسترداد ثمن تذاكرهم؟! وذلك رغم أن هذا الفيلم من أنضج أفلام شاهين ومن أكثرها جودة!.


شيء من الخوف للعملاق محمود مرسي وشادية وإخراج حسين كمال وإنتاج 1969 تأليف ثروت اباظة وقد فسر الجمهور شخصية عتريس على أنها ترمز للزعيم المحبوب وقتها جمال عبد الناصر فقاطع الفيلم مما أدى إلى فشله في شباك التذاكر!


نبيل الجميل أخصائي تجميل


لعل أحدث الأمثلة على عدم الارتباط بين جودة الفيلم والإيرادات العالية هو فيلم نجم الكوميديا محمد هنيدي الجديد نبيل الجميل أخصائي تجميل مع نور ومحمد سلام ومادلين طبر تأليف أمين جمال ومحمد محرز وإخراج خالد مرعي وأول إنتاج لهنيدي والذي حقق 20 مليون جنيه في أسبوعين عرض حتى الآن..

 

 

وهو بالطبع من النوع الكوميدي وذلك على الرغم من سذاجة وتكرار موضوعه وعدم منطقية بعض أحداثه خاصة فيما يتعلق بدور هنيدي الطبيب الشاب في بداية حياته! وهو ما عكسته أغلب آراء النقاد وبعض الجماهير الذين وجدوا أن الفنان محمد سلام هو أفضل من في الفيلم الذي يعد من أقل أفلام هنيدي في السنوات الأخيرة وإيراداته خادعة مبعثها في المقام الأول شعبية هنيدي ونجوميته وتوقيت عرضه حيث عرض وحده في وقت ليس به أفلام جديدة خاصة الكوميدية منها.

الجريدة الرسمية