رئيس التحرير
عصام كامل

استنساخ الشيخ كشك!!

زمان، كان الشيخ عبد الحميد كشك يأسر قلوب وأفئدة المصلين، بألفاظه الجزلة، ولغته القوية، وعباراته الرصينة، وحكاياته الشيقة، والرقائق المؤثرة. فكانت له شعبية هائلة، وكان رواد مسجد عين الحياة بمنطقة دير الملاك، وبالتحديد بشارع مصر والسودان، يناهزون عدة آلاف..

لدرجة أن المسجد أقيم فوقه طابقان، إضافة إلى الناس الذين كانوا يصلون في الشوارع، وفي شرفات منازلهم. كنا إذا صلينا خلفه الجمعة، كثيرًا ما كان العصر يؤذن قبل أن نصل إلى بيوتنا.

خطبة الشيخ كشك

أي أن خطبته كانت تطول بالساعات، دون أن نمل أو نكل، نجلس مستمتعين بخطبة الشيخ كشك، وكلنا يقين بأن كل ما يتفوه به هو الحق. 

مشكلة الشيخ كشك هي التنمر، فكان يمارس السخرية من رموز المجتمع؛ الفن والرياضة، بل والسياسيين، والقادة.

ظل الشيخ كشك لفترة طويلة جدًّا يمارس هوايته التقليدية في انتقاد الجميع، لا سيما المشاهير؛ أم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب، وعبد الحليم حافظ، وفريد الأطرش، وأنيس منصور، وإحسان عبد القدوس، ونجيب محفوظ، وغيرهم كثيرزن..

 

استحوز كشك على إعجاب الملايين، ولكنه تعرض للسجن عام 1965م، وظل بالمعتقل نحو عامين ونصف، لكنه خرج أسوأ من ذي قبل، وأشد ضراوة، وأخطر على الحكومة، والقوة الناعمة المصرية، ورموز المجتمع.

قرارات سبتمبر الشهيرة

ألقي القبض عليه فى عام 1981 مع عدد من المعارضين السياسيين، ضمن قرارات سبتمبر الشهيرة للرئيس الراحل محمد أنور السادات، وتم الإفراج عنه عام 1982، ولكنه لم يعد إلى مسجده الذى منع منه، كما منع من الخطابة أو إلقاء الدروس.

الغريب أن الدولة كانت تسمح له بحرية الكلام، على مرأى ومسمع من الجميع، لما يقرب من 20 عامًا، حتى توفي في ديسمبر من عام 1996 م. لكن خطب الشيخ كشك كانت وراء أفكار التشدد والتطرف.

عودة مدرسة كشك

مدرسة الشيخ كشك عادت بالفعل، بفضل تراخي قبضة وزارة الأوقاف على المساجد العشوائية التي تفشت بصورة عشوائية في المناطق الشعبية، ويؤم صلاة الجمعة فيها خطباء غير مؤهلين، ولا مثقفين، لا يجيدون سوى تقليد الشيخ كشك والسير على دربه، وربما استنساخ خطبه.

خطباء بلغ منهم الجهل بحقيقة الإسلام، وسماحة الدين الحنيف. لايعرفون من الإسلام سوى القشور، وحكايات الجهاد، والفتوحات، والسيف.

 السخرية والتنمر على الناس

لا يحلو لهم إلا السخرية والتنمر على الناس، وخاصة الشباب، ينتقدون استخدامهم للإنترنت، وشبكات التواصل الاجتماعي، دون تقديم حلول، ولا بدائل، ودون وعي بفوائد وحسنات تلك الوسائط، والاستخدامات الطيبة لها.

أيضًا لا تسعف الثقافة الشخصية هؤلاء الأئمة، الذين يتم اختيارهم بطريقة عشوائية، لمعرفة أبعاد وتفاصيل استخدامات شبكة الإنترنت، ووسائل التواصل، لكي يدركوا المخاطر الحقيقية للاستخدامات الخاطئة لها، والممارسات المنحرفة، والتصرفات غير المشروعة الناجمة عن ذلك.

 تزايد ظاهرة الانتحار

لم يتحدث أحدهم مثلا عن تزايد ظاهرة الانتحار، والتخلص من الحياة، والتي ترجع في أحد أهم أسبابها إلى بعض الألعاب التي تستهوي الشباب، وعلى رأسها لعبة تشارلي. لم يطالب أحدهم أولياء الأمور بتخصيص جزء من وقتهم لأبنائهم لمحاورتهم، ومعرفة أفكارهم، والنقاش معهم، لعل ذلك يكون فيه إنقاذ الشباب من محنتهم.

 

 

لم يتحدث أحد هؤلاء الأئمة إلى الشباب ليؤكد لهم أن الأمل موجود، وأن الإيمان فيه الحل لكل المشكلات، وأن الفشل في الدراسة، أو الحب، أو العثور على فرصة عمل ليس نهاية الدنيا. أليس ذلك أجدى من التنمر والسخرية والاستهزاء وتوجيه سهام الانتقادات هنا وهناك، إلى خلق الله؟!

الجريدة الرسمية