رئيس التحرير
عصام كامل

زراعة الأمل.. مفتاح المستقبل!

ليس أحب إلى الله من سرور تدخله على قلب عباده المحتاجين؛ وأكثر الناس احتياجًا للدعم هم الفقراء والمرضى.. ولقد أثلج صدرى ما قرأته منذ أيام عن نجاح أول عملية زراعة رئة في مصر؛ وهو إنجاز طبي لو تعلمون عظيم؛ ذلك أنه يعطي دلالات ورسائل إيجابية بقدر من يمنح طاقة أمل وثقة فيما نملكه من عقول وكفاءات وخبرات يسندها تاريخ حضاري عريق ومتنوع كأقدم الحضارات على وجه الأرض.


نجاح  أول عملية زراعة رئة في مصر إنجاز طبي جدير بالحفاوة والإشادة؛ تحفيزًا للناجحين، وابتعاثًا للهمم لمزيد من الإنجاز الإبداع في حقول ومجالات ما أحوجنا إليها.. هذا النجاح يحسب لجامعة عين شمس تحت قيادة المبدع الصديق الدكتور محمود المتيني رئيس الجامعة، أستاذ الجراحة العامة، وأبرز رواد زراعة الكبد في مصر.. 

 

جامعة عين شمس احتضنت هذا الحدث الفريد في مستشفاها التخصصي.. وقد نجحت العملية بعد تحضيرات دامت 4 سنوات وبتكلفة بلغت مليوني جنيه، تحملتها الجامعة بالكامل.. واستغرقت الجراحة نحو 14 ساعة بمشاركة فريق طبي مكون من 60 كادرطبي يتقدمهم الدكتور ياسر مصطفى أستاذ أمراض الصدر.
مثل هذا الإنجاز نجاح بنكهة محلية، يعطي دلالات واضحة لمن يشككون في إنجازاتنا وقدراتنا أننا رغم كل الظروف والتحديات قادرون على تحقيق النجاح بجدارة متى توفرت الإرادة والتدريب اللازم والدعم المحفز سواء من المجتمع أو الدولة على السواء.

نجاح أول عملية زرع رئة


نقل الرئة وزراعتها جرت لفتاة تدعى سحر شفاها الله في الثلاثين من عمرها.. وتمت الجراحة في 3 غرف عمليات في وقت متزامن، وقام بها أطباء في تخصصات مختلفة سواء أمراض صدر أو جراحة صدر وتخدير وقلب وأوعية دموية، وهي فوق أنها قصة نجاح لأول عملية زراعة رئة في مصر؛ فهي نموذج إنساني يجسد قيمة التضحية والإيثار كتبها مصريون باقتدار..

حيث تبرع الشقيقان؛ جمعة وكامل، لأختهما بفصي رئة دون تردد بعد معاناتها لسنوات طويلة مع الفشل التنفسي الذي كاد يودي بحياتها.. وما يضاعف جرعات الأمل أن حالتها تتحسن يوما تلو الآخر، رغم وجودها تحت الملاحظة بالعناية المركزة.


هذا الأمل الذي ولد على أيدي مصريين نابهين يعطينا رسائل أمل بأن القادم أفضل إن شاء الله ما دام في بلدنا أناس على هذا القدر من التميز والإبداع.. وهم كثر وموجودون في كل مجال وفي كل الأعمار.. فقط يحتاجون من يعيد اكتشافهم ويوفر لهم الدعم والتحفيز حتى يواصلوا العطاء.. هؤلاء هم النجوم الحقيقيون الذين يخففون آلام المرضى ويصنعون بهجة الأمل ويعيدون للناس بسمتهم وليس من يتصدرون التريندات ويقدمون الغث والمبتذل على صفحات التواصل والشاشات..


هؤلاء هم المبدعون الحقيقيون والأمل الحقيقي ومفتاح المستقبل الذين يجب أن نحتفي بهم ونوفر لهم التمويل والدعم بكل أشكاله حتى يستمروا معنا هنا ولا يهاجروا كما فعل غيرهم تحت وطأة الإهمال وأعداء النجاح.. هؤلاء هم من يستطيعون أن يصنعوا الفارق.. أن ينتشلوا مجتمعاتنا من أزماتها..

 

 

فالعلم هو مفتاح المستقبل كما كان في كل عصر.. أروني أمة تقدمت في غيبة العلم.. أروني حضارة ارتفعت أعمدتها دون علماء أفذاذ ومخترعون عباقرة.. نتمنى أن ندعم كل مبتكر.. كل مبدع في مجاله وخصوصًا في ميادين الإنتاج والدواء والغذاء.. ويوم أن نملك إنتاج غذاءنا ودواءنا وكساءنا وسلاحنا فقد امتلكنا مفاتيح المستقبل.. ونحن بالفعل نستطيع!

الجريدة الرسمية